أجبرت مجموعة “سافيك” التي تضم عدة شركات عالمية متعددة الجنسيات المشرفة على إنجاز مشروع المحطة الحرارية في مدينة آسفي السلطات المحلية والجماعات والمنتخبون إلى الخضوع لسلطتها وتنفيذ قراراتها الأحادية المتعلقة بمصير المدينة وبيئتها، وتسببت المجموعة في فرض اجراءات وشروط خاصة غير خاضعة للقوانين المنظمة للشغل عبر استغلال الألاف من العمال من داخل وخارج المغرب، احتكرت أبرز الصفقات ودرت الرماد في عيون أكبر بنك عالمي للتمويل ولجأت إلى أساليبها لإخضاع مجالس ومنتخبون.
بفضل سياستها وتخطيطها دبرت “مجموعة سافييك” ملف نزع الملكية للأراضي المجاورة  للمحطة الحرارية بطرق ملتوية، استخدمت فيها قطاعي “وزارة التجهيز والمكتب الوطني للكهرباء والماء” كأدوات لتحقيق هدفها، وهو ما دفع بالعشرات من الفلاحيين إلى ردهات المحاكم، واستطاعت “سافييك” في الكثير من الأحيان تكميم أفواه  المنتخبين إما عبر الترغيب أو الترهيب،  مما جعل هؤلاء المنتخبون يقدمون وعودا كثيرة، وقد ساعدها على شراء جملة من الأراضي خارج نطاق ورش المشروع في الجهة الشمالية للمدينة وهو ما أدى إلى محاصرة المدينة جنوبا حيث المحطة الحرارية وشمالا حيث أكبر مطرح لطمر رماد الفحم الحجري.
لم يكن للمكتب الوطني للكهرباء ووزارة التجهيز والنقل، غير أن يُعبدا الطريق لصالح أكبر مجموعة تضم من حولها أكبر الشركات العالمية ويقوم بانتزاع الملكية لعددا من الأراضي من فلاحيها ومن ثم الضغط على الجماعات القروية للموافقة على مشاريع متعلقة بالمحطة الحرارية، استعانت المجموعات الكبرى بـ” السماسرة” واهدتهم على طبق من ذهب صفقات المناولة كان من أبرزها صفقة النظافة التي حضيت بها شركة “صافي فيغت” لمالكها الذي راكم ثروة في وقت محدود وشيد مقهى وسط المدينة فوق حديقة عمومية يكتريها من المجلس البلدي بثمن هزيل.
                                  صورة جوية للمركب أثناء فترة الأشغال
“سافييك” إحدى المجموعات المكونة من عدة شركات متعددة الجنسيات، التي تشبه أخطبوطا عملاقا يرخي بأذرعه المتعددة على كل مصالح والمكونات السياسية، تضم مجموعة “سافييك” عدة شركات عالمية متعددة الجنسيات وهي شركة “أنترناشيونال باور” من بريطانيا وشركة “ناريفا هولدينغ” التابعة للهولدينغ الملكي المغربي و”أو دي إف أنترناشيونال” من فرنسا ثم “تشاينا دتانغ كوربورايشن” من دولة الصين.
                      ماكيت للمركب الحراري الذي بني على 54 ألف متر مربع
“إنجي”  من التهرب الضريبي في بناما.. إلى محطة آسفي 
كشفت وثائق بناما، أن المجموعة الفرنسية التي تُعد الأن إحدى أكبر المجموعات الطاقية المساهمة في بناء المحطة الحرارية لآسفي بقيمة 35 في المائة، أنها وفرت عشرات الملايين من اليورو باستخدام ثغرات ضريبية في إستراليا، وقد كشفت وثائق بناما من خلال “مونتاج سري” لملايين الوثائق، أن شركة “إنجي” التي فازت بالمناقصة الطاقية حول مشروع آسفي للمحطة الحرارية، قد تورطت في مشروع أخر أسمه “سالمون”.
وذكرت الوثائق التي تناوبت على نشرها كل من جريدتي “لموند الفرنسية” و”الغارديان البريطانية” أنه في الفترة ما بين 19 و 25 / يونيو من عام 2012، جرى تنفيذ العشرات من المعاملات المالية بين ثلاثين شركة تابعة للمجموعة الفرنسية، تتواجد مقراتها بكل من أستراليا وبريطانيا وهولندا، وهذه المعاملات لم تقدم على اثرها “إنجي” أيّ رقم ضريبي، وبدا ذلك كما لو أن عصا سحرية هبت على الأرقام الحسابية، حيث جرى حدف أزيد من 1 مليار دولار كانت مسجلة ضد الشركة كـ”ديون” داخلية وضرائب بين الشركات التابعة لها.
وفي واقعة أخرى، كانت قد نشرتها القناة الفرنسية الثانية، تبين كيف أن شركة “إنجي” تقوم بتدليس الأرقام وتقديم مغالطات حول كمية استخدامها للفحم الحجري، وكشفت القناة الفرنسية أن شركة “إنجي” استخدمت أطنانا خيالية من الفحم الحجري في تناقض تام مع دفتر التحملات التي تُلزمها الحكومة الفرنسية به وذلك ايضا عكس تعهداتها حيث بلغ استخدام الفحم الحجري من الطرف الشركة 20 في المائة بعدما كان 11 في المائة قبل عام واحد.
تزييف الوقائع..
بدأت الحكاية قبل توقيع حكومة عبد الإله بنكيران، يوم الأربعاء 18 شتنبر من عام 2014 على عقود الاستثمار لبناء مشروع المحطة الحرارية في آسفي، فقبل ذلك بسنوات، كانت مؤسسات مسؤولة في الدولة تعمل بتفاني على نقل معلومات خاطئة للرأي العام، فقد كان المكتب الوطني للكهرباء، في عهد رئيسه المقال الفاسي الفهري، يتحدث عن بناء محطة حرارية تعمل بـ” الفحم النظيف” تبين لاحقا أن موضوع “الفحم النظيف” مجرد كلام، وضربُ من خيال هدفه عدم التهويل من موضوع “الفحم الحجري” فهو موضوع حساس لدعاة حماية البيئة من جهة، ومن جهة أخرى تنخرط المملكة المغربية في المسلسل الدولي الرامي لوقف العمل بالطاقة الأحفورية حيث صادق المغرب على برتوكول قمة باريس للمناخ كوب 21 واستضاف القمة التي تليها بمراكش كوب 22.
واثبت خبراء اللجنة الدولية للتغيرات المناخية ( لجنة تابعة للأمم المتحدة ) أنه لا وجود لأصناف من الفحم، وأن كلمة “نظيف” يتم اطلاقها على المحطات التي تَستعمل أدوات تكنولوجية حديثة لمعالجة استخراج الفحم الحجري وحرقه، غير أنها لن تكون ذات فعالية كبيرة للحد من خطورته وهي الخاصية التي يُطلق عليها  (Clean Coal Technology – CCT) وفقا لتقرير نشرته اللجنة الدولية للتغيرات المناخية التابعة للأمم المتحدة(IPCC – Intergovernmental Panel on Climate Change)  وهو التقرير ذاته الذي تحدث عن خطورة توطين المحطات الحرارية التي تعمل بالفحم الحجري على السواحل واستعمالها لمياه البحر لتبريد ألآت حرق الفحم، مما يجعل الماء أكثر حمضية. ويوضح الرسم البياني كيف تصبح المحيطات الحمضية في المستقبل إذا استمرت المحطات الحرارية في استعمال مياه البحر.
هكذا ورطت “سافييك” بنك اليابان للتعاون الدولي
بناء هذه المحطة الحرارية حُدد في غلاف مالي قدره 23 مليار درهم، وللحصول على هذا الغلاف المالي لجأ المغرب إلى البحث عن شركاء وممولين، ووفقا للمعطيات المتوفرة فإن المحطة الحرارية لآسفي سيتم تمويلها من طرف بنكيين مغربيين وهما “التجاري وفا بنك” التابعة للهولدينغ الملكي و”البنك الشعبي” ، والبنك الدولي ( بنك اليابان للتعاون الدولي) هذا الأخير الذي سيجد حرج في تمويل مشروع المحطة الحرارية بعد لقاءات ومشاورات من هيئات المجتمع المدني في اليابان.
في سنة 2014، وفي خضم الاحتجاجات المناهضة لمشروع المحطة الحرارية التي اطلقها عددَا من النشطاء في المدينة، وانخرطت فيها هيئات ومنظمات وأحزاب سياسية، كان لدى بنك اليابان للتعاون الدولي عدة لقاءات مع هيئات الحقوقية في اليابان، بغرض دراسة موضوع تمويل البنك لإنشاء مشروع محطة حرارية تعمل بالفحم الحجري في مدينة آسفي، ووفقا لسياسة هذا البنك، فإنه يمنع اعطاء أيّ تمويل مالي لأيّ مشروع يناقض سياسته المتعلقة بالحفاظ على البيئة وعدم دعم الطاقة الأحفورية أو أيّ مشروع من شأنه أن يكون هو ذاته مُعترض عليه. ولا يزال البنك ذاته فاتحا أبواب الأعتراض لديه بشكل مباشرة من طرف الهيئات والأشخاص المتضررون من المشاريع التي يُمولوها البنك.
وفي اللقاءات الأولى التي جمعت “مركز اليابان للبيئة والتنمية المستدامة” ) Japan Center for a Sustainable Environment and Society (JACSES ) مع المسؤولين في بنك اليابان للتعاون الدولي إضافة للمكلف بملف تمويل مشروع المحطة الحرارية لآسفي داخل البنك، كانت مجموعة “سافييك” حريصة على اخبار المسؤولين في البنك، بأن الاحتجاجات أنذاك التي كانت في آسفي بأنها ليست ضد المحطة الحرارية، وإنما هي احتجاجات روتينية تعرفها المدينة منذ سنوات ضد “المركب الكيماوي للفوسفاط” ( OCP ) .
وقبل ذلك، سنتوصل في خضم الاحتجاجات التي تشهدها آسفي برسالة بريد من المركز الياباني للبيئة والتنمية المستدامة، يبلغنا المركز هنا بقيمة التمويل الذي سيحوله البنك إلى مجموعة “سافييك” والذي حُدد في 2,107 مليون دولار، إضافة لموعد إجراء أول لقاء تشاوري والذي سيأتي كما تبين الرسالة في 16 من أكتوبر سنة 2014.
ويبين البريد الذي وصلنا أنداك مباشرة بعد نهاية أحد اللقاءات مع مسؤولين في البنك و المركز الياباني للبيئة والتنمية المستدامة، كيف أن بنك اليابان للتعاون الدولي وجد صعوبة في الاقتناع بالاحتجاجات المناهضة لمشروع المحطة الحرارية:
البطالة وظروف العمل.. حالتين ساريتين من التعذيب
استعانت مجموعة “سافييك” بعدة شركات للمناولة، وقد فوضت لها جلب العمال للورش، انتشر السماسرة في المقاهي والأزقة وبات شباب آسفي يسعى وراء “خدمة” تضمن له لقمة للعيش، حتى ولو أضطره الحال دفع المقابل من أجل نيل هذه “الفرصة”.
أصبحت الطوابير عريضة، أمام شقق وعمارات وسط المدينة، قيل إنها لشركات المناولة داخل مشروع المحطة الحرارية، ظل شباب آسفي يترقب، ويتحدث الكثير منهم عن تقديم رشاوى لسماسرة ووسطاء لتدخل لهم لدى المسؤولون في الورش بغية تشغيلهم برواتب شهرية تتراوح ما بين 2000 درهما إلى 4000 درهما.
جرى تشغيل البعض من شباب آسفي، لكن المجموعة الكورية الجنوبية «دايو للهندسة والبناء»، جلبت ما يفوق عن 200 عاملا من دولة الفيلبيين، تبين لاحقا أن الهدف من وراء ذلك هو جلب يد عاملة رخيصة تعمل خارج القانون، فهؤلاء العمال ومعهم المغاربة كانوا يعملون ساعات طويلة ويتم تكديسهم في سلاليم كالخرفان، وبدون عقود عمل، وفي تصريحات متابينة لعدد من العمال قالوا إن ” السلطات المحلية ومندوبية وزارة التشغيل زارتا العمال، وتيقنتا بأننا نشتغل بدون عقود عمل، ولا تغطية صحية، ولا ضمان اجتماعي، ومع ذلك لا أحد أجبر الشركة الكورية على احترام قانون الشغل والالتزام ببنود دفتر التحملات».
وللتخفيف من حدة الموضوع المتعلق بالبطالة في آسفي، لجأ وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية السابق، عبد السلام الصديقي، في شهر نونبر من العام الماضي إلى التعهد  كتابيا أمام سلطات مدينة آسفي بتشغيل 4500 من أبناء المدينة في المحطة الحرارية ومشروع الميناء الجديد.
وفي خضم بناء المشروع لقي أزيد من 9 عمال حتفهم جراء حوادث شغل داخل المحطة الحرارية لآسفي، تبين أن هؤلاء العمال يعملون في ظروف قاهرة وبدون أدنى درجات السلامة، وفضحت شهادات الناجين من العمال في عدة حوادت متباينة  حقائق مثيرة حول ظروف العمل، وأكدوا أن المسؤولين الكوريين للشركة يجبرون العمال المغاربة على صعود مدخنة المحطة الحرارية على علو 150 مترا، في مصعد يحمل تحذيرا بكون طاقته الاستيعابية هي 8 أشخاص، في حين يتم تكديس اليد العاملة المغربية كـ«السردين» بمجموعات لا تقل عن 14 عاملا.
وقال أحد الناجين إن مسؤولا كوريا بشركة “دايو” يدفع بالقوة العمال المغاربة لدخول المصعد بأعداد كبيرة تفوق طاقته الاستيعابية، وقال: «راه ولينا بحال البهايم، كيدفعونا باش نطلعو السانسور بزز وكانوليو بحال السردين لداخل»، مضيفا أن “المصعد الرئيسي تعطل بفعل الضغط وتجاوز طاقته الاستيعابية، لكن الشركة الكورية أجبرتنا على الصعود في رافعة تقليدية عبارة عن سلة تفتقر إلى شروط السلامة”.
وفي أواخر عام 2017، لجأت الشركات المناولة إلى حيلة جديدة، تهدف إلى التخلص من العمال بعدما أوشكت الشركات المكلفة بالبناء على انهاء الاشغال داخل المشروع، وهي دفع العمال إلى كتابة استقالة، عبر التوقيع عليها وتسليمها ومن تم الإنسحاب من العمل بهدف تجنب أيّ متابعة قانونية أو دفع تعويضات للعمال.
هكذا عبَّد الفاسي الفهري الطريق لصالح “سافييك”
في ماي من عام 2008 كان لجماعة “أولاد سلمان” الواقعة تحث قيادة خط أزكان جنوب مدينة آسفي، موعدا مع دورة غير عادية سيعقدها المجلس الجماعي للتداول في شأن إحداث مشروع محطة حرارية تعمل بالفحم الحجري، وبدون أن يتكبد المكتب الوطني للكهرباء إرسال مسؤوليه إلى الجماعة لإقناعها بالمشروع، أستدعى مكتب الفاسي الفهري، رئيس الجماعة أنداك “عبد الرحيم بومهد” إلى المقر العام للمكتب لإخباره بموضوع توطين المحطة الحرارية، وحين عودة رئيس الجماعة إلى منطقته وعقد الدورة الغير العادية، بدا رئيس الجماعة مدافعا عن المشروع أمام بقية المستشارين والنواب وأعضاء المجلس.
ووفقا لمحضر الدورة الذي حصلنا على نسخة منه، فإن رئيس المجلس واعضاءه توصلوا بنية المكتب الوطني للكهرباء احداث محطة حرارية دون مدهم بدراسة الأثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن هذا المشروع، ورغم ذلك أراد منهم مكتب علي الفاسي الفهري التوقيع على قبول المشروع في المنطقة.
يبين محضر الدورة تدخلات أعضاء المجلس، والتي أفاد عدد منهم من خلالها أنه من الصعب البث في الموضوع دون الإطلاع على دراسة تقنية تبين عدم وجود أخطار على البيئة، بينما ذهب أخرون للحديث عن الانعكاسات السلبية حول البيئة في حالة إنجاز المشروع.
بعد أخذ ورد، تقرر رفض بناء مشروع المحطة الحرارية في منطقة ولاد سلمان، وإحداث هذا المشروع في منطقة الجرف اليهودي ” Saint Daniel” وبما أن المسافة بين منطقة ولاد سلمان و “الجرف اليهودي” ليست بالبعيدة، فقد اشترط مجلس جماعة ولاد سلمان بعد موافقته على المشروع على المكتب الوطني للكهرباء، توفير عدة خدمات للمنطقة كان أبرزها، تشغيل الشباب وربط 29 دوارا بالشبكة الكهربائية وإعفاء الجماعة من الديون السابقة المترتبة عن تزويد دواوير الجماعة بالكهرباء وفقا لاتفاقيات الشراكة الموقعة بين الجماعة والمكتب الوطني للكهرباء.
وبعد وصول مجموعة “سافييك” إلى ورش البناء وبداية عملها، أنقلب كل شيئ رأس على عقب، لا شيء من تلك الوعود تحقق، حينها كان المكتب الوطني للكهرباء قد انتهت مهمته ووجدت الجماعة القروية وأهل آسفي أنفسهم وجها لوجه مع المجموعة العملاقة “سافييك” التي تنكرت بدورها لكل الوعود سواء تلك التي التزم بها مسؤولوها مع المجالس او تلك الأخرى التي تعهد بها المكتب الوطني للكهرباء.
أصبح العويل والاحتجاج حلا وحيدا أمام أهل المنطقة ومجلسها القروي، فبعد سنوات من انطلاق الأشغال بالمحطة الحرارية، لجأ رئيس الجماعة القروية الجديد لولاد سلمان، إلى الإحتجاج، وكثيرا ما أغدقت “سافييك” على المجلس بتمويل “موسم قروي” لكن مظاهر العطالة والطرق والمدارس المتدهورة أغضبت السكان الذين انتخبوا المجلس، وفي يوليوز من عام 2016 خرج أعضاء ورئيس المجلس الجماعي عن بكرة أبيهم للاحتجاج أمام المحطة الحرارية وضد مجموعة “سافييك” قصد التنديد بعدم التزامها بالوعود ومنها التشغيل والمساهمة في تحسين البنية التحتية للجماعة.
سلطة “سافييك” فوق الجميع 
في الشهور الأخيرة من عام 2017، اعطت حكومة سعد الدين العثماني الضوء الأخضر لمجموعة «سافيك» ، لبناء أكبر مطرح على الصعيد الوطني لدفن وطمر النفايات السامة المتحصلة من احتراق الفحم الحجري، وكشف رئيس جماعة أيير أن أشغال البناء تمت مباشرتها فوق تراب الجماعة الساحلية دون أية رخصة، وفي ضرب لجميع مساطر البناء والحصول على موافقة الجماعة باعتبارها الممثل الرسمي للسكان.
وتعود وقائع هذه القضية، إلى العام المنصرم حيث رفضت جماعة آيير في السادس من غشت 2017، الموافقة على الصفقة المذكورة خلال الجلسة الثانية للمجلس في دورته لشهر يوليوز، وعلل مجلس آيير رفضه للصفقة بـ”عدم وضوح الطلب وعدم تعزيزه بوثائق ومستندات قادرة على إعطاء المزيد من التوضيحات عن الموضوع٬ كانت قد تقدم به مجموعة “سافييك”.
وعلاوة على التأثيرات التي من شأن عملية الاستغلال وطمر النفايات أن تنتجها على مستوى الفرشة المائية والثروات الطبيعية نظرا لإحتواء رماد الفحم على أخطر العناصر الكميائية عالية السمية ضمنهم مادة “الزرنيخ – L’ Arsenic ” فإن مجموعة “سافييك” لم تقم بأيّ دراسة بيئية للأثار والمخلفات التي يمكن أن تتكون بفعل عملية طمر الرماد في أجواف الأراضي الفلاحية، لذلك ما كشفه مجموعة من المستشارين في تصريحات متطابقة.
مصادر رفضت الكشف عن نفسها نظرا لحساسية الموضوع، أفادت أن الرفض الذي قدمته جماعة آيير لمجموعة “سافييك” لم يكن شافيا وكافيا بالنسبة لها، فتفاجأ الجميع ببدأ عملية الشروع في إحداث المطرح رغم رفض المجلس، ووفقا للمعطيات ذاتها، فقد أستعانت “سافييك” بأساليبها لإلزام الجماعة على الموافقة على الصفقة، بحيث وبعد أسابيع من رفض جماعة أيير للصفقة، قام الوالي السابق لآسفي عبد الفتاح البجيوي، بإعادة قرار الرفض لجماعة آيير مرفوقا بطلب الشركة المكلفة ببناء المحطة الحرارية، بغية ممارسة الضغط من جديد على الجماعة ومنتخبيها قصد الموافقة على الترخيص بدون أي مبررات او دراسة بيئية او تفاصيل معمارية للمشروع، وفقا لمصادر من داخل جماعة آيير.
ووفقا لمصادر متطابقة، فإن رئيس جماعة آيير اعتبر أن شركة “إسمنت المغرب” (شريك مجموعة “سافييك” في المطرح ) لم تلتزم ببنود دفتر التحملات الخاص بالمقلع، والخاضع لمرسوم الوزير الأول رقم 2010 . 6، كما أكد على أن الجماعة لم يتم إشراكها في الإجتماعات الأولية الخاصة بهذا الاتفاق بين الشركة المسيرة للمحطة الحرارية وشركة اسمنت المغرب، حيث أقصيت حتى من فرصة إبداء ملاحظاتها بخصوص هذا المشروع، الذي قد يشكل خطرا على صحة وسلامة المواطنين.
الوصول إلى مكتب “سافييك” شبيه بتصلق جبال “إل كابيتان”
إذا كان المنحدر الصخري شاقولي في حديقة يوسيميتي بأمريكيا والمسمى “إل كابيتان”، الذي تمتد قمته الغرانيتية على ارتفاع 900 مترا من القاعدة إلى القمة، واحدا من أكثر القمم تحديا في العالم لمتسلقي الصخور، فإن مكتب مجموعة “سافييك” الذي يقع في “الصويرة القديمة” تبعد عن مدينة آسفي بحوالي 36 كيلومترا، بات الوصول إليه شبه مستحيل، وهو المكتب الذي يتواجد بين منازل مهجورة في منطقة الصويرة من الصعب التعرف عليه باعتباره مكتب لإحدى أكبر المجموعات الاقتصادية والصناعية في المغرب.
حاول موقع “لكم” الحديث لمدير “سافييك” نورالدين الصغير وأخذ رأي المؤسسة الكبرى في عدة مواضيع تتعلق بها، ظل الهاتف يرن دون رد، تتكرر المحاولة ولا مجيب، لجأ الموقع للبريد الإلكتروني وعبر الرسائل القصيرة بعثنا بأسئلتنا التي ظلت معلقة إلى كتابة هذه السطور.
المغرب يهدي لشركات متعددة الجنسيات 30 سنة من الاحتكار للطاقة
تم توقيع اتفاقية “شراء وتوريد الكهرباء” من خلال محطة آسفي لمدة 30 عاما بين (المكتب الوطني للكهرباء والماء) و مجموعة “سافييك” ، ويتعلق هذا الاتفاق باستثمار يبلغ 2.6 مليار دولار وسيتم بناؤها من قبل شركة  “دايو” الكورية الجنوبية للهندسة، بغرض انتاج 1386 ميكاواط من الكهرباء مقسمة على شطرين وستستقبل محطة آسفي ما يزيد عن 3 مليون طن من الفحم الحجري سنويا عبر الميناء الجديد.
وتفيد معطيات وصل إليها موقع “لكم” في معرض هذا التحقيق، أن معدل الإنتاج الكهرباء المحصل عليه من المحطة الحرارية لآسفي، ستقوم مجموعة “سافييك” ببيعه للمكتب الوطني للكهرباء والماء على مدى 30 عاما، وفقا للعقد الذي جمع الطرفين، وذلك باعتماد نظام الإنتاج المستقل (IPP) .
ومن جهتها، تسعى “ناريفا الهولدينغ الملكي” إلى أن تصبح أكبر شركة رائدة في الطاقة على مستوى إفريقيا حيث حصلت الشركة الملكية على صفقة أخرى في مدينة طرفاية جنوب المغرب بمعية شركة “إنجي” الفرنسية لتوليد الطاقة الريحية وصفقة أخرى في مدينة وارزازات للطاقة الشمسية “نور1” .
وفي تعقيبه على الموضوع، قال عمر الزيدي، عضو الإئتلاف المغربي من أجل العدالة المناخية، إن المغرب يهدي طبقا من الذهب للشركات متعددة الجنسيات، حيث أنه تخلى عن السيادة الطاقية، مشيرا إلى أن ثمن بيع الكهرباء من المجموعات الكبرى للمكتب الوطني للكهرباء لم يتم تحديده في أيّ مرحلة، مما قد يكلف المغرب والمغاربة دفع أضعاف الأسعار الحالية المتعلقة باستهلاك الكهرباء.

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة الجهة24 لتصلك آخر الأخبار يوميا