قنبلة بيئية جديدة تُهدد آسفي.. الـOCP يُخطط لدفن أطنان من نفايات “الفوسفوجبيس الخطيرة” على تخوم ساحل المدينة

يبدو أنَ قدر حاضرة المحيط آسفي، هو أن تغرق في التلوث البيئي، بعدمَا أغرقها لعقود المكتب الشريف للفوسفاط في غياهب التلوث الصناعي والنفايات المشعة مما أدى إلى أضرار واسعة على التربة والنباتات ومياه البحر والهواء، وثم توطين المحطة الحرارية التي تستخدم الوقود الأحفوري، فقد كشفَ مشروع قانون المالية لسنة 2023، نية المكتب الشريف للفوسفاط في إغراق المدينة بنفايات الفوسفوجبس الخطيرة.
والفوسفوجيبس هو مادّة كيميائية تتمثّل في النفايات التي تنتج بعد تحويل الفوسفاط الطبيعي لإنتاج الحامض الفوسفوري. ونظرا لاحتوائها على شوائب و إشعاعات نووية تتسبّب هذه المادّة أينما وجدت،في إخلال بيئي كبير يهدّد بقاء الكائنات الحيّة.
وصنفت وكالة حماية البيئة الأمريكية (USEPA) مادة الفوسفوجيبس على أنها “مادة مشعة”.
وبيّنَ جدول الاستثمارات بجهة مراكش آسفي، أن المكتب الشريف للفوسفاط خصص ما حجمه 4 مليون و500 ألف درهم لتخزين الجبس الفوسفوري، دونَ ذكر المزيد من التفاصيل حول هذا المشروع، وكيفية انشاءه ولا معايير المحددة وشروط الصحة والسلامة.

وتفيد عدّة دراسات من بينها دراسة أثر التلوّث (2016) التي أعدتها المفوضية الأوروبية، أنّ وجود مادّة الفوسفوجيبس في البيئة البحرية قد غيّر بشكل كبير النظم الإيكولوجية في محيط المنطقة الصناعية مستدلة بنموذج في مدينة قابس التونسية. وتصف دراسة أخرى أن صبّ فضلات الفوسفوجيبس أنّه أحد الأضرار الرئيسية، إن لم يكن أكثرها أهميّة ،في علاقة بقيمة تأثيرها على البيئة الفيزياء-حيوية بالسواحل.
ووفقًا لدراسة، أجراها المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية (national center fot biotechnology information) فإنَّ الفوسفوجيبس ينتج عن تصريف حمض الفوسفوريك من صخور الفوسفات الطبيعية منتج ثانوي صناعي يسمى جبس الفوسفوريك (PG).

ويتم إنتاج حوالي 5 أطنان من الفوسفوجيبس لكل طن من إنتاج حمض الفوسفوريك، ويقدر إنتاج الفوسفوجيبس في جميع أنحاء العالم بحوالي 100-280 مليون طن سنويًا. ويتم التخلص من هذا المنتج الثانوي في الغالب دون أي معالجة، عادة عن طريق إغراقه في التربة، ويجري ذلك بشكل عام في المناطق الساحلية بالقرب من مصانع حامض الفوسفوريك.
وتقول الدراسة إن تخزين هذه المادة تشغل مساحات كبيرة من الأرض وتتسبب في أضرار بيئية خطيرة، ويتكون الفوسفوجيبس بشكل أساسي من الجبس ولكنه يحتوي أيضًا على مستوى عالٍ من الشوائب مثل الفوسفات والفلوريد والكبريتات والنويدات المشعة التي تحدث بشكل طبيعي والمعادن الثقيلة والعناصر النزرة الأخرى.
كل هذا يُضاف إلى التأثير البيئي السلبي، ويستخدم ما يصل إلى 15٪ من إنتاج العالم من الفوسفوجيبس في صناعة مواد البناء، كتعديل للتربة وكجهاز تحكم في صناعة الأسمنت البورتلاندي؛ وهي الاستخدامات التي تم حظرها في معظم البلدان.

فوفق دراسة قامت بها جمعية البيئة والطبيعة للأمراض المنتشرة المدرجة في الدراسة العلمية للمعهد المذكور،حول المنطقة الصناعية في قابس حيث يُخزن فوسفوجيبس أثبتت وجود نسبة عالية لانتشار أمراض الحساسية والعطس عند الذكور أقل من 20 سنة بنسبة 36% وأمراض العيون بنسبة 15%.
العودة إلى النقطة الصفر
وكان المكتب الشريف للفوسفاط، قد، أنكر، تخزينه لمادة الفوسفوجيبس في آسفي، خلال معرض رده الخاص، على بحث سويسري أنجزته ثلاث منظمات.
و حلل خبراء المنظمات الملوثات الرئيسية الناتجة عن إنتاج حمض الفوسفوريك الذي يستخدم كقاعدة للأسمدة الفوسفاطية بآسفي، كاشفًا أن هذا الإنتاج يتسبب بشكل ملحوظ في تلوث الهواء بواسطة ثاني أكسيد الكبريت (SO2) وثالث أكسيد الكبريت (SO3) وفلوريد الهيدروجين (HF) واليورانيوم والغبار الناعم والخشن.
وأوضح الخبراء أن حمض الكبريتيك يُستخدم لإنتاج حمض الفوسفوريك (P2O5) من صخور الفوسفات الخام. ووفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة التمويل الدولية (أحد فروع البنك الدولي) وتقرير خبير قضائي لدى محكمة الاسئتناف بمراكش حول تلوث الهواء في منطقة آسفي، فإن الغازات السامة تنبعث أثناء تصنيع الأسمدة (الغازات التي تؤثر على العمال والمقيمون المحليون: وهي بالتحديد ثاني أكسيد الكبريت (SO2) وثالث أكسيد الكبريت (SO3) وبخار حمض الكبريتيك (H2S)).
هذه الغازات لها خصوصية التسبب في أمراض الجهاز التنفسي، أما ثاني أكسيد الكبريت، على سبيل المثال يقول التقرير، فيؤثر على الجهاز التنفسي، وعمل الرئتين ويسبب تهيج العين، ويؤدي التهاب الجهاز التنفسي إلى السعال وإنتاج المخاط وتفاقم الربو والتهاب الشعب الهوائية المزمنة والتهابات الجهاز التنفسي، وذلك يعني تزيد أمراض القلب والوفيات من خلال ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكبريت.