الشركة الجهوية للماء بآسفي تُبرر “أزمة العطش” بتقلبات البحر ومحطة التحلية تفشل في أول الاختبارات بدون “خطة طوارئ”

 الشركة الجهوية للماء بآسفي تُبرر “أزمة العطش” بتقلبات البحر ومحطة التحلية تفشل في أول الاختبارات بدون “خطة طوارئ”

أثار البلاغ “التوضيحي” الصادر عن الشركة الجهوية متعددة الخدمات مراكش-آسفي، بشأن الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب بمدينة آسفي، موجة من السخرية والغضب في أوساط الرأي العام المحلي، بعد أن عزا الأزمة إلى “تقلبات حالة البحر” و”ارتفاع الطلب”، دون أن يتحمل المسؤولون عن تدبير هذا القطاع الحيوي مسؤوليتهم في توفير خدمة مستدامة تليق بحقوق المواطنين وكرامتهم.

البلاغ، الذي جاء متأخراً بعد أيام من المعاناة الصامتة التي عاشتها ساكنة آسفي، لم يقدم سوى مبررات واهية تُخفي عجزاً مؤسساتياً واضحاً في مواجهة تحديات التزود بالماء، لا سيما أن المدينة تتوفر على محطة لتحلية مياه البحر، يفترض أنها بُنيت أصلاً لتحصين الإقليم من مثل هذه الانقطاعات في أوقات الذروة.

كيف يُعقل أن تكون تحلية مياه البحر رهينة بـ”تقلباته”، في مشروع أُعلن عنه منذ البداية كحل استراتيجي مستدام؟ وكيف للمكتب الشريف للفوسفاط، الذي يعد شريكاً أساسياً في المشروع، أن يعجز إلى جانب الشركة الجهوية عن تأمين احتياجات مدينة بأكملها في فصل ترتفع فيه درجات الحرارة؟ فماذا عن مراكش مستقبلاً، التي ستُربط بنفس المنظومة في إطار مشروع جهوي أكبر؟

البلاغ لم يتحدث عن الاحتياطات أو خطط الطوارئ، ولا عن البدائل المتاحة لضمان استمرارية التزود بالماء، بل اكتفى بتطمينات غامضة حول “العمل على استئناف التزويد تدريجياً”، في وقت اضطر فيه المواطنون إلى التنقل لمسافات طويلة بحثاً عن قطرة ماء، أو اللجوء إلى شراء الماء المعدني، ما أثقل كاهل الأسر محدودة الدخل، وزاد من حدة الفوارق الاجتماعية.

إن التبرير بالتقلبات الطبيعية لا يعفي الشركة ولا شركاءها من مسؤولية ما حدث. فالماء ليس رفاهية، بل حق أساسي تضمنه الدساتير والسياسات الوطنية، وأي إخلال به يُعد فشلاً ذريعاً في أبسط أولويات التنمية والخدمات العمومية.

ما حدث في آسفي ليس مجرد انقطاع عابر، بل صفعة لمشروع استراتيجي تم الترويج له إعلامياً وسياسياً كأحد أعمدة الأمن المائي في المغرب. والمقلق أكثر، أن البلاغ أغفل الحديث عن المساءلة والمحاسبة، ولم يتطرق إلى أية التزامات دقيقة أو آجال واضحة لعودة الأمور إلى نصابها.

في ظل هذا الغموض، تتعالى أصوات تطالب بتقييم شامل لأداء الشركة والمكتب الشريف للفوسفاط في تدبير هذه المادة الحيوية، وبضرورة إرساء آليات للمحاسبة والشفافية، ليس فقط في آسفي، بل على مستوى الجهة بأكملها، خاصة مع اقتراب دخول مراكش في نفس دائرة التزود.

فهل ينتظر المواطنون في باقي مدن الجهة أن “يهيج البحر” ليُقطع عنهم الماء؟ أم أن الوقت قد حان لقول الحقيقة كاملة، ومحاسبة من تسبب في العطش؟

هيئة التحرير

أخبار ذات صلة

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة الجهة24 لتصلك آخر الأخبار يوميا