أزمة الثانوية الإعدادية “فاطمة الفهرية” بآسفي.. هل ينتظر المدير الإقليمي أن ينهار الوضع مع الدخول المدرسي؟

الجهة 24 – آسفي
تعيش الثانوية الإعدادية “فاطمة الفهرية” بمدينة آسفي على وقع احتقان تربوي غير مسبوق، كشف عن نفسه بشكل صريح خلال الموسم الدراسي المنصرم، ويبدو أن تداعياته ستستمر مع بداية الموسم المقبل في ظل غياب قرارات حازمة من طرف المديرية الإقليمية. صراع داخلي بين عدد من الأطر التربوية ومديرة المؤسسة خرج إلى العلن، وسط تبادل اتهامات حول سوء التدبير، وغياب الحكامة، واستعمال النفوذ في تصفية حسابات إدارية وتربوية، فيما اختار المدير الإقليمي المعين حديثا البحث عن سبل حبية لإنهاء الأزمة، وهو الشيء الذي لم يتحقق حتى الأن، انتهى بإرساله للجنة إقليمية أخرى.
بداية الأزمة
بوادر الأزمة ظهرت أولاً مع تغييرات مفاجئة في جداول الحصص الدراسية، مما فجر موجة استياء داخل صفوف هيئة التدريس، واعتُبرت القرارات الصادرة عن المديرة استهدافًا شخصيًا لبعض الأساتذة، بحسب تصريحات عدد منهم لموقع “الجهة24”. في المقابل، ترى المديرة أن ما جرى يدخل ضمن اختصاصها القانوني، وأن هذه الإجراءات جاءت تجاوبًا مع تقرير صادر عن لجنة من المفتشية العامة للوزارة، كانت قد زارت المؤسسة ووقفت على اختلالات تدبيرية وبيداغوجية، وأن الهدف من التغييرات هو ضبط استعمال الزمن ومحاربة العشوائية التي طبعت المؤسسة في السنوات السابقة.
غير أن روايات عدد من الأساتذة ترسم صورة مختلفة، إذ أشار أحدهم إلى تعرضه لما أسماه “كمين إداري” جرّه إلى القضاء، بعد خلاف بينه وبين تلميذة، نتج عنه حكم قضائي بالسجن شهرين موقوفي التنفيذ رغمَ تنازل أسرة التلميذة، معتبرًا أن المديرة استغلت الواقعة لتصفية حسابات معه. كما يرى أساتذة آخرون أن المديرة تحاول التحكم في كل صغيرة وكبيرة داخل المؤسسة، وتتخذ قرارات فردية دون الرجوع إلى هياكل التسيير الجماعي، مما أدى إلى احتقان دائم وتوتر العلاقات المهنية داخل الطاقم التربوي.
وقد دخل المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم (FNE) على خط الأزمة، حيث أصدر بلاغًا شديد اللهجة اتهم فيه المديرة بخلق أجواء غير تربوية تهدد شروط الاشتغال السليم، مشيرًا إلى ما وصفه بـ”الخروقات التربوية والإدارية والمالية”، بدءًا من تعطيل مصلحة الأساتذة والتلاميذ بسبب قرارات انفرادية، مرورا باستعمال النفوذ والضغط على الأطر التعليمية، والتأثير على سير الجمعية الرياضية، وإقصاء المكتب المالي وتهميش دور المجالس التربوية، وصولًا إلى المساس بالحق في التعبير النقابي، وممارسة التضييق على بعض الأساتذة وتوجيه تهديدات غير مباشرة لهم. كما اتهم البلاغ الإدارة بالتستر على موظف متابع منذ 2019، وتكليف أساتذة الابتدائي بمهام غير قانونية، ناهيك عن خلق أجواء من التشنج والخوف، أدت إلى تراجع واضح في مؤشرات الاستقرار التربوي والتحصيل الدراسي داخل المؤسسة.
تفتيشات إقليمية تكشف اختلالات مالية
وفي سياق متصل، حلت خلال الأسبوع الماضي لجان تفتيش إقليمية مبعوثة من طرف المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بآسفي بثانوية فاطمة الفهرية التأهيلية، وذلك في إطار مهام رقابية تستهدف تتبع شفافية التدبير المالي والإداري داخل المؤسسات التعليمية بالإقليم.
وحسب المعطيات التي حصل عليها موقع “الجهة 24” من مصادر مطلعة، فقد وقفت اللجان على عدد من الاختلالات المالية والتدبيرية، أبرزها تبديد مبلغ يقارب 13 ألف درهم، تم تحويله بشكل غير قانوني إلى حساب الجمعية الرياضية التابعة للمؤسسة، دون أي سند قانوني يبرر هذا التحويل أو مسوغ إداري يجيزه.
وكشفت ذات المعطيات أن ملحق الاقتصاد والإدارة، الذي يشغل مهمة مقتصد المؤسسة، لا يتوفر على وثائق مرجعية محاسباتية كافية تبرر كيفية صرف الاعتمادات المالية، كما أن اللجان لاحظت غياب عدد من المراجع المحاسبية الأساسية والوثائق التي تهم التدابير والإجراءات المالية المنجزة خلال السنة الدراسية الماضية.
وأكدت مصادر تربوية من داخل المؤسسة أن هذا الوضع خلف تساؤلات عديدة في صفوف الطاقم الإداري والتربوي، خاصة فيما يتعلق بمدى احترام الضوابط المنظمة لتدبير ميزانيات المؤسسات التعليمية، ومدى احترام مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
روايات متباينة
هذه الاتهامات تعززت بتوقيع عريضة من طرف مجموعة من الأساتذة يطالبون فيها المدير الإقليمي باتخاذ موقف حازم تجاه ما وصفوه بـ”العبث التدبيري داخل المؤسسة”، مع تأكيدهم على أن الحلول الترقيعية التي اقترحها المسؤول الإقليمي – والتي تمثلت في عرض الصلح بين الطرفين – لم تعد مجدية، في ظل انعدام الثقة واستمرار مناخ التوتر.
في المقابل، تتهم مصادر داخل المؤسسة المديرة بالاحتماء بإحدى النقابات المحسوبة على حزب سياسي نافذ، ما يوفر لها – حسب قولهم – مظلة تحميها من أي مساءلة إدارية، وهي مزاعم رفضها مصدر مسؤول داخل المديرية الإقليمية، مؤكدا أن كل الملفات تُدرس بموضوعية وحياد.
وفي ظل هذا الوضع المأزوم، تسود حالة من الترقب داخل أوساط الشغيلة التعليمية، التي تتساءل عما إذا كانت المديرية الإقليمية ستتدخل بشكل حازم لحماية المناخ التربوي داخل المؤسسة، أم أنها ستكتفي بسياسة الانتظار، إلى حين تفاقم الأزمة مع بداية الدخول المدرسي.
وتهدد الأطر التربوية بخوض احتجاجات عارمة تزامنًا مع الدخول المدرسي المقبل، أمام الثانوية وأمام المديرية الإقليمية للتعليم، إذا لم يتم اتخاذ قرارات جريئة لإعادة الأمور إلى نصابها، وإنهاء ما وصفوه بـ”العبث الإداري والتربوي” داخل المؤسسة.