أقرت شركته باحتكار سوق المحروقات حينما كان أخنوش يرأس هولدينغ “أكوا”.. أليست هذه فضيحة تستوجب استقالته؟
الجهة24- هيئة التحرير
يرتبط إسم المسؤولين السياسيين المغاربة بالمناصب والتعنت أو الإقالة والعودة من الأبواب الخلفية، دون مساءلة قانونية، كلما تناثرت فضيحة مدوية، اقيمت لها الدنيا ولم تُقعد، سواء تعلق الأمر بفضيحة تبديد أموال عمومية أو فضيحة سياسية تُبرز تورط هذا المسؤول أو داك.
يُستحضر في المشهد السياسي المغربي، قبل ما اطلق عليه بـ”الزلزال السياسي” حول مشاريع تنموية في الحسيمة الذي أدى إلى إقالة عددا من الوزراء والمسؤولين، إقالة محمد أوزين، حينما كان وزيرا للشباب والرياضة، على خلفية تبديد 22 مليار سنتيم جراء اشرافه على احتضان المغرب لتظاهرة تنظيم كأس العالم للأندية في 2014، أو ما عُرفَ أنداك بفضيحة ملعب “الكراطا”.
أنداك سيتدخل الملك، كما تدخل في قضية منارة المتوسط بالحسيمة لإعطاء اوامره بإقالة محمد أوزين من الحكومة، قبل أن يختفي “أوزين” عن الأنظار ويعود من بوابة البرلمان، ثم أمينا عاما لحزب الحركة الشعبية، رغمَ أنه أنذاك أثبت تقرير رسمي قدمه وزير الداخلية ووزير المالية، مسؤوليته السياسية والإدارية المباشرة في الاختلالات المسجلة على صعيد إنجاز هذا المشروع ملعب ” الكراطا “.
في قضية أخنوش.. “يا جبال ما يهزك الريح”
بينما كان البرلمان يهتز على واقعة تورط أخنوش في الاحتكار، والربح الغير المشروع، إلى درجة أن رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، عبد الله بوانو خاطب أخنوش بـ”رد 17 مليار التي ربحت من المحروقات نتيجة الاحتكار” في الوقت الذي كان فيه المغرب يغلي بارتفاع اثمنة المحروقات والخضر والسلع الأساسية.
”المحروقات تعرف ارتفاعا غير مبرر للأسعار بعدما بات المغرب الأعلى دوليا في أسعار المحروقات، يوازيها ربح شجع لشركات بيع المحروقات التي تستولي على 300 في المائة من هامش الربح” يقول بوانو مخاطبا أخنوش.
الذليل على كلام بوانو، كان هو أن لحكومة السابقة لرئيسها سعد الدين العثماني، تكلمت عن هامش للربح أرسلته لمجلس المنافسة حددته في 1.5 درهم ، منها 0.60 للغازوال، و0.70 للبنزين” لذلك كان البرلمان يطالب أخنوش بتفسيرات، حول وصول المحروقات في المغرب إلى أزيد من 14 درهم، بينما ثمن البرميل في السوق العالمية كان لا يتعدى 111 دولار.
ويُفسر بوانو ذلك بقوله:”الكازوال لما يباع عالميا بـ100 دولار يجب بيعه بالمغرب بـ11 درهم، ولما يصل إلى 120 دولار يصبح سعره ازيد من 12 درهم، واليوم الكازوال انخفض على 111 دولار لكن المغاربة يقتنونه بـ14 درهم”.
جاء الاعتراف.. ماذا ستفعل الدولة؟
القرار الصادر يوم 23 نونبر الجاري عن مجلس المنافسة، يعد أول إدانة صريحة ونهائية له، من خلال شركة “أفريقيا غاز” التي يمتلكها، بالتورط في ممارسات منافية للقانون، ما يطرح أسئلة سياسية وأخلاقية بخصوص استمراره في منصبه.
وما يجعل ملف الممارسات الاحتكارية في مجال المحروقات أمرا ذا أبعاد أخرى، هو أن القرار العقابي صادرٌ لأول مرة عن هيئة من هيئات الحكامة الجيدة والتقنين، وفق منطوق الدستور المغربي، ويتعلق الأمر بمجلس المنافسة، الذي وضع “أفريقيا غاز” التابعة لهولدينغ “أكوا” على رأس قائمة من 9 شركات مجبرة على أداء 1,84 مليار درهم لخزينة الدولة كتسوية تصالحية، نتيجة تأكد تورطها في خرق قانون حرية الأسعار والمنافسة.
ووفق البلاغ الصادر عن المجلس بتاريخ 3 غشت 2023 فإن مصالح التحقيق خلصت إلى وجود حجج وقرائن تفيد ارتكاب الشركات المعنية بالمؤاخذات والأفعال المنافية لقواعد المنافسة في الأسواق المذكورة، في مخالفة صريحة لمقتضيات المادة 6 من القانون، التي تنص على حظر الأعمال المدبرة أو الاتفاقيات أو الاتفاقات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية كيفما كان شكلها وأيا كان سببها.
وإذا كان أخنوش قد أعلن، في بلاغ عممه يوم 13 شتنبر 2021، عقب تعيينه من طرف الملك محمد السادس رئيسا للحكومة ومكلفا بتشكيلها، قراره “الشروع في مسطرة الانسحاب التام من جميع مناصب التسيير داخل الهولدينغ العائلي (أكوا)”، فإن تاريخ تسجيل تلك الممارسات الاحتكارية يعود إلى ما قبل هذا التاريخ، فالمرة الأولى التي طفا فيها الملف على السطح كانت بتاريخ 23 يوليوز 2020، وكان حينها لا يزال وزيرا للفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
لكن الملف لم يُطوَ حينها، فالمجلس، في عهد الرئيس الحالي أحمد رحو، أصدر بلاغا بتاريخ 2 يونيو 2023، صادر عن المقرر العام، جاء فيه أنه “تطبيقا لمقتضيات المادة 38 مكررة من القانون رقم 104.12 كما تم تغييره وتتميمه، فقد اتخذ مجلس المنافسة، وبإجماع أعضائه، قرارا يقضي بموجبه إرجاع الملف المتعلق بوجود محتمل لممارسات منافية للمنافسة في سوق توزيع المحروقات، إلى مصالح التحقيق”.
وبعيدا عن أسطوانة “في الدول المتقدمة..”، فإن ما حدث يُعد فضيحة مدوية، تستلزم تحكيم ملكي إذا كانت مؤسسات الرقابة لا تملك أي حيلة لكبح جماح أخنوش، فإن المغاربة لطالما رفعوا شعار “كنعرفو غير سيدنا” مدام أن أمل الثقة في المؤسسات يتضائل كلما طفت فضيحة جديدة إلى السطح”.