الجهة24- الرباط

رمضان هو الوقت الذي تتناثر فيه انتقادات حول هزالة الإنتاج التلفزي، ويتحدث الكثيرين عن رداءة المسلسلات وسيتكومات في سيناريو يتكرر كل موسم رمضاني، فيما تُدافع قنوات القطب العمومي عن انتاجها الذي يُكلف الملايير من أموال دافعي الضرائب وتحتكره شركات “محظوظة” بعينها، وأخرى تعود لأصول وعائلات تتربع على عرش الإعلام العمومي، بمبرر “نسب المشاهدة المرتفعة”.

هذا العام، اثار مسلسل “فتح الأندلس” انتقادات لاذعة، وصلت إلى البرلمان المغربي، وتصاعد الجدل مع توالي عرض الحلقات، إذ قال منتقدوه إنه يتضمن مغالطات تاريخية حول هذا الحدث التاريخي الهام، وأصول وشخصية بطل الفتح القائد طارق بن زياد.

ورصدت ميزانية تقدر بحوالي 3 ملايين دولار لتصويره بين مدينتي بيروت وماردين التركية، وهو إنتاج كويتي وسوري، ويشارك فيه ممثلون من جنسيات عربية مختلفة وأشرف على كتابته 6 كتاب.

وكشفَ مصدر متخصص أن 80 في المائة من هذه البرامج والمسلسلات التي تبث في رمضان تعتبر ذات جودة رديئة، وتفتقد الإبداع، مشيرًا إلى أن شركات فازت بصفقات إنتاج الأعوام الماضية، وأثارت برامجها جدلا، هي نفسها من عادت وفازت بصفقات جديدة هذا العام!.

مسلسل كلفَ مليار و200 سنتيم لشقيقة مسؤولة بالقناة الاولى

وبعيدا عن مسلسل “فتح الأندلس” حصل موقع “جهة24” على معطيات مركزة، تصب في خانة تضارب المصالح داخل القناة الأولى العمومية، (الشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة المغربية) إذ كشفت المعطيات التي يتوفر عليها الموقع استفادة شقيقة مديرة مديرية البرمجة بالقناة الأولى (ل.خ) وهي مخرجة ومنتجة في الآن ذاته، من ميزانية تقدر بـ مليار و200 مليون سنتيم، لإنتاج مسلسل “جريت وجاريت” والذي كانَ مقرر عرضه في رمضان الجاري، إلا أن تدخلات رأت أنه من صالح المخرجة عدم عرضه في رمضان على القناة الأولى.

وفازت شركة معروفة “إ. ف” بمناقصة إنتاج هذا المسلسل بناءً على طلب عروض وضعته القناة الأولى، وكشف مصدر “الجهة24” أنَّ عملية فتح الأظرفة بالنسبة لإنتاج برامج رمضان هذا العام (2022)، تمت السنة الماضية (2021) وذلك لتجاوز عائق ضيق الوقت.

تصريح مخرجة المسلسل بسحبه قبل أن يحذفه الناشر

وكشفَ مصدر “جهة24” أنه ارتباطا بموجة النقذ اللاذعة وتركيز المشاهد المغربي مع البرامج التلفزية في رمضان، قد يُثير مسألة شقيقة مديرة البرمجة بالقناة الأولى والتي تُّعتبر مسؤولة كبيرة داخل دواليب القناة الاولى، وكذلك الميزانية الضخمة المخصصة للمسلسل، وأشار المصدر، إلى أن البرمجة تقع تحت سلطة شقيقة المخرجة لهذا المسلسل، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول برمجته من عدمها.

وكشفت عملية البحث التي أجراها موقع “جهة24” أن مواقع إخبارية معروفة، نشرت خبر إلغاء بث المسلسل في رمضان، غير أنه سرعان ما عادت هذه المواقع إلى حدف الخبر، وأكد مصدرنا، أن اتصالات هاتفية أجريت، لعدم اثارة موضوع المسلسل في الوقت الراهن.

شركة إنتاج تحكتر “كاميرة خفية غير خفية” في 2M

وفي ظل تضارب المصالح، تثار أيضًا مسألة الاحتكار الإنتاج التلفزي كل رمضان، وتعرضت شركة “mprod” التي تُنتج برنامج “مشيتي فيها” للكاميرة خفيفة، لانتقاذات حول “دقة خفيفة” من أصله وكذلك بسبب استمرار احتكارها لصفقة الإنتاج منذ 2015، وقال الصحافي المغربي اسماعيل عزام: “إن الكاميرة خفية مشكوك في أنها خفية بسبب الرداءة وسوء الإنتاج”.

وأضاف عزام: إن “مسيّر الشركة هو نفسه مخرج البرنامج. يعني منفذ الإنتاج الذي ينال العقود المالية من القناة الثانية هو نفسه من يقوم بالإخراج”.

وأضاف عزام: “هي الشركة نفسها التي أنتجت “جار ومجرور” عامي 2013 و2014.. وهي كذلك نوع من هذه الكاميرا “الحامضة” مما يعني 9 مواسم ما شاء الله والشركة نفسها تربح عقود هذا البرنامج الذي يبث في وقت الإفطار خلال شهر رمضان”.

وقال أيضًا إن الشركة نفسها سبق للفنان تامر حسني أن اتهمها بتزوير توقيعه عام 2014 للمشاركة في برنامج “جار ومجرور”، وقال إنه لم يشارك في أي شيء ما عدا استقباله من طرف عدد من المعجبين به وفوجئ بإعلان مشاركته في برنامج كاميرا خفية”.

إفلاس القناة الثانية وديون الأولى

وفي الوقت الذي تصرف فيه القناة الثانية، ملايير السنتيمات سنويا لفائدة شركات الإنتاج، خصوصا في الانتاجات المتعلقة برمضان، آخرها الموسم الماضي الذي ناهزت كلفة الإنتاج فيه 08 مليار سنتيم، كان تقرير للمجلس الأعلى للحسابات عام 2019 كشفَ أنَّ شركة “سورياد دوزيم” المالكة للقناة المغربية الثانية تتجه بخطوات ثابتة نحو الإفلاس.

وقال التقرير إن القناة الثانية تكبدت في السنوات ما بين 2008 و2017 خسائر بلغت في المتوسط 4.9 ملايير درهم، وهو الأمر الذي كان نتيجة طبيعية للبون الشاسع بين حجم النفقات وحجم المداخيل.

وكشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات، عن احتكار وكالة الإشهار “ريجي3” لسوق الإشهار في كل من القناة الثانية وقناة وراديو “ميدي1″، مشيرا إلى أنها تستغل نسب المشاهدة المرتفعة في القناة الثانية، لتسويق مساحات إعلانية لقنوات منافسة.

وانتقد التقريرغياب مراقبة رقم معاملات القناة الثانية، المتمثل في الأساس في عدم ضبطها لفوترة المبيعات، وعدم طلبها الوثائق المحاسباتية من وكالة الإشهار، بالإضافة لتأخير وضع عقود الالتزام سنة 2018، وغياب تدقيق حسابات وكالة الإشهار.

ووفقًا لنفس التقرير، فإنَّ الأزمة وسوء التدبير، يدفعان الشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة للإفلاس هي الأخرى، إذ سجل التقرير تراكما مهولا لفواتير الماء والكهرباء على الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، تجاوزت قيمتها 80 مليون درهم.

وكشف تقرير مجلس الحسابات، أن التيار الكهربائي قطع في عدد من المحطات التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، بسبب تراكم الفواتير المستحقة للمكتب الوطني للماء والكهرباء، الذي يدين للشركة الوطنية بما يناهز 81.3 مليون درهم من الفواتير غير المسددة خلال الفترة ما بين 2008 و2016.

الديجيتي: الممثل غير معني بالرداءة

ومن جهته قال الحسين الديجتي، ممثل مغربي وعضو النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية إنَّ أول ما يُلفت انتباه المشاهد خلال متابعته للبرامج التلفزية في رمضان هوَ الممثل”، وأشار إلى أنه “لا يمكن أن نُعيبَ على الممثلين هشاشة المنتوج التلفزي المقدم، باعتبار أنَّ موسم رمضان لديه اعتبارات ترتبط بالانتاج التلفزي، والمسؤول عن ذلك هي شركات الإنتاج وليس الممثل”.

واعتبر الحسين الديجتي أن “الممثل يقوم بما يتوجب عليه داخل ظروف معينة، وهذه الظروف ترتبط عادة بالسرعة في الانتاج”، مشيرًا إلى أن “ميزانية الإنتاج غالبا ما تكون بخسة وهذه المسألة تفرض علينا إعادة النظر في دفاتر التحملات المرتبطة بالإنتاجات التلفزية”.

ويدعو الديجتي إلى الرفع من قيمة الإنتاج بهدف تجويد المنتوج المغربي، مشيرا إلى أن شركات الانتاج في المغرب هي عبارة عن “منفذي إنتاج”، وأن لا أحد منهم ينتج من ميزانيته الخاصة وبتالي القطاع الحكومي هوَ من يٌنتج من أموال دافعي الضرائب، لذلك على الدولة أن ترفع ميزانية الدعم للانتاجات الدرامية حتى تكونَ في المستوى.

واعتبر المتحدث ذاته أن تردي المنتوج الفكاهي والدرامي يقع على عاتق شركات الإنتاج، أو بعبارة أدق “منفيذي الإنتاج”، ومن الأسباب التي أدت إلى ذلك بحسب الحسين ديجتي، أنَّ شركات الإنتاج تعتمد على مؤثرين تستقطبهم من شبكات التواصل الإجتماعي، وهؤلاء ليسوا بممثلين محترفين، ولكن هم مؤثرين في الفضاء الازرق، وجرى الاعتماد عليهم من خلال عقود رخيصة، حتى تحظى شركات الإنتاج بالأرباح والوفاء بالتزاماتها”.

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة الجهة24 لتصلك آخر الأخبار يوميا