افتتاحية – قدوة سيئة
الجهة24
في البلدان التي تحترم نفسها، يحدث أن تقع حادثة سير قطار عرضية، ويُقدم وزير النقل استقالته فورا، مع عبارات الطلب السماح والأسف والاعتراف بتقصيره في مهامه رغمَ أن مثل هذه الحوادث قد لا تكون بسبب عدم قيام مسؤول بمهامه على أكمل وجه. أما عندنا، وهناك في آسفي، ابتلت المدينة بعمدة ببروفيل غير مسبوق، يستمد من أوروبا برتكول المكتب وديوان والتقاط الصور وهو الرجل القادم من مرجعية تُحيل إلى “حذاري من المشتاق إلى ذاق” وحينما تسبب في احتجاز العشرات من الكلاب الضالة وعرضها للموت، وعوض اعترافه بخطئه على الأقل، راحَ للمحكمة بنية سجن وإخراس من فضح “جريمته”.
لم يتعلم نور الدين كموش رئيس المجلس الترابي لآسفي الحالي، الذي ترعرع في أحضان جماعة العدل والإحسان، أخلاق حماية الحيوان وعدم الفتك بها والرحمة بها سواء ما بما يُستمد من الدين الإسلامي أو ما يتم تلقينه لأعضاء الجماعة في ليالي الاعتكاف والخلوة، ولم يتعلم أيضًا حينما ارتمى في حضن العدالة والتنمية خلال أيام الزهد والنعيم والولاية الحكومية، دروس التشريع القانوني وما تقتضيه تجاه حماية الحيوانات الضالة وغيرها، ولم يفهم بعد أن حزب علال الفاسي ليسَ حزبا متطرفا تجاه قضايا الحيوان. بينما شكل كموش قدوة سيئة لمجتمع يشرف على تدبير أموره حينما أمر باحتجاز كلاب ضالة في محجز في الخلاء لا يتوفر على أدنى شروط الصحة والسلامة، دونَ أكل ولا شرب، ودون أخلاق ولا رحمة أيضًا.
لقد أحاط كموش به الكثير من “عبيدات العافية” و”مسامر الميدة” وطلق العنان للنفسه وهو يلهف ويجري وراء السفريات نحو فرنسا ودول أخرى، ظنا به أنه بذلك، يمثل رئيس بلدية متقدمة ومنفتحة وواعية، بينما الشيء الوحيد الذي جلبه كموش من هذه الزيارات حتى الآن، هو تبذير ملايين المجلس في تلك الرحلات التي لا طائل منها تاركا المدينة وراءه تغرق في مشاكل النفايات والنقل.
لقد كان لافتًا أن يكتب بعض الأجانب وهم يقرون خبر إقدام كموش على احتجاز الكلاب الضالة وتعريضها للموت العبارة التالية: “عليك أن ستقيل من منصبك، إنك لا تفهم ماذا يعني أن تكون قائدًا. القائد يعني أن تعمل بأفضل ما لديك من أجل شعبك، والحيوانات التي تعيش في مملكتك وبلدك بأكمله. بدلاً من ذلك، أنت تعاقب الأشخاص الذين يعتقدون أن قتل الحيوانات بأشد الطرق وحشية غير مقبول”.
حُق للسياسيين أن يقولوا ما يشاؤون؛ لا يجعلهم ذلك على صواب دائما. لكن، حق لنا أن ننظر بشك إلى نتائج أقوالهم عندما تصبح تيارا رئيسا، ويحدث أن نتجه أن يُصبح “تعذيب الحيوانات في هذه البلد” تيارا رئيسا. وبشكل خاص، يجب أن يكون المرء على حذر عندما تكون سمعة البلاد على المحك.