باحثون ودبلوماسيون يناقشون بالرباط التحولات العميقة لصناعة الفوسفات وانعكاساتها الترابية

الجهة 24- الرباط
احتضن مركز جاك بيرك للدراسات في الرباط ندوة أكاديمية ضمن سلسلة “سيمينار الشباب الباحثين”، خصصت لمناقشة التحولات التي يعرفها قطاع الفوسفات بالمغرب، باعتباره أحد أعمدة الاقتصاد الوطني وفاعلًا رئيسيًا في السوق العالمية للأسمدة.
وقدمت الباحثة ديان روبير، الباحثة ما بعد الدكتوراه والباحثة المرتبطة بمخبر UMR Ladyss، مداخلة بعنوان: «التحولات في صناعة الفوسفات المغربية: الاندماج العالمي وإعادة التشكيلات الترابية».
سلطت روبير الضوء على المسار الاستراتيجي لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط OCP منذ تعيين رئيسها المدير العام سنة 2006، حيث دشنت المجموعة سياسة استثمارية واسعة لرفع القدرات الإنتاجية والتصديرية، من أجل تعزيز مكانة المغرب داخل سلاسل القيمة العالمية للفوسفات والأسمدة. هذه التحولات، وفق الباحثة، لم تقف عند حدود الصناعة، بل شملت إعادة هيكلة داخلية أعادت تشكيل أنظمة العمل والعلاقات المهنية، مع انعكاسات مباشرة على المناطق التي تحتضن أنشطة الاستخراج والتصنيع مثل خريبكة والجرف الأصفر وآسفي .

وشارك في اللقاء باحثون ودبلوماسيون، ما أتاح مقاربة متعددة الأبعاد تناولت الأزمة البيئية الناجمة عن استغلال الفوسفات، وارتباطها الوثيق بالتحولات السياسية والاقتصادية التي يعرفها المغرب منذ مطلع الألفية الثالثة. وقد توقف المتدخلون عند نموذج آسفي والجرف الأصفر باعتبارهما مجالين بارزين تجتمع فيهما رهانات التنمية الصناعية ومخاطر التلوث البيئي والضغط على الموارد المائية.
النقاش الذي أعقب المداخلة ركز على المفارقات الكبرى لصناعة الفوسفات: فهي من جهة، رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية ولبروز المغرب كقوة فاعلة في أمن الغذاء العالمي، ومن جهة أخرى، تشكل بؤرة للتوترات الاجتماعية والبيئية التي تطرح أسئلة عميقة حول العدالة المجالية، العلاقة مع الساكنة المحلية، وإمكانيات إعادة توزيع عائدات الثروة الفوسفاتية.
الندوة، التي جمعت أصوات أكاديمية ودبلوماسية، لم تكتف بعرض المؤشرات الاقتصادية، بل سعت إلى تفكيك البنية العميقة لصناعة الفوسفات في المغرب، بما تحمله من رهانات سياسية واقتصادية وبيئية، وبما تفرضه من تحديات على مستقبل التنمية المستدامة.