“عودة بوحمرون”.. أزيد من 8 وفيات ونشطاء يدقون ناقوس الخطر بسبب تفشي المرض بعدة جهات
تشهد عدة جماعات بمناطق مختلفة من المغرب، تفشي داء الحصبة “بوحمرون”، خاصة وسط الأطفال، وهو ما نجم عنه تسجيل عدة وفيات، رغم الأصوات التي تتعالى منذ أشهر مطالبة السلطات الصحية بالتدخل للحد من تفشي المرض.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي تدوينات لنشطاء مدنيين بالمناطق التي تشهد تفشي الحصبة، تحذر من استفحال الوضع، إلى جانب تناقل مقاطع مصورة، على رأسها مقطع لجدة تستنجد من أجل إنقاذ حفيديها بعدما أصيبا بـ”بوحمرون”.
وأكد أمين آيت منصور رئيس فيدرالية جمعيات سكساوة بإقليم شيشاوة، أن واحدا من الطفلين اللذين ظهرا في الفيديو لقي حتفه، في حين تم نقل الثاني إلى مراكش لتلقي العلاج، مشيرا إلى أن أم الطفلين توفيت قبل أسبوعين من إصابة طفليها، جراء “بوحمرون” أيضا.
وأكد آيت منصور أن جمعيات المجتمع المدني ظلت تدق ناقوس الخطر منذ ظهور أول حالة في المنطقة، شهر دجنبر الماضي، لكن مندوبية الصحة والجهات المعنية بالتدخل ظلت تصم آذانها، ولا تحرك ساكنا، إلى حين تفشي الوباء، ولم يبدأ التحرك إلا بعد انتشار فيديو الجدة التي كانت تستغيث.
وأفاد المتحدث أن قيادة سكساوة وحدها، التي تضم ثلاث جماعات بإقليم شيشاوة، شهدت تسجيل 9 وفيات، ثمانية منها في صفوف الأطفال، وذلك رغم نفي مندوبية الصحة، فالأسر بالمناطق الجبلية تقوم بدفن أطفالها بعد الوفاة مباشرة.
وأضاف الفاعل الجمعوي أنه ومنذ شهر دجنبر تتكاثر حالات الإصابة التي تم تسجيلها بداية في صفوف التلاميذ، خاصة بجماعة للا عزيزة التي تضم مدرسة جماعاتية وإعدادية ودارا للطالبة ودارا للطالب، ما شكل بؤرة خصبة لتفشي الوباء، ثم بعد ذلك انتقل “بوحمرون” مع حلول العطلة البينية إلى الدواوير في الجبال، دون أي تدخل يذكر من الجهات المسؤولة.
ونبه آيت منصور إلى أن عددا كبيرا من الأطفال في المناطق التي تشهد انتشار المرض، غير ملقحين ضد داء الحصبة، وضد فيروسات أخرى، بسبب بعد المستوصفات، بالإضافة إلى أن النساء اللواتي يضطرن إلى السير لساعات في الحرارة وبين المسالك الجبلية للوصول إلى أقرب مستوصف، يعدن أدراجهن خائبات في كثير من الأحيان، إما بسبب أن المستشفى مغلق أو بسبب الإضراب، أو لأن الممرض يرفض فتح قنينة اللقاح لتلقيح طفلين أو ثلاثة ويشترط لفتحها استكمال العدد اللازم من الأطفال.
وسجل الفاعل المدني أن وتيرة تلقيح الأطفال اليوم، ورغم تفشي الوباء ضعيفة، في حين ينتشر “بوحمرون” بشكل أسرع، فضلا عن صعوبة انتقال العائلات بأبنائها المصابين للمستشفى إما لكون سيارة الإسعاف بالجماعة ليست مجانية والعائلات في أوضاع اقتصادية صعبة، أو لكون سيارة الإسعاف معطلة، وهو ما يقتضي اليوم تحركا على مستوى الجماعات المعنية لتوفير نقل المرضى بشكل مجاني، إضافة إلى توفير النقل للأمهات من أجل نقل أطفالهن لتلقي اللقاح، فضلا عن تنظيم حملات للتلقيح بالدواوير البعيدة.
ولا ينحصر تفشي “بوحمرون” في إقليم شيشاوة فقط، فقد أكد عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أنه وبعد وفيات الأطفال في شيشاوة نتيجة الإصابة بالوباء، فإن “الأمر استفحل اكثر في إقليم فجيج: بوشاون وبومريم وبني تجديت وتالسينت، وآيت عبدالله وكرابة وتيغزراتين وعافية والصليان وبريشكو”، ومناطق أخرى، متسائلا “أين وزير الصحة من كل هذا الذي يقع؟”.
وفي جهة درعة تافيلالت أيضا، أصدرت المنظمة الوطنية لحقوق الطفل بالجهة بيانا استنكاريا حول تفشي داء الحصبة، أكدت أنه ومنذ تسجيل أول حالة وسط التلاميذ في تنغير مطلع السنة الجارية، دق المجتمع المدني ناقوس الخطر بعد ظهور حالات جديدة في عدة جماعات ودواوير، إلا أن تدخل وزارة الصحة ظل ضعيفا، رغم تزايد حالات الوفاة في صفوف الأطفال والأمهات.
واستنكرت الجمعية سياسة اللامبالاة من طرف مسؤولي الصحة، مطالبة بالتدابير الميدانية اللازمة لتطويق الوضع، مع دعوة المجالس المنتخبة لتحمل المسؤولية، وبمشاركة مندوبية التربية الوطنية، للقيام بعمليات تلقيح للأطفال غير الملقحين، والعمل على الحد من تفشي الداء.