آسفي مدينة التناقضات.. Circulez il n’y a rien à voir
يبدو أن زيارة وزير الإذماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس سكوري اغضبت الكلاب الضالة اللتي اعتادت التسكع قرب عمالة اسفي بكل طمأنينة.
رواد حي البلاطو الذي يعج بالمستثمرين الذين يخوضون مغامرة الاستثمار بأسفي بشكل يومي استفاقوا يوم أمس الاربعاء على خبر زيارة الوزير مصحوبا بوالي الجهة وكذلك رئيس مجلس الجهة الذين جاؤوا لتشجيع الاستثمار بالمدينة.
بالموازاة مع ذلك لوحظ اختفاء مئات الكلاب الضالة بشكل مفاجئ وغريب بعدما أصبحت تشكل ديكورا طبيعيا بالحي الاداري بالمدينة، قبل أن يتم إعادة بعضها مباشرة بعد نهاية “العرض الاستثماري” مما أدى بهذه العملية العشوائية إلى التسبب في عض اربعة مواطنين على الاقل من طرف هذه الكلاب.
باستثناء هذا الحادث العرضي لم يكن هناك شيء يذكر، الحاضر لهذا اليوم يكاد يتملكه التثاؤب من شدة الروتين الذي يرافق تنظيم هذه التضاهرات بآسفي.
يوم المستثمر كان مناسبة مرة أخرى للاجماع حول مؤهلات الإقليم العديدة لكن غابت الرؤية وخطة العمل لتحقيق الاقلاع، وكأن الحاضرين جميعًا يخافون من الإشارة إلى الداء أو وضع الأصبع على موطن الجروح خوفا من أنين مدينة لم تعد تشعر معه بالألم من كثرت الصدمات.
كان حريا قبل التفكير في استقدام استثمارات جديدة الوقوف لحضة للتأمل حول حصيلة المشاريع البنيوية التي كلفت خزينة الدولة ملايير الدراهم على غرار الميناء المعدني و المحطة الحرارية، ومشاريع ملكية طالها النسيان، واختفت كأنها لم تكن.
كان لازمًا أن تُطرح اسئلة من عينة ماذا استفاد النسيج المقاولاتي المحلي من عدة مشاريع رصدت لها أموال طائلة؟ كم عدد المقاولات التي تم افتتاحها والتي تم إغلاقها؟ لأن العلوم تقتضي قاعدة أساسية، تقول إن 90 في المائة من علاج الداء، هو التشخيص، و10 في المائة تبقى للعلاج. حصيلة بالأرقام، في حالة مدينة بحجم آسفي وعثرتها التنموية ضرورية للمضي قدما نحو أيَّ استراتيجية لتشجيع الاستثمار بالمدينة. مجموعة من التساؤلات كما الاجابات غابت عن اللقاء.
وسط ظلام غياب الأفاق وتبدد الحلول، سطعت نقطة ضوء وحيدة، كان لازمًا أيضًا التوقف عندها، لنعرف أيضًا مكانة هذه المدينة الفاضلة، إذ أن متدخلين ظهروا فجأة وسط رنين هذا النشاط، بصفات وازنة هم أبناء جلدة هذه المدينة، ولعل قول وزير الاذماج الاقتصادي إن آسفي مدينة التناقضات، أكثر تعبير واقعية لوصف هذه الفوارق.
من بين هذه “البروفايلات” نجد منير السوسي، نائب رئيس الكلاود والذكاء الاصطناعي افريقيا بالشركة العالمية هواوي الذي افصح عن مشروع gip في إطار جمعية حوض آسفي الذي قد يكون من بين اختصاصاته الاشتغال على الترقب الاستراتيجي veille stratégique ، وكذلك ربيعة العلامة، إبنة آسفي والتي كشفت أنها درست في ثانوية إبن خلدون، وتعمل حاليًا مديرة عامة للغرفة المغربية الأمريكية.
هؤلاء أبناء جلدة آسفي، الذين لخصوا مداخلاتهم بفكرة أنه لا يمكن لمجال أن يتحول ويخرج من رحم المعاناة كما هو الشأن لاسفي بدون منضومة حكامة système de gouvernance يضم سلطة محلية رجال اعمال منتخبين باحثين ومجتمع مدني لوضع استراتيجية تنموية لجعل من مدينة أسفي ماركة مسجلة.كما ابدت المتحدثة ذاتها استغرابها: لماذا لا يتم تسويق آسفي بالخارج حيث قالت بالحرف: Safi is not branded – آسفي ليست ماركة- كما ابدت رغبتها في المساعدة على ذلك لفتح السوق الأمريكية على منتوجات آسفي.
لم يجد وزير الاذماج الاقتصادي يونس السكوري، غير تجنب الجواب على سؤال احد الزملاء الصحفيين عن معنى “مدينة التناقضات” مجنبا سلطات المدينة بعضا من الاحراج هي في غنى عنه خصوصا مع اقتراب حركة التنقيلات.ولعل ما يمكن اعتباره حتى الأن انقاذا لماء وجه حصيلة العامل الحسين شينان، فقد قدم الوزير وعدا يجسد بريق أمل لمن يهمه الامر يخص الميثاق الوطني للاستثمار وامكانية جعله من مدن كاسفي مناطق ذات أولوية لتلقي تحفيزات حكومية لتشجيع الاستثمار.
عامل آسفي آثر عدم الرد على تصريحات الوزيرحول قوله إن آسفي مدينة التناقضات وتوفرها على أعلى نسبة بطالة بالجهة حيث فضل تناول كلمة مقتضبة لم تجب على الاسئلة العالقة حول نكبة الاستثمار، ليتحول يوم المستثمر الذي طال انتظاره بأسفي ليوم كسائر الأيام.