آسفي – الجهة24

شهدت ثانوية فاطمة الفهرية بمدينة آسفي، يوم الخميس، حادثًا أثار موجة استياء واسعة داخل أسرة التعليم، بعدما تعرضت أستاذة مادة اللغة الفرنسية لاعتداء لفظي وإهانة علنية من طرف مديرة المؤسسة، أمام مرأى ومسمع من تلامذتها، وفق ما أكده عدد من الأساتذة.

الحادث الذي وقع داخل المؤسسة التعليمية، جاء بعدما حاولت الأستاذة التدخل لتهدئة شجار لفظي نشب بين أستاذين بالقرب من قسمها، الأمر الذي عرقل سير الدرس وأجبرها على الخروج مؤقتًا. غير أن المديرة، حسب شهادات أساتذة تحدثوا لموقع الجهة24، عمدت إلى ملاحقة الأستاذة نحو القسم، ووبختها وأهانتها أمام التلاميذ، في مشهد اعتبرته هيئة التدريس “سابقة خطيرة تضرب كرامة الأطر التربوية في الصميم”.

وتعيش الثانوية الإعدادية فاطمة الفهرية بآسفي حالة من الاحتقان والتوتر الشديدين جراء سلسلة من الخروقات الإدارية المنسوبة إلى مديرة المؤسسة، والتي تم تفريغ تفاصيلها في مذكرة داخلية تكشف عن سوء تدبير خطير. وتتمحور هذه الخروقات حول الغياب المتكرر وغير المبرر للمديرة، خصوصا صباح كل يوم السبت، بالإضافة إلى تخلفها عن إقرار تحية العلم الوطني داخل المؤسسة في أوقات متفرقة.

غضب الأساتذة ومطالب بالتحرك

ردود فعل هيئة التدريس بالمؤسسة لم تتأخر، إذ طالبت المديرية الإقليمية للتعليم بآسفي بالتدخل العاجل لوقف ما وصفته بـ”التصرفات غير القانونية” الصادرة عن المديرة، والتي تسببت – بحسبهم – في تأجيج الوضع منذ الموسم الدراسي الماضي.

وفي تصريحات متطابقة، أكد أساتذة أن الاعتداء الأخير ليس معزولًا، بل يندرج ضمن سلسلة من الممارسات “التعسفية” التي جعلت المناخ التربوي متوترًا، وسط تحذيرات من انفجار احتجاجات واسعة إذا لم يتم تطويق الأزمة.

الخلاف بين المديرة وعدد من الأطر التربوية لم ينشأ اليوم. فقد سبق أن فجرّت المديرة أزمة الموسم الماضي، حين أقدمت على تغييرات مفاجئة في جداول الحصص الدراسية، بدعوى “إجراءات تنظيمية قانونية” أوصت بها لجنة من المفتشية العامة.

لكن الأساتذة المتضررين اعتبروا الخطوة “انتقائية” تستهدف أسماء محددة، متهمين المديرة بالانفراد بالقرارات وإقصاء دور المجالس التربوية، بل تحدثت استاذة أخرى عن “كمين إداري” انتهى بمتابعتها قضائيًا، معتبرين أن المديرة استغلت الواقعة بقصد الانتقام.

تصعيد نقابي وتبادل اتهامات

الأزمة استقطبت تدخل المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم (FNE)، الذي أصدر بلاغًا ناريًا اتهم فيه إدارة المؤسسة بـ”خلق أجواء غير تربوية”، وارتكاب خروقات إدارية ومالية وتربوية، أبرزها تعطيل مصالح الأساتذة والتلاميذ، الضغط على الأطر التعليمية، التأثير على سير الجمعية الرياضية، والتضييق على العمل النقابي.

ودخلت لجان تفتيش إقليمية على خط الأزمة لمعاينة الوضع المالي والإداري للمؤسسة. وبحسب معطيات حصلت عليها الجهة24، فقد رصدت هذه اللجان تحويل مبلغ يناهز 13 ألف درهم من ميزانية المؤسسة إلى حساب الجمعية الرياضية دون سند قانوني، فضلًا عن غياب وثائق محاسباتية أساسية لتبرير صرف الاعتمادات.

وفي مقابل هذه الاتهامات، يتحدث بعض المقربين من المديرة عن استفادتها من “غطاء نقابي” موصول بحزب سياسي نافذ، ما يمنحها حماية غير معلنة من أي مساءلة. لكن المديرية الإقليمية للتعليم نفت هذه المزاعم، مؤكدة أن كل الملفات تُدرس بمعايير موضوعية، بعيدًا عن أي انتماءات أو حسابات سياسية.

وكان المدير الإقليمي للتعليم بآسفي، العلامي القريشي، قد صرّح سابقًا لموقع الجهة24 بأن المديرية أعادت تصحيح وضعية المؤسسة إداريًا وتربويًا وماليًا قبل نهاية الموسم الماضي، مع منح ضمانات للأساتذة لحمايتهم من أي شطط محتمل. لكن تصريحات جديدة من هيئة التدريس تنفيذه المعطيات الجديدة، وتقول ان الوضع مازال كما عليه، وأن الحادث الأخير يعكس هشاشة هذه الضمانات، ويعيد إلى الواجهة سؤال فعالية التدخلات الرقابية.

موسم جديد على صفيح ساخن

ومع بداية الموسم الدراسي، يترقب أساتذة الثانوية ما ستؤول إليه الأمور، وسط تهديدات بخوض وقفات احتجاجية أمام المؤسسة والمديرية الإقليمية، إذا لم تُتخذ قرارات حاسمة تضع حدًا للاحتقان القائم. وبين تقارير رقابية تكشف خروقات، واتهامات متبادلة بين الإدارة وهيئة التدريس، يبقى مستقبل الموسم رهينًا بمدى قدرة المسؤولين على إعادة الاستقرار والثقة داخل المجتمع التربوي.