صدام واتهامات بين إدارة السجون والوكلاء العاميين للملك بسبب عدم ترشيد الاعتقال وملء السجون بوتيرة عالية

 صدام واتهامات بين إدارة السجون والوكلاء العاميين للملك بسبب عدم ترشيد الاعتقال وملء السجون بوتيرة عالية

تسبب بلاغ المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج الذي عبرت فيه عن قلقها بخصوص ارتفاع عدد ساكنة المؤسسات السجنية، في صداما مع القضاة والوكلاء العامين للملك واثار حفيظتهم، إذ أشارت المندوبية إلى أن اكتظاظ المؤسسات السجنية ناتج عن “الوتيرة الحالية” للاعتقال، داعية السلطات القضائية والإدارية إلى الإسراع لإيجاد حلول كفيلة بحل إشكالية الاكتظاظ في المؤسسات المذكورة.

دراع القضاة والناطق بلسان حالهم، اخرجه بلاغ مندوبية السجون، فيما التزم المجلس الأعلى للسلطة القضائية الصمت والوقار لمؤسسات الدولة، فإن عبد الرزاق الجباري، رئيس نادي قضاة المغرب، عمم تصريح صحافي قال فيه إن توجيه تلك الدعوة إليه من لدن إدارة حكومية تختص حصرا في تنفيذ الأحكام القضائية، “فيه نوع من محاولة التأثير” على قرارات الاعتقال التي قد يتخذها في المستقبل، موردا أن “هذا مخالف للدستور والقانون والمعايير الدولية المتعلقة باستقلالية القضاء، وكذا الخطب الملكية السامية التي ما فتئت تحث على ضرورة احترام هذه الاستقلالية”.

وأضاف الجباري، ضمن تصريح يُحاول نفي تهم “ملء السجون وعدم ترشيد الاعتقال الاحتياطي التي استفلحت مؤخرا” ، أن “إشكالية الاعتقال الاحتياطي، لا شك أن عواملها ومسبباتها متعددة مركبة، ويرجع جلها إلى عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، وليس القضائية التي لا تعدو أن تكون مطبقة للقانون ليس إلا”، مشيرا إلى أن من بين العوامل “تأسيس السياسة الجنائية المختارة من لدن الحكومة على العقوبة السالبة للحرية وميلها إليها كحل سهلٍ لمواجهة الجريمة (شغب الملاعب، الغش في الامتحانات، الطوارئ الصحية أنموذجا)، مع أن السياسة الجنائية المعاصرة تقوم على اعتماد تدابير اجتماعية واقتصادية وثقافية وتربوية تهدف إلى معالجة مسببات الجريمة قبل ارتكابها”.

ثاني العوامل التي ذكرها الجباري، “ارتفاع نسبة الجريمة بكل أنواعها (خصوصا الخطيرة منها) داخل المجتمع بشكل ملفت للنظر جراء تراجع العديد من المؤسسات عن القيام بأدوارها في التهذيب والتربية (المسجد، الأسرة، المدرسة، الإعلام، السينما … إلخ)، وهو ما يحتم، في المقابل، ضرورة توفير الأمن للمواطنين أفرادا وجماعات، مع ملاحظة عدم مواكبة ذلك ببناء مؤسسات سجنية لإعادة تأهيل الجناة واستيعاب عددهم المتزايد”.

وتحدث أيضا عن ارتفاع حالات العود بشكل ملفت “نتيجة فشل برامج إعادة التأهيل والإدماج، كما أن ذلك ناتج عن فشل السياسة العقابية التي تعتبر فيها العقوبة السالبة للحرية قطب رحاها”، وكذلك “عدم تفعيل مؤسسة الإفراج المقيد بشروط، وهي التي تشرف عليها لجنة إدارية يترأسها وزير العدل أو من ينوب عنه، وتبت في اقتراحات مدراء المؤسسات السجنية نفسها بالإفراج عن بعض من برهن عن تحسن سلوكه، وكان من شأن تفعيل هذه المكنة القانونية بمبادرة من إدارة المؤسسات المذكورة أن يقلص من نسبة الساكنة السجنية”.

وجانبها، أعلنت جمعية رابطة قضاة المغرب عن استغرابها وتفاجئها ببلاغ المندوبية، قائلة إنها “ترفض رفضا مطلقا أي تدخل من شأنه المس باستقلال السلطة القضائية أو التأثير على قرارات قضاتها الملزمين فقط بالتطبيق السليم والعادل للقانون، بما في ذلك تعليل قراراتهم المرتبطة بالمتابعات في حالة اعتقال أو سراح”.

وأضافت الرابطة، ضمن بلاغ لها، أنها “ترفض أي توجيه أو تدخل في الشأن القضائي، الذي لم يغيّب يوما توجهات الدولة في السياسات الجنائية واستراتيجية مكافحة الجريمة وإنزال العقاب وجعل الاعتقال استثناء وليس أصلا”، معتبرة أن “المخاطب الوحيد للمندوبية العامة لإدارة السجون هو رئاسة الحكومة، باعتبارها الوصية على هذا القطاع، لدعوتها لتوفير الإمكانيات المادية واللوجيستيكية اللازمة لحل هذه المعضلة”.

وأشارت رابطة قضاة المغرب إلى أن “الرأي العام الذي خصته المندوبية العامة بهذا البلاغ، هو نفسه الذي طالما نادى بمحاربة الجريمة وعدم التساهل مع المجرمين تحسبا لكل إفلات من العقاب وتحقيقا للردع العام والخاص، لا سيما وأن المغرب الذي أصبحت ساكنته تناهز 40 مليون نسمة عرف في السنوات الأخيرة تفاقما مضطردا للجريمة كما وكيفا”.

هيئة التحرير

أخبار ذات صلة

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة الجهة24 لتصلك آخر الأخبار يوميا