آسفي تنقذ إسبانيا من الظلام… وبيدرو سانشيز يشكر المغرب على الدعم السريع

الجهة24- آسفي
في لحظة حاسمة عاشتها إسبانيا والبرتغال، الإثنين الماضي، حيث خيم الظلام على مدن بأكملها إثر انقطاع كهربائي واسع النطاق وصف بـ”غير المسبوق”، برز المغرب، وبالأخص محطة آسفي الحرارية، كفاعل إقليمي حاسم أنقذ الجارة الأوروبية من أزمة قد تمتد لساعات طويلة وارتباك شامل.
في مؤتمر صحفي عقده مساء الاثنين، عبّر رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز عن “شكره العميق للمملكة المغربية”، على ما وصفه بـ”الدعم السريع والفعال”، موضحاً أن المغرب قام بمد منطقة الأندلس بكهرباء طارئة عبر الربط المؤقت”، مما ساهم في استعادة التوازن الطاقي بعد انهيار الشبكة.
تصريحات سانشيز لم تمر دون صدى، إذ تداولتها وسائل الإعلام الأوروبية والمغربية، أبرزها قناة “ميدي 1 تي في” التي أكدت أن التعاون الطاقي بين مدريد والرباط تجسد هذه المرة على شكل مساعدة فورية ساعدت في تفادي شلل شامل في الجنوب الإسباني، بعدما عجزت السلطات المحلية عن إعادة التيار بشكل سريع.
من جهتها، أصدرت شركة “ريد إلكتريكا” المشغلة لشبكة الكهرباء الإسبانية بياناً أكدت فيه أن مدة إعادة التيار قد تتراوح بين 6 و10 ساعات، مشيرة إلى أن ما وقع هو “انقطاع غير مسبوق” ضرب البنية التحتية للطاقة. وخلف الحادث حالة من الارتباك في العاصمة مدريد، حيث تعثرت حركة المرور بسبب تعطل إشارات المرور، وتعرض مطار باراخاس لشلل جزئي بفعل الانقطاع.
محطة آسفي… اللاعب الخفي
وراء هذه النجدة الكهربائية العاجلة، تقف محطة آسفي الحرارية للطاقة الكهربائية، التي أصبحت في ظرف سنوات قليلة أحد أعمدة البنية الطاقية المغربية، وورقة استراتيجية في يد المملكة لتعزيز موقعها الإقليمي. المحطة التي تُدار من طرف مجموعة “سافييك” متعددة الجنسيات، تعتمد بشكل رئيسي على الفحم الحراري المستورد، خصوصًا من الولايات المتحدة.
تقرير حديث للوكالة الأمريكية للطاقة (EIA) كشف أن المغرب أصبح الزبون الأول للفحم الحراري الأمريكي، حيث بلغ حجم وارداته خلال النصف الأول من 2024 حوالي 2.8 مليون طن أميركي، بارتفاع بلغ 100 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من 2023. ويشكل هذا التحول علامة فارقة في توجهات المغرب الطاقية، التي باتت تعتمد بشكل متزايد على موارد خارجية لسد الطلب المتنامي.
التناقض الصارخ بين الواقع والطموح
اللافت أن هذا التحول يتزامن مع تعهدات المغرب السابقة بالانتقال نحو الطاقات النظيفة. ففي بيان صادر عن الديوان الملكي بتاريخ 23 نوفمبر 2022، أكدت الرباط نيتها إنتاج 52 بالمائة من حاجياتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030. هدف طموح يرى فيه محللون تحدياً صعب التحقيق في ظل تزايد الاعتماد على الفحم الحجري، أحد أكثر مصادر الطاقة تلويثاً للبيئة.
ويبدو أن النجاح المؤقت لمحطة آسفي في مد يد العون إلى إسبانيا قد يؤجل مؤقتًا النقاش حول جدوى العودة المكثفة إلى الطاقات التقليدية، لكنه في الوقت نفسه، يسلط الضوء على دور المغرب المتزايد في ضمان استقرار الطاقة في المنطقة، ويمنحه ورقة ضغط جديدة في علاقاته مع الاتحاد الأوروبي.
المغرب لاعب طاقي إقليمي
الحادث، وإن كان تقنيًا في ظاهره، يعكس بوضوح التحول العميق في موقع المغرب داخل الخريطة الطاقية الإقليمية. فالمملكة، التي تستثمر بقوة في الطاقة الشمسية والرياح، لم تتردد في تعزيز احتياطاتها من الفحم الحراري وضمان مرونة شبكة الكهرباء الوطنية. وبفضل بنيته التحتية وارتباطه الكهربائي بإسبانيا عبر قنوات الربط البحري، استطاع التدخل في وقت حرج، مما أعاد إلى الأذهان أهمية الاندماج الطاقي المغاربي-الأوروبي كوسيلة لتحقيق الأمن الطاقي المشترك.