دور المجتمع المدني في إعمال الحق في التنمية محور ندوة بخريبكة

نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة بني ملال خنيفرة يوم 19 أكتوبرالجاري، بالخزانة الوسائطية بخريبكة ندوة جهوية حول “دور المجتمع المدني في إعمال الحق في التنمية بين إكراهات الحاضر و تحديات المستقبل، وذلك بمشاركة فاعلين حقوقيين ومدنيين ينتمون إلى جمعيات فاعلة في الجهة.
وخلال هذا اللقاء، أكد رئيس اللجنة أحمد توفيق الزينبي دور ودينامية النسيج المدني بجهة بني ملال الذي يشتغل في مجمل الحقوق التنموية خصوصا منها الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية والبيئية، والذي استطاع أن يطور تخصصات خاصة به.
وأضاف رئيس اللجنة في كلمته، أن المجتمع المدني بالجهة عرف خلال العقود الأخيرة تطورات كبيرة منها ما فرضته ظروف ذاتية محضة ومنها ما حدث نتيجة للتغيرات التي طرأت على وظيفة وأدوار الدولة والجماعات الترابية.
وأشار إلى أن المجتمع المدني، خصوصا بعد صدور دستور2011، أصبح مطالبا بلعب أدوار جديدة خصوصا تلك المتعلقة بالمساهمة في إعداد وتنفيذ وتتبع وتقييم السياسات العمومية عبر آليات الديموقراطية التشاركية التي أقرتها عددا من القوانين التشريعية.
واختتم الزينبيي، كلمته بالتذكير بأهداف الندوة، والتي حددها في ثلاثة أهداف أساسية، هي الوقوف على الحق في التنمية في المواثيق الدولية ومدى استحضاره وإدماجه في السياسات والبرامج العمومية المتعلقة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية؛ و إعادة قراءة مجموعة من التجارب المدنية الجهوية من زاوية المساهمة في إعمال الحق في التنمية؛ بالإضافة إلى إثراء النقاش الجهوي حول إمكانيات تطوير منهجيات وآليات لتتبع واحترام الحق في التنمية وذلك بغية التمكن من قياس الأثر بالنظر لمرجعية حقوق الإنسان.
من جهته، أشار سمير سعداوي عضو جمعية الانطلاقة بأفورار إلى أن الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير القابلة للتصرف، وهو ما أقرته مجموعة من العهود والاتفاقيات الدولية ابتداء من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 إلى إعلان الحق في التنمية 1986.
وأضاف سعداوي، أن إعمال الحق في التنمية يفرض على الدول القيام بتدابير وسياسات عمومية وخطط تنموية شاملة تقتضي تعبئة الموارد المادية والبشرية المتاحة في إطار الإعمال التدريجي للحقوق.
وجانبها تطرقت ليلى الخياطي، عضوة اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة بني ملال خنيفرة في مداخلتها إلى أدوار المجتمع المدني في التنمية من خلال التشريعات الوطنية والسياسات العمومية، مشيرة إلى أن دستور 2011 كرس تكامل الديموقراطية التشاركية والديمقراطية التشاركية وجعلها من أسس النظام الدستوري المغربي حيث ضمن للمجتمع المدني في العديد من فصوله الحق في المشاركة في صنع السياسات العمومية و تنفيذها و تتبعها و تدبير الشأن العام من خلال آليات الديموقراطية التشاركية من خلال قانوني العرائض و الملتمسات و من خلال القوانين التنظيمية للجماعات الترابية و مراسميها التطبيقية .
من جهتها تناولت الفاعلة الحقوقية سمية الأمراني، عضوة الائتلاف المدني للدفاع عن حقوق النساء، في مداخلتها موضوع الحركة النسائية بجهة بني ملال خنيفرة و أدوارها في التنمية، حاولت من خلالها رصد التطور التاريخي لمطالب التنظيمات النسائية بدء من مساهمتها في الحركة الوطنية لاستقلال المغرب منذ ثلاثينيات القرن الماضي مرورا بمحطة 1975 التي تقدمت فيه 76 جمعية نسائية بملف مطلبي نسائي شامل بهدف الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والمدنية والاقتصادية والسياسية للنساء ومناهضة كل أشكال العنف الموجهة ضدهن، قبل أن يعملن على توسيع النقاش ليصبح مجتمعيا والتدخل لدى أصحاب القرار بهدف التأثير في السياسات و القوانين المجحفة في حق النساء
و أوضحت الأمراني، أن جهة بني ملال خنيفرة شهدت بدورها ظهور منظمات وجمعيات نسائية محلية وجهوية طرحت قضية المرأة ضمن اشتغالها الأساسي وركزت على ضرورة وضع برامج وخطط عمل لتغيير وضعيتها والرفع من قدراتها على جميع المستويات، وخصوصا في مجال التمكين الاقتصادي عبر تقوية الاستقلالية المادية للنساء وفي مجال التمكين السياسي والثقافي الحقوقي، أي إقرار الحقوق المدنية والسياسية للنساء وتوسيع تشبع النساء بها.
وأضافت سمية الأمراني أن الجمعيات النسائية بالجهة تواجه مجموعة من الإكراهات تتمثل بالأساس في محدودية الانخراط الفعلي للمجالس المنتخبة وهيمنة العقلية الذكورية وإقصاء وحصار بعض الجمعيات و ضعف الدعم المادي للمخططات والبرامج النسائية و ضعف التنسيق بين الجمعيات النسائية.
محمد عاميري الكاتب العام لجمعية الأمل للأشخاص في وضعية إعاقة بزاوية الشيخ تطرق في مداخلته إلى مساهمة جمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة في التنمية بالجهة من زاوية التنمية الدامجة، والتي تعني التنمية التي تمس على جميع فئات المجتمع سواء كانوا نساء أو رجالا، أطفالا أو شبابا أو شيوخا، في وضعية إعاقة أو من دونها.
وأوضح عاميري، أن جمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة اشتغلت قبل الاتفاقية الدولية المتعلقة بالإعاقة بمقاربة إحسانية تكافلية تعتمد على الصدقة والإحسان وانتظار الأخر لفعل الخير، مما كرس النظرة الدونية والاتكالية وضعف الثقة في قدرات الأشخاص في وضعية إعاقة، وجعلهم عالة على الآخرين وعلى المجتمع، باستثناء حالات منفردة انخرطت في المهن والصناعة وبعد الخدمات.
وأضاف عاميري، أن النسيج الجمعوي الجهوي، المهتم بشؤون الأشخاص في وضعية إعاقة بالجهة غير بدوره من مقاربته الإحسانية إلى مقاربة حقوقية، و اندمج في مخططات ترافعية، واعتمد صيغة المشاريع بدل المنح والإحسان، مما سمح بظهور مجموعة من الجمعيات تقدم خدمات جليلة لهذه الفئة في المجالات الاجتماعية والتربوية والطبية والرياضية إلى جانب التمكين الاقتصادي فضلا عن الأدوار التقليدية الخاصة بالترافع والتحسيس وتقديم الخدمات.
وأوضح عاميري أن مساهمة جمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة في التنمية بالجهة لازلت ضعيفة بالمقارنة مع جهات أخرى و تعتريها صعوبات كبيرة داعيا إلى تضافر الجهود والتعاون المؤسساتي من اجل النهوض بحقوق هذه الفئة، لتغير وضعها الاجتماعي والاقتصادي والتكويني في المستقبل.
نور الهدى لوديني، عضو جمعية الشعلة بخريبكة تناولت مساهمة الجمعيات العاملة في مجال الشباب في التنمية بالجهة من خلال مداخلة بعنوان “أدوار الجمعيات بالجهة في التنمية المندمجة للشباب “، موضحة أن مفهوم التنمية المندمجة الذي يقطع مع المقاربات التنموية القطاعية الضيقة، في مقابل إدماج جميع فئات وشرائح المجتمع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية هو الخيار التنموي الأنسب لكونه يتمكين الشباب من تحسين وضعهم الاجتماعي والمشاركة في إنتاج الثروة الوطنية.
و أضافت لوديني، أن الجمعيات العاملة في مجال الشباب بجهة بني ملال خنيفرة استطاعت الانخراط في التنمية المندمجة بشراكة مع مؤسسات وطنية ودولية، وتمكنت من إنجاز العديد من البرامج التي تروم التمكين الاقتصادي للشباب وتعزيز مشاركتهم في تدبير الشأن المحلي.
وأشارت إلى أن هذه الجهود تصطدم بعدة عراقيل وصعوبات تحد من فعلية مشاركة إدماج الشباب في التنمية الشاملة، داعية إلى تفعيل الأدوار الجديدة للمجتمع المدني كما نص على ذلك دستور 2011 ذات العلاقة بالموضوع.