الجهة 24- آسفي

تشهد مدينة آسفي في السنوات الأخيرة موجة من التذمر والاستياء وسط ساكنتها وزوارها، بسبب تردي أوضاع عدد من المطاعم والمقاهي والحانات الليلية رغم قلتها التي تحولت إلى بؤر صحية خطيرة في غياب شبه تام للمراقبة والشروط الدنيا للنظافة. فبين مطاعم تغيب فيها شروط النظافة والتهوية، تتسع رقعة الفوضى في القطاع الذي يدرّ على أصحابه أموالًا طائلة، ويكشف عن خلل بنيوي في تدبير الشأن المحلي ومراقبة الأنشطة التجارية والخدماتية، في مقابل اصيب عدد من الزبناء الدائمين بامراض رؤية بسبب شروط التهوية الكارثية.

أمراض وأعراض غامضة.. الثمن يدفعه الزبناء

تفيد معطيات حصلت عليها الجهة 24 بأن عشرات الزبناء أصيبوا بأعراض مرضية متفاوتة، من آلام معوية وتسممات خفيفة إلى أمراض الرئة، بسبب مشكل التهوية والمساحة في حانات شهيرة وسط المدينة. ورغم تكرار الشكاوى، لم تُباشر أي لجنة مختصة التحقيق في مصدر هذه الحالات، ما يطرح أسئلة عميقة حول غياب المراقبة الصحية والتقصير الإداري في حماية المستهلك.

ويشير بعض العاملين في القطاع إلى أن أغلب هذه المطاعم تفتقر لأبسط شروط النظافة، سواء في أدوات الطهي أو تخزين المواد الغذائية، فيما يتم استغلال ضعف المراقبة لتوسيع النشاط حتى ساعات متأخرة.

وفي قلب المدينة، لا يختلف المشهد كثيرًا داخل بعض المرافق الفندقية التي يُفترض أنها مصنفة رسميًا. فغياب التهوية وتراكم الروائح والازدحام داخل القاعات المغلقة يثير علامات استفهام حول المعايير التي منحت بموجبها هذه المؤسسات تراخيص الاستغلال. ورغم أن القانون يفرض احترام شروط السلامة وجودة الخدمات، فإن أبواب عدد من هذه الفنادق والمقاهي تظل مفتوحة إلى حدود الخامسة صباحًا في تجاوز صارخ للضوابط التنظيمية.

أرباح ضخمة وامتيازات مشبوهة

مصادر مهنية أكدت أن عددا من “باطرونات” هذه المطاعم يجنون أرباحًا ضخمة، بعضهم يكتري محلات داخل المرافق الجماعية بأسعار رمزية، بينما يحقق آخرون أرباحًا هائلة من بيع المشروبات الكحولية، في وقت تعرف فيه المدينة احتكارًا واضحًا لهذه الأنشطة وقلة في العرض القانوني المنظم. وضعٌ يعكس هشاشة الرقابة على قطاعٍ حيوي يُفترض أن يكون واجهةً سياحية للمدينة، لكنه اليوم يعيش على وقع العشوائية والمحسوبية.

منتزه الكارتينغ.. عنوان الإهمال الصحي

وفي منتزه الكارتينغ، تبدو الأوضاع أكثر سوادًا. فالمكان الذي يُفترض أن يكون متنفسًا تحول إلى بؤرة فوضى صحية. المراحيض في الحانات المعروفة في وضع مزرٍ، والروائح الكريهة تنبعث من المرافق بشكل دائم، فيما تغيب شروط النظافة والتهوية، ما يجعل المكان بيئة خصبة لنقل الأمراض الجلدية والمعوية.

وتتزايد المطالب من فعاليات مدنية ومهنية بضرورة تدخل عاجل من طرف عمالة الإقليم والمجلس الجماعي، لوضع حد لهذه الفوضى ومراجعة رخص الاستغلال، خصوصًا تلك المتعلقة ببيع المشروبات الكحولية، وإلزام أصحاب المطاعم والمقاهي باحترام شروط النظافة والسلامة.

ويرى متتبعون أن غياب التنسيق بين المصالح الجماعية، والسلطات المحلية، والمندوبية الإقليمية للصحة، ساهم في تفاقم الوضع، محولين المدينة من فضاء سياحي إلى بيئة غير آمنة صحيا، في انتظار من يعيد الأمور إلى نصابها.