العدالة والتنمية بمراكش.. “الديب حرام، أو مرقتو حلال..”
موقف سريالي طفا على سطح المشهد الحزبي بمدينة مراكش، يصدق عليه المثل الشعبي الدارج:” الديب حرام أو مرقتو حلال”، إذ بالرغم من قبول حزب العدالة والتنمية الاصطفاف في الأغلبية المسيرة للمجلس الجماعي الجديد لمراكش، و قبوله بمنصب النائب السابع لعمدة المدينة في شخص محمد توفلة، إلا أن وكلاء “المصباح” طعنوا في الانتخابات العامة ليوم 8 شتنبر الماضي.
ولعل اليد الممدودة التي نهجتها الأحزاب الثلاثة الفائزة بالمراتب الأولى في الإنتخابات الجماعية بمراكش، اتجاه حزب العدالة والتنمية الذي أسقطته صناديق الإقتراع، والتي لم تكن هذه الأحزاب في حاجة إلى أصواته لتشكيل الأغلبية، (لعل اليد الممدودة) قطعها “البيجيدي”، عبر تقديم طعون في العملية الانتخابية بكل من مقاطعة المنارة، مقاطعة المدينة، مقاطعة جليز ومقاطعة سيدي يوسف بن علي.
وفي تناقض صارخ قبل حزب العدالة والتنمية، فتات ما جادت به عليه الأحزاب المتحالفة، عبر نيابة بالمجلس الجماعي ونيابات محتملة بالمقاطعات الخمسة، ومع ذلك تقدم بطعون ضد الفائزين من هذه الأحزاب في الإنتخابات الأخيرة، والتي “أدخلته” من النافذة بعد خروجه مهزوما مدحورا عبر صناديق الإقتراع.
لا شك أن الطعون تم تقديمها من قبل حزب العدالة والتنمية قبل الدعوة التي تلقاها من التحالف للمشاركة في التدبير الجماعي من موقع الأغلبية، والأخلاق السياسية تقتضي موقفا واحدا من أصل اثنين، الأول رفض هذه الدعوة والتمسك بفساد العملية الإنتخابية التي تبرر هذه الطعون، والثاني اعتبار الدعوة للمشاركة عبارة عن رسائل ونوايا حسنة لتجاوز التدافع الانتخابي بما له وما عليه، وبالتالي التنازل عن هذه الطعون.
إلا أن حزب العدالة والتنمية ظل متمسكا بهذه الطعون، وممسكا بـ”الكراسي” الوثيرة التي ألفها خلال الست سنوات الماضية، ما يجعل المثل الدارج :”الديب حرام أو مرقتو حلال” يصدق على هذا الموقف الذي لا يمكن وصفه سوى بالانتهازية السياسية.
وتتجلى هذه الانتهازية في قبول المشاركة، ومد اليد للتعويضات السمينة التي تذرها من جهة، ومن جهة ثانية التمسك بالطعون في العملية الانتخابية من أجل تبرير العقاب الذي أنزله المواطنون بحزب المصباح، بادعاء فساد العملية الانتخابية، وليس نتيجة ما اقترفت أيادي قيادات الحزب من سوء تدبير لشؤون مدينة الرجال السبعة، وتورطهم في ملفات الفساد، ومحاكمتهم أمام محكمة جرائم الأموال.
إن الأخلاق السياسية و المنطق السياسي السليم، لا يمكن أن يجمع بين موقفين متناقضين، فساد العملية الإنتخابية والتي دفعت الحزب إلى الطعن فيها، والمشاركة ضمن الأغلبية المسيرة، وهي الأغلبية التي أفرزتها صناديق الاقتراع وتم التعرض لها بالطعن.
إن كانت العملية الإنتخابية فاسدة، فإن ما ستسفر عنه، بالضرورة، فاسد، فكيف تستقيم المشاركة ضمن أجهزة فاسدة ناتجة عن عملية انتخابية فاسدة؟.
وختاما، فإن من كان يعتقد أن إشراك حزب العدالة والتنمية، المهزوم بصناديق الإقتراع، في تدبير شؤون مدينة مراكش، يمكن أن يساهم في حفظ التوازنات السياسية أو الإجتماعية محليا على الأقل، مخطئ تماما، ولعل الأيام والسنوات القليلة المقبلة كفيلة بتأكيد أو إثبات العكس.