معارضة على المقاس: مستشار جماعي بآسفي بين الشعارات والمنافع الشخصية

الجهة 24- آسفي
منذ بداية الولاية الجماعية الجارية، ظلّ مستشار جماعي معروف بمدينة آسفي يرفع لواء المعارضة في وجه كلّ الرؤساء الذين تعاقبوا على بلدية المدينة، بدءاً من ولاية نور الدين كموش وصولاً إلى المجلس الحالي. معارضة اتخذت طابعًا صداميًا دائمًا، دون أن تترافق بمواقف واضحة أو بدائل مؤسساتية، وهو ما يثير التساؤلات حول خلفياتها الحقيقية.
غير أن استقراء مسار هذا المستشار يُظهر أن ما يُقدمه من “معارضة” لا ينفصل عن منطق التموقع السياسي بغرض الاستفادة، أكثر مما هو نابع من قناعة بالمصلحة العامة أو التزام بأخلاقيات العمل الجماعي. فقد تداولت أوساط محلية أن المستشار نفسه كان في وقت سابق من أبرز وجوه ما يُعرف بـ”المعارضة الخارجة عن المؤسسات”، حين تزعم مجموعات من المعطلين، قبل أن ينقلب على تلك المرحلة ويدخل الحياة السياسية الحزبية من باب المناورات والصفقات.
وقد استفاد، حسب مصادر متطابقة، من امتيازات مشبوهة خلال تلك الفترة، أبرزها تمكين شقيقته من وظيفة ومحل تجاري في حي “البلاطو” عبر وساطة بعض الأعيان، وبتمويل من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. كما قام هذا المستشار بتوظيف شقيقته في جماعة قروية، واستفادتها من أحد مشاريع المبادرة ذاتها، قبل أن يعمد إلى توظيف زوجته في قطاع الصحة، حيث تمّ إلحاقها بمدينة آسفي في ظرف وجيز، ما يثير شبهات واضحة بشأن استغلال النفوذ وتضارب المصالح.
الأدهى من ذلك أن هذا المستشار، الذي كان ذات زمن يلاحق مسيرات حركة 20 فبراير ويهتف بشعاراتها دون أن يستوعب جوهرها، اختار لاحقًا استغلال موقعه الجغرافي جنوب المدينة لركوب موجة التملق السياسي، قبل أن يتحول اليوم إلى معارض “هيستيري”، بعدما “جفّت الصنابير” وتقلّصت فرص الولوج إلى كعكة التمويلات العمومية.
في كل دورة جماعية، يُسجَّل حضوره بالصوت المرتفع، ولكن يُسجَّل غياب البدائل والتصورات. يُعارض كل المشاريع، دون أن يقترح تعديلًا واحدًا أو مبادرة ذات أثر. معارضة تُرفع حين تُسحب الامتيازات، وتُخفض حين تُفتح الأبواب.
المجالس المنتخبة ليست مسارح لتصفية الحسابات، ولا منابر لتسويق المظلومية الزائفة. والمواطن من حقه أن يعرف: من يخدم المصلحة العامة؟ ومن يستغلها مطية للوصول إلى المنافع الشخصية؟
آسفي، التي تعاني من ركود تنموي حاد، لا تحتمل هذا النوع من “المعارضة الانتهازية”، التي تعيد إنتاج العبث، وتغلق أبواب الأمل في وجه ساكنة تتطلع إلى التغيير الحقيقي لا إلى بطولات مزيفة.