مدن المال.. مراكش وجهة عالمية جذابة لأصحاب الثروات الفائقة

أدرجت مدينة مراكش المغربية رسميا ضمن قائمة المدن العالمية التي تُعدّ “نقاطا ساخنة” لتمركز أصحاب الثروات الفائقة، المعروفين باسم “سنتي-مليونيري”، أي الأفراد الذين تتجاوز ثرواتهم 100 مليون دولار أميركي، وذلك وفقا لتقرير “المدن الأغنى في العالم لعام 2025” الصادر عن شركة “هينلي آند بارتنرز” بشراكة مع مؤسسة “نيو وورلد ويلث”.
وكشف التقرير، الذي يستند إلى بيانات دقيقة حتى نهاية شهر دجنبر من سنة 2024، أن مراكش تضم حاليا 14 فردا من هذه الفئة الثرية، مما يجعلها واحدة من المدن ذات الإمكانات العالية للنمو في عدد السنتي-مليونيرية خلال العقد المقبل بنسبة قد تفوق 100 في المئة.
وأكد التقرير أن إدراج مراكش إلى جانب مدن أخرى معروفة دوليا كمراكز للثروة، مثل بانكوك، بنغالور، زغرب وفلورنسا، يعكس تحوّلا نوعيا في خارطة الثروات العالمية، ويُبرز صعود وجهات جديدة بعيدة عن العواصم الاقتصادية التقليدية مثل نيويورك، لندن أو طوكيو.
ووفقا للمعطيات ذاتها، فإن هذا التصنيف يكتسي أهمية بالغة، لكونه يخص شريحة تُعتبر من المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي العالمي، إذ إن معظم الشركات المدرجة في مؤشرات عالمية مثل “فورتشن 500” ، “ستاندرد آند بورز 500” ، “فاينانشل تايمز 100″و”نيكاي 225” قد تأسست من طرف أفراد باتوا لاحقا من السنتي-مليونيرية.
ويشير تقرير “نيو وورلد ويلث” إلى أن هذا التصنيف يستند فقط على الإقامات الدائمة، ما يمنحه طابعا دقيقا وواقعيا، ويُستثنى منه الأفراد الذين يقيمون مؤقتا أو يزورون المدينة من حين إلى آخر. هذا المعطى يضع مراكش، التي ظلت تُعرف تقليديا كوجهة سياحية وثقافية، في موقع جديد كمركز متقدم لجذب الأثرياء من داخل المغرب وخارجه، ويؤكد أن المدينة باتت تجمع بين جمالية العيش وفاعلية الاستثمار.
ويبرز التقرير أن من بين الأسباب التي دفعت مراكش إلى التقدّم في هذا التصنيف هو ارتفاع عدد الاستثمارات في القطاع العقاري الفاخر، وازدهار قطاع السياحة الراقية، إلى جانب عوامل أخرى كالمناخ المعتدل، الاستقرار الأمني، وجودة البنية التحتية. كما تُسهم مشاريع الضيافة من فئة الخمس نجوم والمنتجعات الخاصة في تحويل أحياء بأكملها داخل المدينة ومحيطها إلى مناطق جذب للسكن الفاخر والاستثمار طويل الأمد.
ويُعد هذا التطور، بحسب “هينلي آند بارتنرز”، فرصة استراتيجية للمغرب لتعزيز مكانته في السوق العالمية لرؤوس الأموال الخاصة، ولبناء منظومة اقتصادية قادرة على احتضان الاستثمارات الكبرى وتوفير شروط الاستقرار الضريبي والقانوني. كما يشير التقرير إلى ضرورة استثمار هذه الدينامية الواعدة في تحسين مناخ الأعمال بشكل شامل، وتوسيع نطاق الفرص نحو مدن مغربية أخرى مثل طنجة والدار البيضاء والرباط التي تملك أيضا مؤهلات بنيوية قادرة على جذب الأفراد فاحشي الثراء.
وفي سياق مماثل، توضح المعطيات أن تصنيف مدينة مراكش ضمن المناطق عالية النمو لا يُعدّ فقط مؤشرا على الحضور الحالي لأثرياء العالم بها، بل يُتوقع أن يتضاعف هذا الرقم مستقبلا إذا تم الحفاظ على المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، وتنفيذ سياسات استثمارية أكثر جرأة وابتكارا. وفي هذا الإطار، تحذر “نيو وورلد ويلث” من أن المدن التي لا تحسن استثمار هذا النوع من التصنيفات قد تفقد بسرعة جاذبيتها أمام منافسين جدد في الأسواق الناشئة أو في أوروبا الشرقية وآسيا.
ومن زاوية اقتصادية أشمل، فإن دخول مراكش إلى هذه القائمة يعكس انتقال الاقتصاد المغربي من نموذج يعتمد على الاستثمارات العمومية إلى نموذج أكثر انفتاحا على رؤوس الأموال الخاصة العابرة للحدود، ما يستوجب أيضا إصلاحات تشريعية عميقة تضمن استدامة هذه الدينامية، وتحولها إلى وسيلة لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة وعادلة داخل المملكة.