الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تندد بحملات هدم المساكن وتشريد المواطنين

قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إنها تتابع باستياء شديد وقلق بالغ الاحتجاجات والشكايات ونداءات الاستغاثة لضحايا الإفراغ القسري من المساكن وعمليات هدم البيوت والسطو على أراضي فلاحية مملوكة لأصحابها أو في ملكية الجماعات السلالية، من طرف السلطات، خلال الأشهر الأخيرة في معظم المدن والقرى والبوادي المغربية.
وسجلت الجمعية، في بلاغ لها، الظروف المزرية وغير الإنسانية التي أصبحت عليها الآلاف من الأسر بأطفالهم وشيوخهم ومرضاهم، بعد هدم مساكنهم أو إفراغهم منها قسرا وتركهم يقضون أيامهم بلياليها تائهين، رغم أن معظمهم رأوا النور في تلك المساكن، وهي في ملكية آبائهم وأجدادهم، ومنها ما هو مرخص من طرف السلطات نفسها.
وأضافت الهيئة الحقوقية، أن كثيرا من أمتعة المواطنين، مهدد بالردم تحت أنقاض البيوت المهدمة، أو معرضة للتخلص منها ببيعها بأثمان بخسة السماسرة الماسي، مشيرة إلى “قلق وخوف” الساكنة من الأحياء الأخرى في معظم المدن، حيث تنتشر الأخبار عن عزم السلطات مباشرة إخلائهم وهدم منازلهم، بدعوى أوامر عليا من أجل توفير الأوعية العقارية لاستثمارات سياحية وتجارية.
وأكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن معظم السكان المعنيين بهذه العمليات هم سكان أصليون رأوا النور بعين المكان وأقام به آباؤهم وأجدادهم قبلهم، سواء كمنتمين للجماعة السلالية صاحبة حق الملكية على تلك الأراضي، أو كملاك الأراضي محفظة ومسجلة باسمهم، موضحة أن “أغلب السكان المعنيين يتوفرون على بطائق وطنية تحمل عناوينهم بعين المكان، ومحصيون كساكنين للمنطقة في مختلف عمليات الإحصاء الأخيرة”.
وأبرزت الجمعية، أن “عددا من البيوت المهددة بالهدم في البوادي هي منازل عائلية موروثة عن الآباء مشيدة فوق أراضي فلاحية بطريقة جيدة، وعليها أشجار مثمرة، ولا زال أصحابها يستغلونها في الزراعة وتربية الماشية، وعمرها يزيد عن عشرات السنين”، مضيفة أن “العديد من الضحايا تحصلوا على البقع الأرضية عن طريق الشراء بواسطة عقود مصادق عليها من طرف السلطات”.
وشددت الهيئة الحقوقية، على أن “معظم البيوت، سواء تلك التي تم هدمها أو تلك المهددة بالهدم من طرف السلطات، بنيانها كامل وليست في طور البناء وهي مسكونة من طرف أصحابها، والتي هي في طور البناء تتوفر على رخص صادرة عن السلطات المختصة”، مبرزة أن “كل السكان المعنيين صرحوا أن الوعود التي تلقوها هي حصولهم على بقع مشتركة في مناطق بعيدة جدا عن أحيائهم، وهي ليست جاهزة للبناء بعد، ولا يعرفون إن كانت المنطقة التي سيتم ترحيلهم إليها تتوفر على كافة المرافق والتجهيزات الضرورية للحياة المدارس والثانويات، وسائل النقل العمومي، الحمامات الحدائق والساحات العمومية، المتاجر الإدارات العمومية، الأمن”.
وأضافت الجمعية، أن “كل المعنيين الذين تم اللقاء بهم صرحوا أن السلطات أخبرتهم أن قيمة البناء الذي يتم هدمه سوف لن يتم التعويض عنه أو أن التعويض عنه هزيل جدا لا يرقى إلى التعويض المنصف عن تكلفة البناء الحقيقية، ونفس الشيء بالنسبة للأراضي الفلاحية أو المشيد عليها البناء وهو ما يعتبر حيفا في حقهم واعتداء على ممتلكاتهم، خصوصا أن سكان البوادي لن يفقدوا مساكنهم فحسب، بل حتى مورد رزقهم باعتبارهم فلاحون صغار يعيشون على الفلاحة المعيشية وتربية الماشية”.
وذكرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بأن “السكن وتملك الأرض حق من حقوق الإنسان، لا يمكن لأية سلطة أن تجرد منه صاحبه بأية ذريعة بدون سند قانوني، صادر عن جهة مخولة وعادلة، وبدون تعويض منصف لجبر الضرر والتعويض عن فقدان الكسب، وتوفير سكن بديل جاهز ولائق، تتوفر فيه كافة المرافق والتجهيزات والشروط المنصوص عليها في ما يصطلح عليه بالسكن اللائق”.
وشددت الجمعية على أن “البنايات المشمولة بقرارات الهدم هي بيوت بنيت تحت أعين المسؤولين وبعلمهم ومباركتهم، وهم بذلك أول من يجب محاسبتهم إن كانت هناك تجاوزات للقوانين ووثائق التعمير المعمول بها”، مشيرة إلى أن “قرار هدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها، والصادر عن جهة غير قضائية، وتركهم في الخلاء عرضة للحر والبرد ومخاطر الناتجة عن الهدم والاعتداأت الليلية هو قرار سلطوي وغير مسؤول، ولا يعترف بمواطنة وأدمية الضحايا، ويجب التراجع عنه فورا في ا انتظار إيجاد الحلول البديلة، التي ترضى السكان، وتضمن كرامتهم وتحافظ على علاقاتهم الاجتماعية وذاكرتهم المشتركة”.
وطالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بالتعبئة لحماية عشرات الآلاف من المواطنات والمواطنين من التشرد والضياع بسبب قرارات “سلطوية” تلوي عنق القوانين المتعلقة بنزع الملكية وتفويت الأراضي من أجل المنفعة العامة لصالح مشاريع سياحية وتجارية وصناعية ربحية خاصة لا علاقة لها بالمفهوم المتعارف عليه للمنفعة العامة.