يوم جمعة دامي في الناظور وجرحى من المهاجرين في آسفي.. القصة الكاملة للمأساة
“جهة24” تنشر محاضر الشرطة، وقصة المأساة، ورواية الإتجار في البشر
جهة24- الناظور
يسود الهدوء صباح السبت على حدود مليلية غداة محاولة عدد من المهاجرين من أصول إفريقية اقتحام السياج الحدودي للجيب الاسباني الواقع في شمال المغرب أدت إلى مقتل 18 منهم حسب آخر حصيلة نشرتها السلطات المغربية في مأساة جديدة مرتبطة بالهجرة على أبواب الاتحاد الأوروبي.
يوم الأحد، تحديدًا يومين بعد المأساة، وبعد بحث عن مهاجرين في جميع الأماكن الممكنة بالناظور، وبعد فقدان أثرهم، بدا البحث بلا جدوى، كأن الأرض انشقت وبتلعتهم.
مصادر “جهة24” أفادت أن بعد حوالي ثلاثة أيام من المأساة، جرى نقل العشرات من المهاجرين من المصابين إلى مدينة بني ملال على بعد 600 كيلومترا من الناظور، ونقل آخرين إلى مستعجلات مدينة آسفي على بعد 840 كيلومترا.
وأفاد مصدر الجريدة أن مستعجلات مستشفى محمد الخامس بآسفي، تلقت صباح اليوم السبت 25 يونيو، حوالي 50 مهاجرا أفريقيا أصيبوا خلال مشاركتهم في عملية الإقتحام بالقوة للسياج الفاصل بين الحدود المغربية الاسبانية، وتتراوح إصابات المهاجرين ما بين كسور ورضوض نتجت عن إفشال عملية الاقتحام.
وتضيف المصادر، أن “معظمهم تُرك في الشوارع بدون موارد ويعتمدون على المنظمات غير الحكومية المحلية”. وبالموازاة مع كل هذا، تشن السلطات المغربية، حملات واسعة بكل المدن الحدودية، القريبة من سبتة ومليلية، وحتى التي تنطلق منها “قوارب الموت” محملةً بالمهاجرين نحو الضفة الأخرى من المحيط.
المغرب دركي أوروبا؟
“المغرب يلعب دور دركي أوروبا، وهذا دليل على سياسة العنف وخرق حقوق الإنسان من طرف إسبانيا والاتحاد الأوروبي”، يقول أمين أبيدار مسؤول بفرع الناظور للجمعية المغربية لحقوق الإنسان. ويؤكد الناشط الحقوقي المغربي على أنه “على مدى أسبوعين، كانت الشرطة تقوم بمداهمات يومية واعتقال للمهاجرين”.
وعصر يوم الأحد الذي عقب الفاجعة، في مقبرة الناظور حفرت السلطات واحدًا وعشرين قبراً، تقول “الجمعية المغربية لحقوق الانسان”، إنها لدفن الأشخاص الذين لقوا حتفهم على سياج مليلية، والذين “تعفنت جثثهم بسبب تركهم على الأرض لنقص في ثلاجات الموتى”.
وطالبت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، بعدم دفن أي جثة دون التحقيق في سبب وفاتها، “بدون تحقيق وبدون تشريح وبدون تحديد هوية، تحاول السلطات إخفاء الكارثة”.
اتهامات بتكوين عصابات الاتجار في البشر
وثلاثة عشر ممن حوكموا أمام محكمة استئناف الناظور؛ تسعة سودانيين، اثنان من جنوب السودان، واثنان من التشاد، والذين يواجهون أثقل التهم مثل الاتجار بالبشر، يشرحون في المحاضر كيف لجؤوا إلى شبكات الاتجار بالبشر. ويقولون أنهم لعبور الحدود بين السودان وليبيا، “دفعوا ما بين 50 و70 يورو”، وهي أسعار “ترتفع لما بين 300 و500 يورو”، لعبور الحدود بين الجزائر والمغرب. وتركز المحاضر على الشبكة التي تعمل، وفقًا لتصريحات المهاجرين للشرطة، في هذين البلدين الأخيرين، أي المغرب والجزائر.
ويربط عمر ناجي عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان هذا العنف بسياق “التفاهمات الجديدة” بين المغرب واسبانيا لتعزيز التعاون الأمني في مكافحة الهجرة غير النظامية، الملف الشائك والحيوي في علاقات البلدين. إذ تشكل سواحل المملكة المتوسطية والأطلسية ممرات تقليدية للحالمين بحياة أفضل في أوروبا.
اتهمت الرباط في الماضي باستخدام هؤلاء المهاجرين ورقة ضغط على مدريد، خصوصا في سياق الأزمة الدبلوماسية التي مرت بها علاقات البلدين العام الماضي. لكن المصالحة التي توصلا إليه مؤخرا واستئناف تعاونهما في مكافحة الهجرة غير النظامية، تزامنت مع انخفاض في أعداد المهاجرين الذين يصلون الى اسبانيا، بحسب وزارة الداخلية الاسبانية.
صودف استئناف هذا التعاون أيضا مع “تشديد الضغط” على المهاجرين في الغابات المطلة على جيب مليلية، “حيث رصدنا تعاملا مشددا معهم من طرف السلطات وحصارا على مخيماتهم. لا شك أن هذا الضغط ولد العنف غير المسبوق الذي رأيناه”، بحسب عمر ناجي.
ودعت منظمات غير حكومية مغربية واسبانية إلى فتح تحقيق في المأساة، و”تفكيك المخيمات الغابوية بطرق سلمية” و”عدم السماح مستقبلا بخلق غيتوات” في هذه الغابات، كما جاء في بيان لنقابة المنظمة الديموقراطية للشغل التي تدافع عن العمال المهاجرين.