تعيينات ملكية في ثلاث مؤسسات دستورية.. إزاحة الراشدي بعد اصطدامه بحكومة أخنوش وحسن طارق في منصب وسيط المملكة

 تعيينات ملكية في ثلاث مؤسسات دستورية.. إزاحة الراشدي بعد اصطدامه بحكومة أخنوش وحسن طارق في منصب وسيط المملكة

شهدت ثلاث مؤسسات دستورية، اليوم الاثنين، تغييرات في رئاساتها، حيث خلفت أسماء بعضها البعض، وانتقلت أخرى من مسؤولية لمسؤولية أخرى، في حين اختفى اسم محمد البشير الراشدي الذي كان يرأس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بعد أشهر من التضييق عليه ومهاجمته على خلفية تقرير حول “كلفة الفساد”.

وجرى تعيين محمد بنعليلو رئيسا لهيئة النزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها قادما من رئاسة مؤسسة أخرى هي وسيط المملكة، وخلفه في هذا المنصب حسن طارق القادم من سفارة المغرب بتونس بعد توتر العلاقات بين الرباط وقصر قرطاج، في حين خلف عبد القادر اعمارة الوزيرُ السابق عن حزب العدالة والتنمية الوزيرَ الاتحادي السابق أحمد رضا الشامي على رأس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بعدما جرى تعيين هذا الأخير -من جديد- في أكتوبر الماضي، سفيرا للمغرب لدى الاتحاد الأوروبي.

ووسط هذه التعيينات، سقط اسم محمد البشير الراشدي، الذي شنت عليه الحكومة ووزراؤها “حربا” على إثر التقرير السنوي الأخير لهيئة النزاهة، والذي كشف فيه عن أن الفساد بالمغرب يكلف 50 مليار درهم سنويا، ووجه اتهامات مباشرة للحكومة بتعطيل مكافحة الفساد، وهو ما كرسه في تصريحات وحوارات صحافية متعددة، أكد فيها أن الفساد يعيق التنمية وينتهك حقوق المواطنين المختلفة، ويطال مختلف المجالات من القضاء للسياسة للإدارة، وغيرها، في ظل عدم التشجيع على التبليغ، بل وتقييده كما هو الحال مع مقتضى “السر المهني”.

وجاء إنهاء مهام الراشدي الذي سبق له أن شغل منصب الكاتب العام لـ”ترانسبرانسي المغرب” بعد سلسلة من الضربات التي تلقاها، والتي أعقبت تقرير الهيئة حول تغلغل الفساد، حيث عمدت الحكومة إلى تقليص ميزانية الهيئة، ثم عمدت إلى القيام بمراجعة ضريبية معه وصفها رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران بأنها “انتقام سياسي” من الرجل.

وشن مجموعة من الوزراء هجوما لاذعا على الراشدي بمجرد صدور التقرير من بينهم مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة وعبد اللطيف وهبي وزير العدل، حيث اعتبر الأول في ندوة صحافية أنه يجهل القوانين، ولمح إلى أن الهيئة التي يرأسها لا تقوم بأدوارها الدستورية، ودعاه إلى الذهاب للقضاء في ملفات الفساد، في حين قال وهبي إن الراشدي يحاول أن يدعي أنه “مسيح زمانه” وأنه “النقي الوحيد في المغرب”، ويبين أن المغرب كله فاسد، وأن الحكومة فاسدة والبرلمان فاسد، داعيا إياه إلى تحديد أين هي 50 مليار التي تحدث عنها، حتى يتحرك القضاء لإرجاعها.

ولم تتوقف مهاجمة الراشدي على وزراء حكومة أخنوش فقط، بل انتقلت إلى البرلمان، حيث انسحب فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين من اجتماع بحضور الراشدي، بدعوى  أنه من غير المعقول أن تقدم الهيئة عرضا في البرلمان تتهم فيه الجميع بالفساد، بما في ذلك البرلمان ومؤسسات وقطاعات حكومية.

وقد عبرت العديد من الهيئات المغربية عن رفضها لهذا التضييق والتهجم على مؤسسة دستورية ورئيسها، فقط لأنه سلط الضوء على استشراء الفساد، وغياب الإرادة الحكومية لمواجهته.

ومن أهم ما تضمنه تقرير هيئة النزاهة الذي أغضب الحكومة من الراشدي، أن كلفة الفساد تقدر بـ50 مليار درهم سنويا، وتسجيله ضعف تفاعل الحكومة مع توصيات مكافحة الفساد، والتقهقر المتواصل للمغرب في مؤشرات الفساد وما ينطوي عليه من انتهاك حقوق المواطنين خاصة وأنه يطال مختلف القطاعات، فضلا عن انتقاده لتجميد حكومة أخنوش عمل اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، وهذا السبب الأخير هو الذي دفع “ترانسبرانسي المغرب” التي كان ينتمي لها الراشدي من الانسحاب من هذه اللجنة.

وما انفك الراشدي يؤكد على ضرورة إصدار إطار قانوني خاص بمكافحة الإثراء غير المشروع، خاصة بعد سحب حكومة أخنوش له من البرلمان، إلى جانب انتقاده لتأخر إحداث الوكالة الوطنية الخاصة بتدبير الأموال المحجوزة المتأتية من الفساد، ورفضه تقييد حق الجمعيات في تقديم شكايات ضد فاسدين وناهبي المال العام، وتأكيده عدم تفاعل الحكومة مع توصيات الهيئة حول مشروع قانون المسطرة الجنائية وهي توصيات استهدفت إرساء المقومات الضامنة للنهوض بالتبليغ والكشف عن جرائم الفساد في إطار تحصين الضمانات، وتعزيز التعاون المؤسساتي وتكامل جهود أعمال البحث والتحري، وإذكاء الدينامية في ملاحقة جرائم الفساد ومتابعتها، وتيسير بلوغ جرائم الفساد إلى القضاء، وضمان الشفافية والنجاعة القضائية.

وجاءت مغادرة الراشدي للهيئة التي ترأسها منذ منتصف دجنبر 2018 بعد هذا الصراع، تزامنا مع تأكيد أصوات حقوقية بالمغرب أن الفساد تغول وبات يعبر عن نفسه بوضوح ويشرع لنفسه، وأنه بات نظاما لتدبير الشان العام، في ظل غياب الإرادة السياسية لمحاربته، وهو ما تؤكده أيضا تقارير وطنية ودولية ذات صلة.

هيئة التحرير

أخبار ذات صلة

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة الجهة24 لتصلك آخر الأخبار يوميا