رفع مشروع قانون المالية الجديد ميزانية قطاعي التربية والتعليم والصحة إلى حوالي 140 مليار درهم، في خطوة تهدف إلى تلبية المطالب الاجتماعية المتصاعدة بتحسين جودة الخدمات العمومية وتوسيع التغطية الصحية والتعليمية، بعد احتجاجات شبابية واسعة طالبت بإصلاح هذين القطاعين.

52.2 مليار درهم للأجور في قطاع التعليم

خصص مشروع الميزانية لقطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة اعتمادات بلغت أزيد من 104.3 مليار درهم تشمل نفقات التسيير والاستثمار، موزعة على النحو الآتي:

52.2 مليار درهم موجهة لأجور الموظفين والأعوان،

38.7 مليار درهم للمعدات والنفقات المختلفة،

13.3 مليار درهم لنفقات الاستثمار.

ويغطي هذا المبلغ القطاعين معًا (التربية والتعليم والرياضة)، مع تركيز خاص على تعميم التعليم الأولي، وتطوير البنية التحتية المدرسية، وتحسين ظروف عمل المدرسين الذين يمثلون أكبر كتلة أجور في الإدارة العمومية.

استثمار غير مسبوق في قطاع الصحة

أما وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، فقد خصص لها المشروع ميزانية إجمالية بلغت 55 مليار درهم تشمل:

16.4 مليار درهم للأجور،

11.4 مليار درهم للمعدات والنفقات العامة،

27.1 مليار درهم موجهة للاستثمار.

يٌذكر أن البلاغ الصادر عقب انعقاد المجلس الوزاري، الذي ترأسه الملك مساء الأحد 19 أكتوبر، أكد أن ميزانية سنة 2026 “تضع في صلب أولوياتها قطاعي التعليم والصحة”، مخصصة لهما 140 مليار درهم، أي ما يعادل حوالي 18% من إجمالي النفقات العمومية.

ويُنظر إلى هذا التوجه كإشارة قوية للاستمرار في الاستثمار الاجتماعي كركيزة للاستقرار والتنمية البشرية، بعد الاحتجاجات من المطالبات الشبابية بتحسين الخدمات العمومية الأساسية.

خلفية اقتصادية واجتماعية

تأتي هذه الزيادات في سياق اقتصادي يتميز بارتفاع محدود في الموارد الجبائية وتزايد الضغط المالي الناجم عن خدمة الدين العمومي، التي بلغت أكثر من 108 مليارات درهم في مشروع الميزانية الجديدة.

ورغم هذه التحديات، تراهن الحكومة على تحسين جودة التعليم العمومي والرعاية الصحية لامتصاص الغضب الاجتماعي وتجسيد مضامين “الدولة الاجتماعية” التي تشكّل الإطار المرجعي لسياساتها منذ سنة 2021.

تمثل ميزانية 2026 نقطة تحوّل في السياسة المالية المغربية، إذ تواصل الدولة توجيه الجزء الأكبر من الإنفاق العام نحو القطاعات الاجتماعية ذات الأثر المباشر، رغم الضغوط المرتفعة على الدين والعجز.

ويرى مراقبون أن هذا الاختيار يعكس توازناً سياسياً دقيقاً بين متطلبات الاستقرار المالي ومقتضيات العدالة الاجتماعية، في بلد يعيش مرحلة حساسة من التحولات الاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً مع تصاعد الأصوات المطالبة بربط الميزانية بنتائج ملموسة على حياة المواطنين.