مجلس الأعلى للحسابات: نهب مقالع الرمال ينمو بشكل مضطرد ويفوت على الدولة 166 مليون درهم
أورد تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن المعدل السنوي لكميات الرمال المستخرجة وغير المصرح بها يقدر بنحو 9.5 ملايين متر مكعب، أي ما يعادل 79 بالمائة من كميات الرمال المستهلكة، ما يفوت على خزينة الدولة ما يقارب 166 مليون درهم.
وأكد المجلس الذي ترأسه زينب العدوي غياب مقاربة شمولية وإستراتيجية وطنية لتدبير قطاع المقالع، مع تسجيل مجموعة من النقائص التي تحد من فعالية السهر عليه، كـ”كمحدودية مهمة التأطير التقني والبيئي”.
وجاء في التقرير ذاته أن “ضبط معطيات قطاع المقالع يعرف تناقضات بسبب غياب تبادل المعطيات بين وزارة التجهيز والماء والأجهزة العمومية التي تشرف على تدبير الوعاء العقاري المخصص للمقالع”، داعيا بذلك إلى “وضع نظام معلوماتي متكامل ومشترك بين جميع الفاعلين”.
ووقف “تقرير العدوي” على “عدم فعالية نظام تتبع الكميات المستخرجة” من الرمال، إذ كشف أنه “من خلال مقارنة كميات الرمال المصرح بها والكمية التقديرية للرمال المستهلكة تبين أن المعدل السنوي لكميات الرمال غير المصرح بها يقدر بنحو 9,5 ملايين متر مكعب، أي ما يعادل 79 بالمائة من كميات الرمال المستهلكة، ما يفوت على خزينة الدولة ما يقارب 166 مليون درهم من مداخيل الرسم الخاص المفروض على الرمال، أي ما يناهز أربعة أضعاف معدل الإيرادات السنوية الفعلية لهذا الرسم الذي يبلغ 44 مليون درهم”.
وبينت الوثيقة ذاتها وجود “انتشار واسع للمقالع غير القانونية، التي تعد من أهم عوامل عدم فعالية المراقبة، واستشراء الاستخراج غير المرخص له”، مضيفة أنه “بمراقبة المقالع لوحظ أنه من أصل 300 عون شرطة للمراقبة تقرر تعيينهم من طرف وزارة التجهيز والماء لم يتم تعيين سوى 190 منهم، أي ما يعادل 63 في المائة من الأهداف المسطرة”، ولافتة إلى أن “هؤلاء الأعوان لا يتوفرون على الوسائل اللوجستيكية والتقنية من أجل ضبط المخالفات”.
كما أبرز المجلس أن “اللجان الإقليمية لاستغلال المقالع التي تضطلع هي الأخرى بمهمة المراقبة رغم زياراتها الميدانية التي مكنت من تسجيل 9,349 مخالفة بين 2018 و2020 فرضت فقط تسع غرامات”.
وفي شق التتبع البيئي لاستغلال المقالع، لفت المصدر ذاته إلى أن “10 بالمائة من المقالع المستغلة لا تتوفر على الدراسة المتعلقة بالتأثير على البيئة، ما يحول دون تتبع هاته المقالع وأثرها البيئي، وذلك وسط غياب تام لأي جهود للحد من هاته التداعيات البيئية”، موضحا أن “غياب التتبع البيئي للمقالع يعود إلى النقص في الموارد البشرية المؤهلة، وغياب تحديد للمواصفات التقنية التي يجب احترامها في ما يخص الآثار السلبية على البيئة، كتلك المتعلقة بالضوضاء، والاهتزازات، وانبعاثات الغبار وإتلاف الطرق العمومية”.
وبخصوص تثمين المواد المستخرجة من القطاع أوضح المجلس أن “هذا الأمر اقتصر فقط على عملية الإدماج العمودي لأنشطة المقاولات العاملة في قطاع البناء والأشغال العمومية”، كاشفا بذلك أن “إقليم بنسليمان الذي كان من المنتظر أن يعرف إنجاز مشروع لتطوير الصناعات المرتبطة بمواد البناء، في أفق تعميمه على عدد من الأقاليم، لم يظهر وإلى حدود 2022 انطلاق الأشغال فيه، ما يجعل بروز عدم انطلاقة هذا المشروع في أقاليم أخرى”.
وأوصت الهيئة ذاتها رئاسة الحكومة بـ”وضع إطار مع إضفاء الصبغة الرسمية عليه لتحديد آليات تبادل البيانات بين الفاعلين المؤسساتيين المعنيين بقطاع المقالع، مع تمكين المراكز الجهوية للاستثمار من خريطة للعقار العمومي المعبأ أو المحتمل تعبئته لغرض استخراج مواد المقالع”.
التوصيات كانت أيضا موجهة لوزارة التجهيز والماء، وهي: “وضع منصة معلوماتية مشتركة مع مختلف الجهات المتدخلة في تدبير استغلال المقالع، وإستراتيجية وطنية لتدبير هذا القطاع وتتميم الإطار القانوني المنظم له، مع وضع آليات لتثمين مواد المقالع، وكذا تفعيل اللجنة الوطنية لتتبع استغلالها ومساعدة اللجان الإقليمية للمقالع من أجل الاضطلاع بكافة المهام المنوطة بها مع التتبع والتقييم الدوري لأعمالها، فضلا عن تعزيز وتتميم الترسانة القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتدبير البيئي لاستغلال المقالع”.