تقرير إخباري- خروقات في الانتخابات تكشف هشاشة التدبير بعدمَا ورط عامل آسفي وزارة الداخلية

 تقرير إخباري- خروقات في الانتخابات تكشف هشاشة التدبير بعدمَا ورط عامل آسفي وزارة الداخلية

الجهة24- هيئة التحرير

في واحدة من الأحداث الغير المسبوقة التي عرفها إقليم آسفي، في عهد إشراف ممثل الحكومة والملك على الإقليم، العامل الحسين شيانان والذي يتولى في أول تجربة له في مسيرته المهنية منصب برتبة عامل، بعدما تولى مناصب كقائد وكاتب عام، عرفت آسفي، انتخابات مشوهة، ثبتت فيها تهم كثيرة أكالها عدة فرقاء سياسيين لوزارة الداخلية تتعلق بـ”استخدام المال ومحاباة طرف دون الأخر والتزوير”، بينما وزارة الداخلية ظلت تنفي هذه التهم بشكل مكرر، غير أن تدبير عامل آسفي لهذه العملية، كشف عورة “ديمقراطية الانتخابات” المنشودة ووضع وزارة الداخلية في ورطة حقيقية.

وأكدت كل القرارات الصادرة عن المحكمة الدستورية، وجود تواطؤ لأعوان وقياد السلطة التابعين لعمالة آسفي، فيما أشار قرار أخر إلى خروقات مسطرية ارتكبها عامل آسفي بنفسه، من خلال اعتداءه على صلاحيات غير صلاحياته القانونية.

وتسبب الحسين شيانان، في ثلاث حالات تضطر معها وزارة الداخلية إلى تنظيم انتخابات جزئية في حالتين والثلاثة – في انتظار قرار المحكمة الدستورية ستقضي فيه في الغالب بشغور المنصب ليتولاه الثاني في لائحة المرشح- ، وعلى غرار قرارين للمحكمة الدستورية بسبب خروقات وتدخل السلطات في الانتخابات قضت بتنظيم انتخابات جزئية فيهم وإسقاط مقعدين برلمانيين لـ” التهامي المسقي عن حزب الحركة الاجتماعية الديمقراطية” و”رشيد بوكطاية عن حزب الأصالة والمعاصرة” فإنَ تقصير عامل آسفي في مراجعة أوراق اعتماد المرشحين، أدى إلى دخول محمد الحيداوي عن حزب الأحرار للانتخابات، وهو الذي صدر ضده حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، يمنعه من دخول البرلمان.

وبالتحديد، فقد صدر حكم نهائي ضد محمد الحيداوي في أكتوبر 2021، في قضية اصدار شيك بدون رصيد، بثلاثة أشهر حبساً موقوفة التنفيذ وهو الحكم الذي صدر في الملف عدد 61/2018 عن ابتدائية آسفي، وتم استئنافه، وصدر حكم استئنافي، يقضي بتأييد العقوبة الحبسية والغرامة في حق البرلماني المذكور وصدر قرار عن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض بتاريخ، 21/04/2021 يقضي بسقوط طلب النقض مما صار معه الحكم نهائيا.

واضطرت مجددا عمالة آسفي، بعدما تورطت وطلب حزب المسقي كتابيا من عمالة آسفي بالتشطيب عن البرلماني، إلى اصدار قرار التشطيب على الحيداوي من اللوائح الإنتخابية في يناير 2023، فيما سيجري لاحقًا، عزل الحيداوي من مقعده البرلماني، وكان تمحيص بسيط من اللجنة المشرفة على الانتخابات بعمالة آسفي، أن توفر هذا العناء كله منذ البداية وتقضي برفض طلب ترشح الحيداوي.

أصل الحكاية.. سبت جزولة شاهدة على “شاينان”

خلال انتخابات 08 من شتنبر 2021، البرلمانية والجماعية، شهدت منطقة سبت جزولة ضواحي آسفي، على غرار تلك الأحداث المؤلمة التي عرفتها مدن جنوب البلاد بالصحراء المغربية، أحداث دامية بسبب اتهامات بالتزوير في نتائج الانتخابات وتواطؤ رجال السلطة التابعين لعمالة آسفي، استخدمت فيها قوات الدرك الملكي، مروحيات حلقت فوق بلدة سبت جزولة.

احداث دامية عرفتها السبت جزولة في 08 شتنبر 2021

وجاءت تلك الأحداث الدامية التي عرفت تخريب منشآت عمومية وخاصة، بعد تسريب ارتفاع منسوب إحصاء أصوات حزب التجمع الوطني للأحرار في بعض مكاتب التصويت. ولم تصدر أنداك عمالة آسفي بلاغ ينفي أو يؤكد تورط جهات معينة في عملية التسريب والمتسببين في إشعال فتيل الفتنة الذي حول أرض جزولة إلى أرض محروقة، مما يطرح تساؤلات حول “الجهات التي تسترت أو سعت إلى طي هذه الفضيحة”.

وفي سابقة من نوعها، هب مئات من سكان سبت جزولة لمحاصرة مركز للاقتراع من أجل حماية أصواتهم حين بلغهم أن رؤساء المكاتب يرفضون إقرار نتائج الفرز ويرغبون في إرسال الصناديق لإعادة فرزها في مقر عمالة إقليم آسفي.

وكان سكان سبت جزولة يرون في الانتخابات فرصتهم للتخلص من عائلة تحكم قبضتها على مصائرهم منذ 4 عقود – تشير بعض المصادر إلى قرب هذه العائلة من السلطة في العمالة- ، توارث أبناؤها رئاسة المجلس من أب لابن لأخ لأخت لحفيد.

في السبت جزولة، كان أكثر ما ميز الحملات الانتخابية هناك هو مصطلح ’’الاستقلال‘‘، حيث ذهب المواطنون للتصويت وهم يعتبرون أنهم يشاركون في استفتاء لاستقلالهم، وكانوا يربطون أصواتهم بتقرير المصير في خضم تسونامي المال والنفوذ الذين ميزا الحملات الانتخابية.

 وبعد إغلاق المكاتب جلست جزولة كلها تترقب، ومن عجائب الفرز هناك أن مكتبين لا يصل عدد المصوتين فيها إلى 400 صوت تطلب الفرز فيهما ليلة كاملة، وبينما أظهر الفرز فوز معارضي ’’العائلة الحاكمة‘‘ قرر رئيسا مكتبين عدم التوقيع على المحاضر رغم إعادة الفرز ثم قررا نقل الصندوقين إلى مقر العمالة لإعادة فرزهما، وهو ما فجر احتجاجات عارمة تطورت إلى موجهات استمرت إلى الليل فيما أصبح يسمى ’’أحداث الخميس الأسود‘‘، والأغرب أن رئيسا المكتبين كلاهما من أقارب رئيس المجلس الجماعي، أي من نفس العائلة.

اصطدام “المسقي” بـ”شيانان”

الحملة القانونية – في العلن- التي يقودها البرلماني المعزول من مقعده البرلماني التهامي المسقي، ضد عامل آسفي ودواليب عمالته عبر تجميع الطعون ومراسلة المحكمة الدستورية، تخزن في خلفيتها، أسباب عدة، أسباب منها بارزة تتعلق بصراع المصالح والامتيازات، ورط عامل آسفي نفسه فيه، عندما لم يلتزم بالحياد، وأحاط به رجال المال والأعمال والأعيان.

وبدأت “المعركة” دونَ سابق إنذار، وحده المسقي من يعرف أسبابها، إذ تقدم المرشح سامي المليوي عن حزب التقدم والإشتراكية، بطعون تتعلق بالانتخابات 08 من شتنبر للمحكمة الدستورية، وتبث لأول مرة، بقرار من المحكمة الدستورية، تورط سلطات عمالة آسفي في الانتخابات.

وأشار قرار المحكمة الدستورية، الذي قضى بإسقاط مقعد التهامي المسقي عن حزب الحركة الاجتماعية الديمقراطية، أن قائد المنطقة والذي يفترض فيه الحياد، فإنه رفض تسليم وثيقة انتداب ممثلي الطاعن بمكاتب التصويت، وخلال الانتخابات المذكورة، تبين أيضًا أن مجموعة من صناديق الاقتراع لم يتم فرز الأصوات المودعة بها، ولا إحصاؤها داخل مكاتب التصويت المعنية، بل نقلت إلى جهات أخرى حيث تم إنجاز المحاضر المتعلقة بها – هو نفس الشيء الذي حدث في سبت جزولة غير أن الطاعنين لم يدلوا بما يفيد للمحكمة الدستورية- .

وتُشير الدفعات المسجلة، أن عامل الإقليم قام بإعلان نتائج الاقتراع دون التوصل بباقي محاضر المكاتب المركزية – هو نفس الشيء الذي حدث بعد إجراء الانتخابات الجزئية لشغور هذا المقعد نفسه- ، كل ذلك في مخالفة لأحكام المادتين 80 و84 المشار إليهما؛ فيما كشفت المحكمة الدستورية، أن عامل آسفي، غير مؤهل لإعلان النتائج، بينما الجهة المختصة هي لجنة الإحصاء الإقليمية.

وخلال الانتخابات الجزئية، التي فاز بها مرشح حزب الأصالة والمعاصرة، رشيد بوكطاية، أعلن عامل آسفي عن نتائج الانتخابات بمقر العمالة، لكنه أخفى 712 صوت إلى حدود – الآن- وخلال تمحيص دقيق أجراه موقع “الجهة24” حول الانتخابات الجزئية الأخيرة، تبين أن 712 صوتا من أصل الأصوات المعبر عنها اختفت، ولم يجري إحصاءها، ولكن عامل إقليم آسفي الحسين شينان قال خلال ندوة تقديم النتائج: إن هذه النتائج ليست نهائية، قبل أن يختفي ولم يعد للموضوع أي أثر لاحقًا.

وبلغَ عدد المصوتين بحسب، ما نقله عامل الإقليم الحسين شينان، 80492 مصوت وعدد الأصوات الملغاة 3826 صوت، بينما عدد الأصوات المعبر عنها 76666، وجاءت النتائج على النحو التالي:

وفي ما يُشبه الارتباك والاستخفاف بالصحافة الإقليمية والهيئات المدنية، عجزت عمالة آسفي عبر قسمها الإعلامي، وأقسام الانتخابات المتبقية، رغمَ توفرها على العشرات من الموظفين الذين يتقاضون أجورهم من المال العام، على إخراج الإحصائيات والأرقام النهائية المتعلقة بالانتخابات لحدود الآن، مكتفية بالتصريح الإعلامي الذي أصدره عامل آسفي ليلة إعلان الفائز في الانتخابات، والذي عرفَ تشوها في الأرقام المعلنة وارتباكا بسبب تأخر وصول ظرف الانتخابات ومعه رئيس قسم الشؤون الداخلية، وكانت النتيجة حتى الآن اختفاء 712 صوتا.

وفجر رشيد صابر، رئيس جماعة البخاتي والمرشح السابق للانتخابات الجزئية بآسفي عن حزب التجمع الوطني للأحرار فضيحة من العيار الثقيل، بعدما كشف أن الانتخابات الجزئية التي شارك فيها كانت انتخابات مزورة وتدخلت فيها أيادي الغش والتزوير لتملئ صناديق الاقتراع بأصوات وهمية.

وجاء قرار إلغاء مقعد برلماني بآسفي، الصادر عن المحكمة يوم الخميس 14 يوليوز الجاري والذي ارتكزت عليه المحكمة في قبول الطعن ضد “المسقي”، أنه كان ينتمي إلى حزبين سياسيين في آن واحد، إذ انتخب باسم الأول (الأحرار) في الغرفة الفلاحية لجهة مراكش- آسفي، وانتخب باسم حزب ثان (الحركة الديمقراطية الاجتماعية) في الانتخابات التشريعية، مما يجعل ترشيحه مخالفا للقانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية.

رد عامل آسفي على المسقي

وفي تطور ملحوظ لصراع ثنائي، بين ممثل وزارة الداخلية، عامل إقليم آسفي الحسين شيانان، وأذرع البرلماني التهامي المسقي المعزول الذي قضت المحكمة الدستورية بعزله، قرر عامل آسفي تجميد منصب رئيس جماعة أنكا إقليم آسفي، المنتمي لحزب البرلماني المعزول “الحركة الاجتماعية الديمقراطية” وأحد مقربيه.

وأحال عامل آسفي، طلب عزله على المحكمة الإدارية بمراكش، ويأمل أن تقضي قضائيا بعزله وتجريده من مهامه، وجاء قرار عزل رئيس جماعة “أنكا”، عبد الحق دردوري، المنتمي للحركة الاجتماعية الديمقراطية،  بسبب تقرير لعمالة آسفي تقول غيه إنه ارتكب “أخطاء جسيمة والتقاعس عن أداء المهام”، وذلك بعد رصد العديد من الاختلالات المرتبطة بسوء تسيير وتدبير شؤون الجماعة.

المحكمة الدستورية تُدين عامل آسفي مجددا

وللمرة الثانية تواليا، قضت  المحكمة الدستورية ببطلان مقعد برلماني في إقليم آسفي، في انتخابات أشرف عليها عامل الإقليم الحسين شيانان، أثارت جدلا مرتين متتاليتين، وأنهى قرار المحكمة الدستورية الشكوك حولها مجددا، بعدما أكد تورط هذه السلطات ومحاباة طرف دون أخر، والمس بسلامة ونزاهة العملية الديمقراطية.

وبعدما سبق وجرى إسقاط مقعد البرلماني المعزول، التهامي المسقي، عاد البرلماني ذاته، مجددا، للتقدم بطعون ودلائل أخرى ضد مرشح حزب الأصالة والمعاصرة الذي فاز بالمقعد الشاغر، في انتخابات، أكدت كل المعطيات أنها عرفت انزال الأصوات بالعالم القروي بشكل غريز.

وذكر نص قرار حكم المحكمة الدستورية أنه وقع “تسريب عدد من أوراق التصويت “الفريدة” “الفارغة” الخاصة بعدد كبير من مكاتب التصويت تم ضبطها لدى بعض أعوان ومأموري السلطة تحمل طابع السلطة الإدارية المحلية، تعود للمكاتب التالية:  ـ ورقتا تصويت فريدتان، لا تحملان أي علامة تصويت تعودان على التوالي لمكتبي التصويت رقم 3 و10 (جماعة اصعادلا)؛ – أربع أوراق تصويت فريدة لا تحمل أي علامة تصويت، تعود على التوالي لمكاتب التصويت ذات الأرقام 10 و14 و15 و16 (باشوية جزولة)؛ – ورقة تصويت فريدة لا تحمل أي علامة تصويت، تعود لمكتب التصويت رقم 11 (جماعة سيدي التيجي)؛

ومن جهة أخرى، بحسب نفس القرار، ضبط ورقتي تصويت فريدتين، غير مختومتين، وكذا “حوالي 300” ورقة تصويت فريدة تخص مكاتب تصويت مختلفة على مستوى الدائرة الانتخابية، موضوع الطعن، مما يعد فعلا ماسا بصحة الانتخاب، يؤثر على مصداقية وسلامة العملية الانتخابية برمتها.

وكان “بوكطاية” قد فاز بالمقعد على إثر الاقتراع الجزئي الذي أجري يوم 29 سبتمبر 2022 بالدائرة الانتخابية المحلية آسفي، (إقليم آسفي).

وحصل الأصالة والمعاصرة على أكثر من 41 ألف صوت (41104)، مقابل حصول حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية على أكثر من 17 ألف صوت (17811).

وفي خضم هذه الخروقات، كان القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية، عبد العزيز أفتاتي، قال في تدوينة إن: “ثلاثة مسارات لا رابع لها: إصلاح جدي جذري متنام ينحته الشعب من أجل سيادة قراره بالتوجه رأسا صوب خيار الملكية البرلمانية وحسم الانتقال الديمقراطي، أو فاشية انقلابية نهج البنية العميقة والموازية، المتحالفة مع الكمبرادورات والرأسمال الكبير الريعي الفاسد لبضع عائلات، أو ثورة بشتى أجنداتها و مآلاتها و احتمالاتها، في انتظار الذي يأتي و لا يأتي”.

أما القيادي المحلي بنفس الحزب بآسفي، والبرلماني السابق، إدريس الثمري، قال في تصريح لموقع “الجهة24” إن العدالة والتنمية تنافس في الانتخابات الماضية مع الإدارة  وكانت هي المنافس الحقيقي للحزب وليس الأحزاب الساسية قائلا: “الانتخابات فيها النفيخ وأصحاب الشكارة والفنادقية والدكاكين السياسية” مشيرا إلى أن حزبه يقوم بالعمل السياسي المتعارف عليه.

هيئة التحرير

أخبار ذات صلة

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة الجهة24 لتصلك آخر الأخبار يوميا