منظمة العفو الدولية تُركب القصة الكاملة لوفاة الشبلي في مخفر الشرطة وتُسجل أن محاكمة الضباط تشوبها عيوب وأن وفاته كانت بسبب “التعذيب”
الجهة24
دعت منظمة العفو الدولية، السلطات المغربية إلى الحرص على أن يكون تحقيقها بشأن حالة وفاة ياسين شبلي في 6 أكتوبر 2022 خلال احتجازه لدى الشرطة ببنجرير، محايدًا ووافيًا، وأن تُحاسب، في محاكمة عادلة، ضباط الشرطة الذين وصفتهم المنظمة بالذين “عذبوا الضحية ولم يُقدِّموا له الرعاية الطبية الكافية”.
وأصدرت المنظمة، تقريرا مفصلا في 6 أبريل الجاري توصل موقع “الجهة24” بنسخة منه، وقالت إنه على الرغم من أن السلطات قد اتخذت بعض الخطوات الإيجابية للتحقيق في وفاة الرجل ولاحقت أربعة ضباط شرطة، إلا أن التحقيق والملاحقة القضائية تشوبهما عيوب ولا يفيان بالمعايير الدولية.
وكشفت المنظمة أنه قد تولى جزءًا من التحقيق بعض الضباط لدى مخفر الشرطة نفسه الذي تُوفي شبلي فيه خلال احتجازه، ما يدعو بالتالي إلى التشكيك في استقلالية وحيادية التحقيق. وحُوكِم الجناة في محكمة ابتدائية في ابن جرير لممارستهم العنف وإهمالهم فقط، لا لممارستهم التعذيب.
وفي 6 أكتوبر أعلن المستشفى الإقليمي بمدينة ابن جرير وفاة ياسين شبلي، الذي كان يعمل موظف أمن خاص لدى شركة مناولة تابعة لشركة الفوسفات الوطنية عن عمر يناهز 28 عامًا، بعدما اعتقله ضباط الشرطة في حديقة محلية في اليوم السابق واحتجزوه بمخفر شرطة ابن جرير.
وقالت العفو الدولية إنها أجرت تسع مقابلات مع أفراد، تضمنوا شقيقة شبلي ومحاميه وطبيب وممرض بمستشفى ابن جرير مع محتجزين كانا معه في مخفر الشرطة نفسه في الليلة بين 5 و 6 أكتوبر واطلعت منظمة العفو الدولية أيضًا على عدة وثائق كالبلاغ الذي قدمته أسرته إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش إلى جانب صور ومقاطع فيديو لجثة شبلي ممددة على طاولة مشرحة المستشفى. واطلعت المنظمة أيضًا على تقرير تشريح الجثة مستعينة بخبرة طبيب شرعي، بالإضافة إلى سجلات مخفر شرطة ابن جرير حيث أحتُجز شبلي وتقارير الشرطة القضائية بالدار البيضاء وابن جرير المرفوعة إلى الوكيل العام للملك بمراكش الذي أمر بإجراء تحقيق والبيان الذي أصدره الوكيل نفسه في 1 دجنبر.
منظمة العفو الدولية: شبلي تعرضَ للتعذيب المُفضي إلى الموت
يقول تقرير المنظمة إن ضباط الشرطة ضربوا وجهه وجسده عدة مرات، بينما أبقوه داخل زنزانة بمفرده ومكبل اليدين لأكثر من سبع ساعات، وعزلوه عن المحتجزين الآخرين. ولعدّة ساعات، لم يراقب ضباط الشرطة تطوّر حالة شبلي، على الرغم من أنه تعرّض للضرب وأنهم كانوا يعلمون أنه كان ثَمِلًا وقت اعتقاله مُعرّضين إياه بذلك لمخاطر صحية ومتقاعسين عن ضمان أداء واجبهم في تقديم الرعاية لأي محتجز لديهم
منظمة العفو الدولية
بحسب المصدر ذاته، يشير توثيق منظمة العفو الدولية للحالة على نحو جلي إلى أن الضحية قد تعرّض للتعذيب خلال احتجازه وأنه تُوفي بسبب عدم كفاية الرعاية المقدمة له من جانب السلطات التي تحتجزه، ويقول تقرير المنظمة إن ضباط الشرطة ضربوا وجهه وجسده عدة مرات، بينما أبقوه داخل زنزانة بمفرده ومكبل اليدين لأكثر من سبع ساعات، وعزلوه عن المحتجزين الآخرين. ولعدّة ساعات، لم يراقب ضباط الشرطة تطوّر حالة شبلي، على الرغم من أنه تعرّض للضرب وأنهم كانوا يعلمون أنه كان ثَمِلًا وقت اعتقاله مُعرّضين إياه بذلك لمخاطر صحية ومتقاعسين عن ضمان أداء واجبهم في تقديم الرعاية لأي محتجز لديهم.
ووفقًا للقانون الدولي والمعايير الدولية، بما و ذلك ما ينص عليه بروتوكول إسطنبول دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وبروتوكول مينيسوتا للأمم المتحدة المتعلق بالتحقيق في حالات الوفاة التي يُحتمل أن تكون غير مشروعة، والتعليق العام للجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان بشأن الحق في الحياة، والإعلان بشأن المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة، قالت المنظمة إنه يتعين على السلطات المغربية أن تجري تحقيقات عاجلة ومحايدة وفعّالة بشأن أعمال التعذيب وحالات الوفاة غير المشروعة. أما في هذه الحالة، فخلصت منظمة العفو الدولية إلى أن التحقيق مع ضباط الشرطة المسؤولين عن وفاة شبلي ومحاكمتهم تشوبهما عيوب عديدة، بما فيها الافتقار إلى الاستقلالية وإلى السماح لأسرة الضحية بالاطّلاع على الوثائق والأدلة بشكل مناسب.
كيفَ أعتقل شبلي؟
تروي المنظمة أنه حوالي الساعة السابعة مساءً من يوم 5 أكتوبر اعتقل ضابطا شرطة ياسين شبلي كان بحوزته زجاجة مشروب كحول، الذي كان يجلس مع صديقته في حديقة محلية في ابن جرير. وأورد تقرير تحقيق شرطة الدار البيضاء أن الضابطين اقتادوه كحولي صغيرة. واعتقلاه بعد ذلك تعسفا على الرغم من عدم وجود أدلة على تصرُّفه بطريقة هوجاء في وقت اعتقاله. ووفقًا لتقارير الشرطة المستندة إلى مراجعة الكاميرا التي كانت بحوزة أحد الضابطين في لحظة الاعتقال كان شبلي متعاونًا مع ضابطي الشرطة.
واحتجز ضباط الشرطة شبلي بمخفر شرطة ابن جرير في الساعة 7:20 مساءً. وذكرت الشرطة القضائية الوطنية بالدار البيضاء في مراجعتها للقطات المُسجّلة من داخل مخفر الشرطة أن ضباط الشرطة قد لَكَموا وجه شبلي مرة واحدة وأنه صفع في وجهه خمس مرات وفي الجزء الخلفي من أسفل فخذه مرة واحدة. وأظهرت الصور الفتوغرافية والأشرطة المصورة بالفيديو بعد وفاة شبلي التي اطلع عليها الطبيب الشرعي كدمات وتورمًا في عينه اليسرى وأسفل الزاوية اليسرى لفمه، ما يؤكد أن ضباط إنفاذ القانون لكموا وجهه على الأغلب، تقول المنظمة.
ذكرت المنظمة أنه لم يخبر ضابطا إنفاذ القانون شبلي بأسباب اعتقاله واحتجازه. وقد حُرِم من حقه في الاتصال بأسرته أو بمحامٍ، كما يقتضي القانون الدولي 1 والفصل 66 من قانون المسطرة الجنائية في المغرب. وبحسب ما ذكرته شقيقة شبلي، حينما توجهت والدتهما وشقيقهما إلى مخفر شرطة ابن جرير حوالي الساعة التاسعة من مساء يوم 5 أكتوبر في محاولة لمعرفة ما حدث له، أخبرهما ضابط شرطة بأن شيلي قاوم اعتقاله.
منظمة العفو الدولية
وذكرت المنظمة أنه لم يخبر ضابطا إنفاذ القانون شبلي بأسباب اعتقاله واحتجازه. وقد حُرِم من حقه في الاتصال بأسرته أو بمحامٍ، كما يقتضي القانون الدولي 1 والفصل 66 من قانون المسطرة الجنائية في المغرب. وبحسب ما ذكرته شقيقة شبلي، حينما توجهت والدتهما وشقيقهما إلى مخفر شرطة ابن جرير حوالي الساعة التاسعة من مساء يوم 5 أكتوبر في محاولة لمعرفة ما حدث له، أخبرهما ضابط شرطة بأن شيلي قاوم اعتقاله. وأطلعهما على مقطع فيديو يُظهر شبلي وهو مُكبّل اليدين، وملابسه ممزقة، وآثار الضرب ظاهرة عليه. وحينما ألحت والدته في سؤالها عن ابنها أمرها ضابط الشرطة بأن تهدأ إذا كانت لا تريد رؤية ابنها الذي رافقها مُعتَقَلًا هو الآخر. ولم يُصرّح لأفراد أسرة شبلي بمقابلته خلال الاحتجاز. وتوجهوا إلى مخفر الشرطة بين الساعة الثامنة والتاسعة من صباح اليوم التالي، في محاولة لرؤية شبلي، لكن ضباط الشرطة لم يسمحوا لهم بالدخول وأخبروهم أنه نائم.
خلال مقابلة مع منظمة العفو الدولية، قال مُحتَجَزٌ كان معه في الليلة بين 5 و 6 أكتوبر في مخفر الشرطة نفسه، وطلب ألا يُذكر اسمه خوفًا من التعرُّض لأعمال ،انتقامية، إنه سمع شبلي يصرخ في الزنزانة المجاورة له، التي أحتجز فيها بمفرده. وأكد مُحتجز آخر خلال مقابلة مع منظمة العفو الدولية أن شبلي كان مُحتَجَزًا بمفرده في زنزانة. وحينما أقتيد المحتجز في بادئ الأمر إلى مخفر الشرطة في الساعة 1:45 بعد منتصف الليل حاول شبلي التحدث إليه. وفي صباح يوم 6 أكتوبر، سأل المُحتجز عن وضع شبلي، حينما لم يسمع صوته لفترة من الوقت فقال ضابط شرطة إنه كان نائما. وحوالي الساعة الواحدة بعد الظهر، سمع ضابط شرطة يقول إن شبلي قد مات.
وترد تفاصيل ما وقع داخل الزنزانة التي أحتُجز فيها شبلي في تقارير الشرطة التي استندت إلى مراجعة أشرطة فيديو مسجلة في زنزانته. إذ زَج ضباط الشرطة بشبلي في زنزانة بمفرده، وأبقوه مكبل اليدين وأثر تقييد شبلي بهذه الطريقة على قدرته على الجلوس أو الوقوف على نحو سليم في الزنزانة. وسقط أرضًا سبع مرات على الأقل وبدأ يتقيّاً. وعلى الرغم من ذلك، أبقاه ضباط الشرطة مكبل اليدين دون تقييم ما إذا كان استخدام هذه الطريقة مُبرِّرًا. ووفقًا للقانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، فإن استخدام الأصفاد في تكبيل اليدين يُعَدِ غير مشروع حينما لا يكون استخدامها ضروريًا أو متناسبًا، ولا ينبغي استخدامها كعقاب. ومن المرجح للغاية أن استخدام الأصفاد لتكبيل يدي شخص بمفرده داخل زنزانة لا يُلبي هذين الشرطين.
ووفقًا لشهادة النقل التي سلّمتها الوقاية المدنية بالمدينة ذاتها إلى أسرة شبلي، واطّلعت عليها منظمة العفو الدولية، نقله ضباط إنفاذ القانون مرتين إلى مستشفى ابن جرير: الأولى كانت في الساعة 1:13 بعد منتصف الليل في 6 أكتوبر، والثانية كانت في الساعة 1:14 بعد الظهر من اليوم ذاته. وقال الطبيب الذي فحص شبلي في أول مرة جاء فيها إلى المستشفى، لمنظمة العفو الدولية إنه وصف له حقنة لوقف التقيؤ الذي كان يُعاني منه. وبعد ذلك قال الممرض، الذي كان من المفترض أن تقدم لشبلي العلاج، للمنظمة إنه رفض تلقي الحقنة وفي اليوم التالي وبحسب وثيقة أخرى سلّمتها المستشفى جاء شبلي جثة هامدة في الساعة 1:30 بعد الظهر.
وأورد تقرير تحقيق شرطة الدار البيضاء أن شبلي أُعيد إلى زنزانته حوالي الساعة 1:45 بعد منتصف ليل 6 أكتوبر، وعاقبه ضباط الشرطة على رفضه تلقي الحقنة بتكبيل يديه بطريقة مختلفة، بتقييد كل يد بأحد قضبان الزنزانة، وهو واقف. وضربه ضباط الشرطة خلف رأسه، بينما كان في هذه الوضعية حوالي الساعة 2:08 بعد منتصف الليل وضربوه في وقت لاحق من الخلف على الجزء السفلي من ساقه. وبعد بضع دقائق، أمسكوا بذراعه اليسري وقيدوها بأحد قضبان الزنزانة بعيدًا عن الأخرى. وحوالي الساعة 2:27 بعد منتصف الليل فك أفراد الشرطة أصفاد يدي شبلي وقدَّموا له طعامًا وسوائل لأول مرة. وأظهرت تسجيلات كاميرا في الزنزانة أن المرة الأخيرة التي تحرك فيها كانت حوالي الساعة 4:49 فجرًا. ولم يدخل أي ضابط شرطة إلى زنزانة شبلي لمدة عشر ساعات ونصف، ثم دخل ضباط شرطة مجددًا إلى زنزانته حوالي الساعة 1:04 بعد الظهر ليجدوه متوفيًا.
ووفقًا للطبيب الشرعي الذي استشارته منظمة العفو الدولية، كان شبلي مستلقيًا ووجهه في الأرض وتقيأ وتوفي في هذه الوضعية. وقد ظلّ وجهه في الأرض ولم يُقلب جسده على ظهره لعدة ساعات.
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أنه يقع على عاتق سلطات الاحتجاز التزام برعاية الأفراد المحتجزين داخل منشآتها. ووفقًا لما ذكره الطبيب الشرعي، فإن تقريري السموم وتشريح الجثة أوضحا وجود معدل عالٍ من الكحول في دمه 2.34) غرام/لتر. وتطلبت حالة الضعف التي كان عليها لاحقا أن تفي السلطات بواجبها تجاه رعاية حالته الصحية وسلامته. ونظرًا إلى حالة الضعف التي عانى منها شبلي، كانت إحدى المخاطر التي فرضتها حالته إمكانية سقوطه وتعرُّضه للإصابة. وإن تركه مكبل اليدين نحو سبع ساعات بمفرده داخل زنزانة، طوال فترة احتجازه لا يمكن التوفيق بينه وبين واجب السلطات تجاه رعاية محتجزيها.
تحقيق ومحاكمة تشوبهما العيوب
في 7 أكتوبر، قدَّمت والدة شبلي بلاغًا إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش بشأن “قتل” ابنها. وفي البلاغ، الذي اطلعت عليه منظمة العفو الدولية، طلبت الأسرة إلى الوكيل فتح تحقيق بشأن ما حدث لشبلي ومراجعة تسجيلات الكاميرات داخل مخفر الشرطة حيثما أحتُجز ،شبلي وداخل المستشفى أيضًا.
وحاولت أسرة شبلي معرفة ما آل إليه التحقيق عدة مرات وفي 21 نونبر، أبلغها الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش بأن نتائج التحقيق ونتائج تشريح جثة شبلي قيد الاستعراض من جانب مكتبه. ورفض الإفصاح عن أي تفاصيل تخص موعد إطلاع الأسرة على هذه النتائج أو إعلانها للعامة وفي 2 دجنبر، توجهت شقيقة شبلي إلى محكمة ابن جرير وأخذت الوثائق المتعلقة بوفاة شقيقها.
وفي 6 أكتوبر، نشرت المديرية العامة للأمن الوطني بيانًا صحفيًا ذكرت فيه أن شبلي تُوفي بينما كان في طريقه داخل سيارة الإسعاف إلى المستشفى، وأنه أعتُقل على خلفية تحقيق جارٍ. وفي اليوم التالي، حينما اندلعت مظاهرات أمام مخفر شرطة ابن جرير للمطالبة بتحقيق العدالة لشبلي نشرت المديرية العامة بيانًا ثانيًا أكدت فيه أنه صدرت تعليمات من مدير المديرية بالتحقيق في قضية شبلي والكشف عن مسؤولية المتورطين في قضيته وأجرى كل من شرطة ابن جرير والدار البيضاء التحقيقات بشأن حالة وفاة شبلي غير المشروعة خلال احتجازه، وبعثتا بالنتائج إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، الذي بدوره أمر بإجراء تحقيق. ولم تُنشر النتائج للعامة إلى اليوم.
وأوردت “أمنيستي” أنه وفقًا للمعايير الدولية يقع على عاتق السلطات التزام بضمان إتاحة الوصول إلى المعلومات. فتنص الفقرة 13 من بروتوكول مينيسوتا المتعلق بالتحقيق في حالات الوفاة التي يُحتمل أن تكون غير مشروعة على ما يلي : يمتد الحق في معرفة الحقيقة إلى المجتمع ككل، نظرًا للمصلحة العامة في منع انتهاكات القانون الدولي والمساءلة عنها ويحق لأفراد الأسرة وللمجتمع ككل على حدٍ سواء الحصول على المعلومات المحفوظة في سجلات الدولة التي تتعلق بانتهاكات جسيمة حتى ولو كانت تلك السجلات محفوظة لدى وكالات الأمن أو لدى وحدات عسكرية أو وحدات شرطة”.
وفي 20 أكتوبر الأول أرسلت الشرطة القضائية في ابن جرير تقريرها إلى الوكيل العام للملك بمراكش.وفي هذا الصدد قالت المنظمة الدولية إن طلب الوكيل العام للملك من أفراد الشرطة في المقر نفسه الذي توفي فيه شبلي إجراء التحقيق يتنافى مع المعايير الدولية ولا يمكنه ضمان سرعة وحياد وفعالية التحقيق وبحسب الفقرة 17 من بروتوكول مينيسوتا يجب أن تكون السلطة القضائية أو غيرها من السلطات المختصة المستقلة عن سلطة الاحتجاز هي المخولة بإجراء تحقيقات في ملابسات وأسباب مثل هذه الوفاة.
وفي 1 دجنبر، نشر الوكيل العام للملك بيانًا أفاد فيه أن وفاة شبلي كانت نتيجة إلحاق الأذى بنفسه بسبب سقوطه عدة مرات. وأعلن أيضًا عن اعتقال ثلاثة ضباط شرطة واتهامهم بـ “ارتكاب العنف أثناء القيام بالوظيفة ضد أحد الأشخاص” والتسبب في القتل غير العمدي الناتج عن عدم التبصر وعدم الاحتياط والإهمال”. كما لاحق الوكيل قضائيًا ضابط شرطة آخر من دون إلقاء القبض عليه بتهمة “التسبب في القتل غير العمدي الناتج عن عدم التبصُّر وعدم الاحتياط والإهمال”.
ووفقًا لما ذكرته سعاد البراهمة إحدى محامي الضحية، فإن قرار الوكيل بأن يُعلّق على حالة الوفاة نجم عنه أضرار وترتب عليه توجيه الرأي العام ومسار المحاكمة في القضية، عبر تخفيف مسؤولية الدولة. فقد جعل البيان الأمر يبدو وكأن شبلي مسؤول وفاته .
وبدأت محاكمة ثلاثة ضباط شرطة أمام المحكمة الابتدائية في ابن جرير في 8 دجنب . وعقد القاضي ست جلسات استماع بشأن الاتهامات المنسوبة إلى ضابطي شرطة محتجزين في ابن جرير، وضابط يحاكم بدون إلقاء القبض عليه. ويواجه ضابط الشرطة الرابع، وهو قائد الضباط بمخفر شرطة ابن جرير المحاكمة في مراكش، خلال احتجازه.
وقالت المنظمة إنه قبل انعقاد جلسات الاستماع، لم تسمح المحكمة لمحامي أسرة الضحية بالاطلاع على بعض الأدلة، في حين أنه كان ينبغي السماح لأسرة شبلي بالاطّلاع على جميع الأدلة لضمان إشراكها في القضية على نحو هادف. إضافة إلى ذلك، رفضت المحكمة الاستماع إلى الأفراد الذين احتجزوا مع شبلي في الليلة نفسها.
وفي 12 يناير حكم القاضي بعدم اختصاص محكمته للبت في الأسس الموضوعية للقضية، إذ أن ممثلي الضحية طلبوا إعادة تصنيف التهم الموجهة إلى الضباط لتكون “القتل العمد” و”التعذيب المفضي للموت” أو “استعمال العنف والضرب والجرح المفضي للموت” ، ما يُشكّل جرائم جنائية يُعاقب عليها بأحكام سجن أشد من التهم الموجهة إلى المتهمين في بادئ الأمر. واستأنف الدفاع قرار المحكمة، ثم حكمت محكمة الاستئناف بمراكش في 7 مارس /، بإعادة ملف القضية إلى هيئة محكمة ابن جرير والبقاء على التهم الأولى.
وقالت العفو الدولية إنه ووفقًا للمعايير الدولية، يحق لأسر الأشخاص الذين سقطوا ضحايا في حالات وفاة غير مشروعة المطالبة بجبر الضرر. وينبغي لسبل الجبر أن تتضمن الإجراءات القانونية التي تقدم المسؤولين إلى ساحة العدالة. ويجب أن تشمل هذه الإجراءات التمثيل القانوني المناسب للأسرة، والتعويض المناسب، وضمانات عدم التكرار لضمان عدم حدوث مثل هذا النوع من الانتهاك لحقوق الإنسان مرة أخرى.