تنامي متابعة الصحافيين وسعي للتحكم في الإعلام.. الوضع “المزري” لحرية الصحافة يحاصر الحكومة داخل البرلمان

 تنامي متابعة الصحافيين وسعي للتحكم في الإعلام.. الوضع “المزري” لحرية الصحافة يحاصر الحكومة داخل البرلمان

أكدت المعارضة بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، أن واقع حرية التعبير والإعلام بالمغرب لا يزال يعاني من تحديات عديدة، تتعلق أساسا بالمتابعات الجمة التي يتعرض لها الصحافيون، ومحاولات تدجين المؤسسات الإعلامية سواء عبر التضييق أو إغداق الأموال عليها، فضلا عن الوضع المؤسف للمجلس الوطني للصحافة.

جاء ذلك خلال اجتماع للجنة التعليم والثقافة والاتصال بحضور الوزير مهدي بنسعيد حول موضوع “حرية التعبير والإعلام”، حيث وصفت مجموعة العدالة والتنمية وضع حرية الصحافة والتعبير في المغرب بالمزري والمؤسف، ورصد فريق التقدم والاشتراكية استمرار المساس بحرية الصحافة والتعبير وبالتنظيم الذاتي للقطاع، في حين سلط الفريق الاشتراكي الضوء على المتابعات الجمة التي تطال الصحافيين والهشاشة المزمنة للحقل الإعلامي.

متابعات وتدجين

وقالت مجموعة العدالة والتنمية إن الصحافة والإعلام المستقلين بالمغرب يتعرضان إلى استهداف مقصود وممنهج، إما بالتدجين تارة أو التضييق تارة أخرى، بوسائل قمعية واضحة عبر الزج في السجن، أو ناعمة.

وأشارت المجموعة إلى أن ما يثبت الواقع المزري لحرية الصحافة والتعبير؛ عدد المتابعات القضائية التي يتابع في شأنها صحفيون من طرف وزراء حكومة أخنوش، ثم توظيف الدعم العمومي كأداة لتدجين الصحافة وترويضها على محاباة الحكومة والكف عن نقدها، ثم الإجهاز على استقلالية الصحافة من خلال قانون يكرس تبعيتها للحكومة عبر إقبار المجلس الوطني للصحافة واستبداله بلجنة مؤقتة يعينها رئيس الحكومة.

وفي تفاصل هذه النقاط الثلاثة التي تؤكد الواقع المؤسف للصحافة بالمغرب، توقفت “العدالة والتنمية” على تحطيم حكومة أخنوش رقما قياسيا في متابعة الصحفيين أمام الحاكم، لأنهم مارسوا مهمتهم ورسالتهم النبيلة بتفان واتقان، وهي كشف الحقيقة، باعتبارهم السلطة الرابعة.

كما بات مؤكدا، تضيف ذات المجموعة، أن هذه الحكومة منذ ميلادها وهي تشن حربا ضروسا على الإعلام الحر والصحافة المستقلة، بتوظيف الدعم العمومي وإغداق أموال الإشهار على من يصطف من الصحافة والإعلاميين في طابور المناصرين والمؤيدين لها، في مقابل على قطع كل السبل إلى الدعم العمومي على المقاولات الصحفية التي اختارت الاتزام بالاستقلالية والمصداقية في ممارستها المهنية.

واعتبرت المجموعة أن هذه النقاط، تشكل مسا خطيرا بحرية الصحافة واستقلاليتها، إضافة إلى كونها اعتداء فجا وصارخا على أحد مقومات الديمقراطية وحقوق النسان بالمغرب، وتعكس توجها حكوميا نحو الهيمنة والتحكم في الحريات العامة عموما والصحافة والإعلام خصوصا.

محاولة السطو على القطاع

من جانبه، سلط فريق التقدم والاشتراكية في مداخلته خلال الاجتماع، الضوء على كون تجربة التنظيم الذاتي تعيش اليوم تراجعا وأزمة غير مسبوقة، وهي أزمة مصطنعة ومتعمدة، وتم الالتفاف على تجديد هياكل التنظيم وعلى بعث نفس جديد فيه.

ونبه الفريق إلى أنه مرت إذن كل الآجال، ولا انتخابات حُضِّرت أو أُجريت، ولا حكومة تحركت أو اجتهدت في هذا الاتجاه، ولا معايير ومقتضيات دستورية وديموقراطية وأخلاقية احتُرِمت. وتأكدت محاولةُ السطو على قطاع الصحافة والنشر بعد أن بذل المغرب مجهودا كبيرا في سبيل تحريره وإقرار تنظيمه الذاتي.

وأشار الفريق إلى أن هناك أطرافاً قليلة من الجسم الصحفي، مستفيدة من الوضع الحالي، ومدعومة من بعض الأطراف الحكومية التي تريد أن تُجهز على استقلالية المجلس، وعلى العمل الصحفي الحر والمستقل، وأن تسيطر على الفضاء الصحفي، ضدا على الدستور والقانون وعلى مكتسبات المغرب في مجال حرية الرأي والتعبير والتعددية.

وقال الفريق “المهلة المحددة في سنتين لانتخابات المجلس الوطني ستنتهي في أجل أقصاه أكتوبر من هذه السنة، ولا تَبدو في الأفق أية إجراءات أو خطوات أو مشاورات توحي بالرغبة في اخراج المجلس الوطني من وضعيته المتأزمة. وفي هذا الوضع إضرارٌ جسيم بصورة المغرب”.

كما أكد “التقدم والاشتراكية” أن حماية المقاولة الصحفية والصحفيين تتطلب النزاهة والشفافية في التمويل العمومي، وفي الولوج إلى الطلبيات العمومية الإعلامية، وفي الولوج المتكافئ إلى الإشهار الذي لا بد من تقنينه، مع ضرورة توفير الحماية القانونية للصحفيين ضد الاعتداءات والمضايقات، وتوسيع حرية الوصول إلى المعلومات لضمان حصول الصحفيين على المعطيات اللازمة لأداء مهامهم بفعالية.

هشاشة بنيوية مزمنة

بدوره، الفريق الاشتراكي، توقف على ما يعانيه الحقل الإعلامي من هشاشة بنيوية مزمنة. إذ تشير إحصائيات النقابة الوطنية للصحافة المغربية إلى أن حوالي 62% من الصحفيين لا يتوفرون على عقود عمل دائمة، ويشتغلون في ظل شروط مهنية واقتصادية هشة، ما يُفقدهم القدرة على الاستقلال والاحتراف، ويُضعف جودة المنتوج الصحفي. كما أن العديد من وسائل الإعلام المستقلة تكافح من أجل البقاء، في غياب آليات تمويل شفافة وعادلة.

وأبرز الفريق أن المتابعات القضائية ذات الطابع الجنائي ضد الصحافيين والنشطاء الاجتماعيين والحقوقيين تتزايد، وهو ما يناقض جوهر دولة الحق والقانون التي ترتكز على مبدأ التدرج في العقوبات، وعلى تفضيل الآليات التأديبية أو المدنية عوض المقاربة الزجرية.

واعتبر الفريق أن ما يزيد الطين بلة؛ استمرار وضعية الإعلام العمومي في حال من الغموض والهيمنة. إذ يتم تعيين مسؤوليه في غياب معايير واضحة للكفاءة والتعددية، ويُستعمل أحياناً كأداة للدعاية السياسية، بدل أن يكون منبراً للنقاش العمومي والتثقيف الديمقراطي.

ودعا الفريق الاتحادي إلى إعادة فتح ورش مراجعة مدونة الصحافة والنشر، ووضع قانون خاص بالإعلام العمومي، يقطع مع التعيينات الحزبية، ويضمن استقلالية التحرير، والتدبير المالي، ويكرّس التعددية في المحتوى، مع إحداث صندوق دعم خاص للصحافة الجادة والاستقصائية، يحمي الصحفيين من الضغوط الاقتصادية، ويضمن تنوعاً في زوايا المعالجة والقضايا المطروحة.

هيئة التحرير

أخبار ذات صلة

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة الجهة24 لتصلك آخر الأخبار يوميا