التهامي حلي يكشف أسرارًا منسية عن آسفي: أول ربانة طائرة مغربية من آسفي وأمير الملحون نُفي إلى سلا وظل مجهولًا لأبنائها

الجهة 24- آسفي
عرفت قاعة ملحقة الجهة بمدينة آسفي، يوم السبت 15 مارس الجاري، ندوة تقديم كتاب “Safi et son littoral dans l’histoire proche” للكاتب التهامي حلي بدعم واحتضان من جمعية حوض آسفي، وهو الكتاب الذي يعيد من خلاله إحياء ذاكرة آسفي القريبة، مستعرضًا شخصيات وأحداثًا تاريخية لم تحظَ بالاهتمام الكافي.
وفي مداخلته، أوضح حلي أن الكتاب جاء لتعزيز المأثور التاريخي لمدينة آسفي، حيث يتناول 90 موقعًا تاريخيًا، و13 شخصية بارزة، إلى جانب 7 مواقف شخصية. ويهدف إلى تسليط الضوء على الأحداث والأماكن والشخصيات التي كانت جزءًا من تاريخ المدينة لكنها غير معروفة للكثيرين، إضافة إلى تصحيح بعض الأخطاء التاريخية التي انتشرت سابقًا.
وكشف الكاتب عن معلومتين تاريخيتين بارزتين حول آسفي، حيث أكد أن أول امرأة قادت طائرة في المغرب كانت من المدينة وعاشت فيها، وهو اكتشاف لم يكن معروفًا على نطاق واسع. كما سلط الضوء على أمير الملحون في المغرب، الذي كان يمتلك أكثر من ألف قصيدة، لكنه تعرض للنفي من قِبل الاستعمار إلى مدينة سلا، حيث عاش منسيًا دون أن يحظى بالاهتمام أو الاعتراف من أبناء مدينته الأصلية، كما أشار الكاتب إلى عكس ما قيل إن آسفي لم يكن بها ملاح، فإنها مدينة ظلت تحتفظ باليهود، وكان فيها ملاح أيضًا.
أوضح حلي أنه اختار اللغة الفرنسية لتأليف الكتاب، نظرًا لعدم توفر مراجع تاريخية كافية باللغة العربية، حيث استعان بوثائق وكتابات صحافيين فرنسيين أرّخوا لآسفي بعد دخول فرنسا إلى المغرب سنة 1908.
إلى جانب الشخصيات، يتناول الكتاب أحداثًا بارزة مثل الصراع مع قبائل أولاد زيد وعهد السلطان مولاي إسماعيل، حيث عمد الكاتب إلى التحقيق في الروايات المتاحة وتصحيح المغالطات التاريخية التي طغت على بعض منها.
يمتد الكتاب على أكثر من 400 صفحة، مقسمًا إلى ستة أجزاء، يتناول كل منها منطقة محددة من المدينة ومحيطها، وهي:
- المدينة القديمة
- آسفي الجنوبية
- آسفي الشمالية
- المدينة الجديدة (Le Plateau)
- ناحية الساحل (Le Cap Cantin)
- الشياظمة الشمالية أو الصويرية
ويُعد هذا العمل إضافة مهمة إلى المكتبة التاريخية المسفيوية والمغربية عامة، حيث يعيد إحياء جوانب منسية من تاريخ آسفي ويمنح القارئ فرصة لاكتشاف أسرارها العريقة. ويأخذ الكتاب القارئ في رحلة تاريخية وكأنه برفقة صديق يروي له الحكايات، عبر مزيج من السرد والحوار، مع إضافة معلومات جديدة وغير معروفة من قبل، مما يجعله توثيقًا حيويًا للأحداث والأماكن والشخصيات التي شكلت تاريخ المدينة.
ومن جهته، قال رئيس جمعية حوض آسفي، أحمد غيبي، إن جمعية حوض آسفي اخذت على عاتقها دعم هذا المحتوى الثقافي انطلاقا من مجهوداتها الذاتية، دون دعم من أي جهة منتخبة أو مؤسساتية، وذكر المتحدث ذاته أن جمعيته تعمل على تشجيع أولئك الذين ينتجون كتابات أدبية وأبحاث علمية التي تتحدث عن تاريخ آسفي وذاكرتها وأشخاصها، لأن ذلك ما يُشكل الأسس الأساسية للمدن العريقة، ولأن آسفي، حاضرة المحيط، لا يجب أن تكون إسم على مسمى فقط، بل يجب يتجلى ذلك في تحركاتنا من مختلف الجوانب العلمية والأدبية.
وكان التهامي حلي، قد كتب كتاب “تاريخ كرة القدم بأسفي ما بين 1900 و1956” وأوضح الباحث أنه استند في إنجاز هذا المؤلف على الروايات الشفوية أكثر من المكتوبة وذلك في ظل غياب مؤلفات ودراسات مكتوبة تؤرخ لهذه الحقبة.. وأبرز أن هذا العمل لقي ترحيبا كبيرا من قبل الرأي العام الرياضي بأسفي ، مبرزا أنه يطمح لجعله مرجعا حقيقيا بالنسبة للباحثين.
ويشار إلى أن التهامي حلي، المزداد بأسفي سنة 1949، والباحث في التاريخ الرياضي، اشتغل أستاذا للرياضة بأسفي من 1970 إلى 1990 قبل أن يعين مفتشا للتربية البدنية بنيابة وزارة التربية الوطنية بأسفي.. كما لعب حلي في صفوف المنتخب الوطني للريكبي ما بين 1967 و 1974، واختير لمرات عدة كأفضل لاعب مغربي للريكبي، كما عمل مدربا للعبة بأسفي.