بالوثائق- تضارب المصالح في سبت جزولة يطوق عائلة آل كريم.. وحماة المال العام يتحركون بعد تعثر التحقيقات القضائية

الجهة 24 – آسفي
أقدمَ محمود كريم الرئيس الحالي لجماعة سبت جزولة ووالده مصطفى كريم الرئيس السابق لنفس البلدية والذي سبق أن تم عزله بمقتضى حكم قضائي، على تعديلات جوهرية في عقود كراء المحلات التجارية التابعة لأملاك المجلس الجماعي الذي تعاقبت على إدارته العائلة، وذلك بهدف نفي اتهامات وتضليل التحقيقات حول شبهة تضارب المصالح التي تقتضي العزل من المنصب وفقًا لدورة وزير الداخلية رقم 1854D بتاريخ 17 مارس 2022 والمادة 64 من القانون التنظيمي للمجالس الترابية.
وعلم موقع “الجهة 24” من مصدر جيد الإطلاع طلب عدم الكشف عن أسمه، أنه في الفترة التي بدأت فيها تحركات عددا من المستشارين من داخل المجلس في بدء توجيه مراسلات وشكايات لمحكمة جرائم الأموال بمراكش، حول شبهات تبديد أموال عمومية بالمجلس وشبهات تضارب المصالح، بدأ محمود كريم ومقربين من عائلته وعائلته، في إجراءات شاملة لمحو أثر تضارب المصالح، وتغييرات في عقود الكراء وتواريخها بينما جرى تفويت محلات أخرى تجارية إلى أسماء بعيدة عن عائلة محمود كريم رئيس البلدية والقيام بتعديلات في تلك العقود بطرق مشبوهة وأخرى غير قانونية، ومن ثم الخروج إلى العلن للقول: “معنديش تضارب المصالح.. كل شيء عندي ناضي”.
ورغمَ التعديلات الجوهرية التي أقدم عليها الرئيس السابق المعزول مصطفى كريم، ونجله الرئيس الحالي، محمود كريم، فإن آثر بعض الوثائق التي تؤكد ربط هذه العائلة لمصالح واستغلال للملك الجماعي في المجلس الذي انتخبوا فيه منذ سنوات طويلة، مازالت موجودة، وتوصل موقع “الجهة 24” إلى جزء من هذه الوثائق، ومن بينها، فاتورة الكهرباء لملك المحطة الطرقية بالسبت جزولة التابع لأملاك المجلس الجماعي، والذي كان يشغله ويستغله عبر عقد كراء بثمن بخس الرئيس السابق لنفس الجماعة مصطفى كريم والد محمود كريم الرئيس الحالي.

الوثيق الأولى – فاتورة الكهرباء –
كما حصل موقع “الجهة 24” على وثيقة أخرى تعد سابقة من نوعها، تتعلق بشهادة المطابقة، سلمها الرئيس السابق محمود كريم للنفسه، باعتباره رئيس المجلس، بخصوص ملك خاص، يشهد فيه نفسه وعلى نفسه، بأن الملك يخضع للقوانين في مجال التعمير، ووقع هذه الوثيقة عام 2008.

الوثيق الثانية – شهادة المطابقة –
وفي وثيقة أخرى، تبين أن المكتب الوطني للماء والكهرباء، وجه انذار بقطع الكهرباء عن محل المحطة الطرقية بآسفي لمصطفى كريم في يوليوز 2022، بعد تعثره في أداء لخزينة المكتب الوطني للماء والكهرباء 11 فاتورة.

تعثر التحقيقات يُحرك حماة المال العام
بعدمَا أحالت عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، مباشرة بعد انتهاء البحث التمهيدي ملف اختلالات بمدينة سبت جزولة بإقليم آسفي على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش عام 2022، وأمر قاضي التحقيق يوسف الزيتوني مباشرة بعدها المطالبة بإجراء تحقيق من أجل “جناية تبديد أموال عمومية والتزوير في محرر رسمي والمشاركة في كل ذلك كل واحد حسب المنسوب إليه” عناصر الفرقة الجهوية للفرقة الوطنية بمراكش، بالتحرك لمباشرة التحقيقات ميدانيا، أخذت هذه القضية منعطفات أخرى، أدت بكل الأحوال، إلى تأخر في هذه التحقيقات لأكثر من سنتين إلى الأن.
ومن جهته، قال البودالي صافي الدين، رئيس الفرع الجهوية للجمعية المغربية لحماية المال العام بمراكش- آسفي، أنه في كثير من الأحيان تتخذ هذه النوعية من التحقيقات منعطفات أخرى تؤدي إلى تأخرها أو إحالتها على القضاء الجالس، لكن في حالة سبت جزولة، يقول البودالي يبدو الأمر معقدا نوعا ما، حيث يستغرق ضباط الفرقة الوطنية وقتا أطول في الوصول للمعطيات الدقيقة والاستماع إلى كافة الأطراف والمصرحين.
وقال البودالي صافي الدين لموقع “الجهة 24” إن المشتبه بهم الرئيسيين في قضايا تضارب المصالح وتبديد أموال عمومية بالسبت جزولة، قد غيروا من وثائق الملف بعد بدء التحقيقات، وهو ما يبدو، قد عطل مسار هذه التحقيقات.
لكن الرئيس الجهوي لجمعية حماة المال العام، يعتبر أن في ذلك ما يكون أركان التزوير وتضليل العدالة، وهو ما يستدعي اليوم، بالنسبة لجمعيته إلى المبادرة إلى مراسلة الوكيل العام لمحكمة جرائم الأموال بمراكش، قصد البحث وفتح تحقيق جديد في القضية.
وذكر المتحدث ذاته، أن التطورات الجديدة في القضية ترقى إلى الاشتباه في أن ترقى إلى التزوير ولاسيما أن فواتير الماء والكهرباء مازالت مسجلة باسم رئيس المجلس السابق مصطفى كريم، وذكر أن الأمر يتطلب مجددا تحريك المسطرة في الشكايات التي وضعها عددا من المستشارين من داخل المجلس سواء في الولاية الماضية أو الحالية للرئيس محمود كريم.
واستنادا إلى المعطيات التي توفرت عليها “الجهة24” بخصوص قضية تبديد أموال عمومية في السبت جزولة، فإن الوكيل العام للملك أمر بالتحقيق أيضا مع مدير المصالح بالجماعة المذكورة عام 2022، ورئيس مكتب الدراسات التقنية، ورئيس القسم التقني، ومقاول كهربائي، ومقاول ورجل أعمال، إضافة إلى ثلاثة مقاولين آخرين، والذين تمت إحالتهم على يوسف الزيتوني قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش.
واستنادا إلى ما قاله محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، فقد سبق لعدد من المستشارين الجماعيين بجماعة سبت جزولة أن تواصلوا مع الجمعية المغربية لحماية المال العام بشأن عدد من الشبهات المتعلقة بوجود اختلالات مالية، حيث أكد أن كل هذه الوقائع والشبهات سبق للمستشارين المذكورين أن قدموا بشأنها شكاية إلى رئيس النيابة العامة والذي أحالها بدوره على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، والذي قام بإحالتها هو الآخر على الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بالمدينة الحمراء، لكن هذه التحقيقات مازالت قيد الانتظار.
وأكد الغلوسي على أن الشكاية المذكورة، تشير إلى شبهة اختلالات تتعلق بصفقة السوق الجديد، ووجود تلاعبات في بعض العقارات العائدة للجماعة واستغلالها بطريقة غير قانونية، ضمنها إحدى المقاهي، وبيع بعض العقارات للخواص، إضافة إلى تلاعبات في بعض المحلات التجارية حيث يتعلق الأمر بأحد الفنادق بالمحطة الطرقية وبعض المقاهي، ووجود بناء بدون رخصة، فضلا عن صرف ما يقارب أزيد من مليار و600 مليون سنتيم على الملعب البلدي على مدى تسع سنوات دون أن يكتمل بناؤه.
وأضاف المتحدث ذاته، على أن من ضمن الاختلالات المذكورة في الشكاية، يوجد السوق الأسبوعي الجديد والذي أنفق على بنائه ما يزيد على ملياري سنتيم، حيث تم التعاقد مع المقاول الذي يستفيد من السوق لمدة 13 سنة لبناء السوق الجديد في ظرف ثلاث سنوات، إلا أنه تخلى عن الاتفاقية المبرمة معه بعد انتهاء المدة المتفق معه عليها، إضافة إلى التلاعب في سومة الكراء السنوي للسوق والمجزرة، فضلا عن التلاعب في كراء رحبة عيد الأضحى، ثم التلاعب في الإيرادات الجماعية والرسوم والسومة الكرائية للدور والمتاجر والمقاهي.
وأشار رئيس حماة المال العام بالمغرب، إلى أن المستشارين الذين كانوا قد تقدموا بفضح كل هذه الأرقام، وتقدموا بالشكاية أمام أنظار النيابة العامة، قد قيموا المبالغ التي فقدتها خزينة الجماعة وتم تفويتها عليها بحوالي 3 ملايير و 500 مليون سنتيم.
وحول هذه الأموال المهدورة وكل هذه الاختلالات المرصودة، أكد محمد الغلوسي، على أن حماة المال العام يطالبون بتسريع التحقيق وأن تلعب السلطة القضائية دورها في مكافحة الفساد ونهب المال العام والتصدي للإفلات من العقاب، حيث ذكر على أن هذه المنطقة تعرضت لتهميش كبير وعانى أهلها من الفقر والبطالة وتفتقر لأبسط الخدمات العمومية والمرافق الضرورية والبنيات التحتية.
وأشار المصدر ذاته، إلى أنه وفي مقابل كل هذه النقائص والاحتياجات يستغل “البعض مواقع المسؤولية للاغتناء غير المشروع وممارسة الشطط والتعسف، حيث أصبح بعض المنتخبين بالإقليم من أثرياء البلد وفاحت رائحتهم في كل مكان مستغلين شبكة من العلاقات العائلية ومواقع القرار لمراكمة ثروات مشبوهة”.