الجهة 24- آسفي

لم يكن يتخيل المستثمر الشاب ابن آسفي، كريم بصالي، الممثل القانوني صاحب شركة لكراء السيارات، أن ثقته في من وكلهم بتسيير أعماله ستكون الثمن الباهظ الذي سيدفعه في أكبر عملية احتيال منظمة تضم أفراد وموظفين واطر بنكية، قادت إلى الاستيلاء على 50 سيارة من النوع الرفيع وخسائر مالية فاقت المليار سنتيم. لقد وجد الشاب نفسه، الذي يملك أيضًا شركة لتصدير السمك، فجأة أمام جحيم الديون والسجن، بينما كانت شبكة النصب تقتسم غنيمتها، قبل أن يعمد أصدقاؤه السابقون إلى الاستيلاء  على كل السيارات التي في ملكية الشركة التي يفوق عددها 50 سياراة قبل أن يتبقى له منها 3 سيارات فقط بل وحتى الشركة قاموا بسحبها من تحت أقدامه في ظروف ملتبسة.

يحكي كريم بصالي بعيون تملؤها الدموع وغصة في القلب، في حديثه لموقع “الجهة24″، أنه اكتشف متأخرًا أنه ضحية عملية نصب كبرى، بعدما تلقى إشعارات من شركات التمويل تفيد تعثره في سداد مستحقات الديون التي تناهز 300 مليون سنتيم بسبب عملية النصب التي اقدم عليه احد اصدقاءه.

ويكشف الضحية عن تفاصيل مؤلمة؛ فمن أصل مبلغ أزيد من مليار سنتيم كديون عن 50 سيارة، هناك 300 مليون سنتيم كان يعتقد أنها ذهبت مباشرة لسداد أقساط شركات التمويل. لكن الحقيقة المرة كانت أن أصدقاءه الذين وكلهم بالإشراف والتسيير قد أعدوا له كل “كمائن النصب” لتحويل هذه المستحقات إلى جيوبهم الخاصة، والدفع به إلى العسر والسجن وأيضًا يحكي تفاصيل أخرى عن كمائن قام بها أصدقاءه السابقين الذين يخضعون للتحقيق أمام قاضي التحقيق بابتدائية آسفي، وصفها ب”بالأعمال القذرة” لدرجة محاولة دس المخدرات في سياراته.

شبكة الاحتيال والتلاعب بـ 52 سيارة

تؤكد الشكاية التي حصلت عليها “الجهة24” والموجهة لوكيل الملك بآسفي، أن خيوط “النصب” بدأت تتشابك على يد المشتكى به الأول ومعه أربعة آخرون، حيث عمدوا إلى خداع المشتكي بالادعاء بوجود صفقة كراء لما يزيد عن 38 سيارة لصالح شركة آسفي للطاقة “سافييك”، بينما كان الهدف الحقيقي هو الاستحواذ على 50 سيارة وإغراق المشتكي في الديون وجره لاقتناء المزيد منها تبين لاحقًا أن الأمر برمته مجرد صفقة وهمية.

المعطيات الصادمة تفيد أن هذا المخطط الإجرامي اعتمد بشكل أساسي على التزوير وخيانة الأمانة. فقد تم تزوير سجل الشركة التجاري، ليصبح “خالياً من أي التزامات مالية”، في حين أن الشركة كانت مدينة بما يناهز مليار سنتيم، وتزايدت مديونيتها في 6 أشهر فقط لتصل إلى 300 مليون سنتيم.

ويكشف الضحية كريم بصالي عن خيط مثير يقود إلى قلب المؤسسة المالية التي كانت تتعامل مع شركته. فقد تفاجأ بأن البنك الوحيد الذي تتعامل شركته معه كان يقدم العون للمزورين الذين استولوا على الوثائق وزوروا التوقيعات.

وفي تفاصيل أكثر إثارة للريبة، يتفاجأ كريم أيضًا بأن إحدى مديرات هذا البنك، وهي المشتكى بها الخامسة، قد حصلت على سيارة مملوكة لشركته. اكتشف الضحية أن المشتكى بهم كانوا قد منحوها لها، دون عقد كراء. ويعلق كريم بصالي بمرارة: “ربما مكافأة لها على خدمتها معهم”.

وقد أكدت الشكاية دور هذه الموظفة، مشيرة إلى أنها ساهمت في التلاعب في الحسابات البنكية للمشتكي وسحب مبالغ مالية من أرصدته البنكية، وضخها في حساب الشركة، وذلك باتفاق ومشاركة وعلم من باقي المشتكى بهم.

مناورات الهروب وعقود “مجهولة الترقيم”

تكشف تفاصيل القضية أيضًا أن التلاعب لم يتوقف عند هذا الحد، فقد تم تغيير مقر الشركة لـ “إتمام مخططهم الاجرامي”، كما تم إنجاز عقد ببيع جميع سيارات الشركة إلى المشتكى به عن طريق التزوير، في عملية بيع تمت بمدينة آسفي بتصحيح الإمضاء ( dépôt Signature) فيما قاموا بتسجيل عملية بالرباط.

وفي تفاصيل تزيد من تعقيد القضية، يكتشف الضحية أن عقودًا أبرمت مع شركات التمويل لشراء سيارات جديدة لا تحمل ترقيم السيارات في العقود مع شركات، في دليل على استمرار المشتكى بهم في عملياتهم الاحتيالية حتى اللحظات الأخيرة، والغاية من ذلك كان تضليل الشركات واقتياد صاحب الشركة للسجن وعدم استرجاع السيارات.

 الشكاية التي وجهها كريم بصالي  للقضاء بآسفي تطالب بـ “فتح تحقيق قضائي معمق”، والاستماع إلى جميع المشتكى بهم والاطلاع على حسابات الشركة، لوضع حد لـ “خيوط النصب والاحتيال” التي قادت إلى الاستيلاء على مبالغ مالية تجاوزت 300 مليون سنتيم التي هي من مستحقات القروض، وهو ما دفع وكيل الملك إلى إحالة الملف على قاضي التحقيق الذي بدأ في تفكيك الخيوط الأولى لعملية النصب التي ستهز آسفي. والأسبوع الماضي بدأ قاضي التحقيق في البحث في القضية الشائكة من خلال الاستماع التفصيلي للضحية، في قضية قد تكشف معطيات أخرى قد تثير ذهول الرأي العام المحلي، وهي القضية التي تبناها ايضا الفرع المحلي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بآسفي.