هذه خطة المجمع الشريف للفوسفاط للتوسع في جهة مراكش-آسفي بإسم “الطاقة الخضراء” وجدل الاستيلاء على الأراضي يتفاقم

الجهة24- هيئة التحرير
بدأت خطة المكتب الشريف للفوسفاط في التوسع التدريجي بمنطقة جهة مراكش آسفي، مع بروز اصطدام عمراني مع مصانعه وارتفاع الهشاشة ومعدل الأمراض لدى السكان والمزارعين الصغار المحيطين بمصانع هذه المنشأة في مختلف مناطق الجهة، في إقليم يوسفية وآسفي، اكتست الهشاشة طابعا جماهيريا، بينما توسعت الفوارق، فيما تفاقم معدل الأمراض، بينما ظل السكان والمزارعين الأصليين يستغيثون جراء عمليات “الاستحواذ على أملاكهم الخاصة”.
جمعية مدنية في قطاع الصحة، بإقليم آسفي، سجلت في الآونة الأخيرة، ارتفاع مهول في معدل الإصابة بالسرطان بإقليم آسفي، لكن هذه الجمعيات ولا حتى أطباء القطاع العام والخاص، لا يستطيعون البوح بالأسباب المؤدية لذلك، ولا أيضًا ربطها بالصناعات الكيماوية.
يقول طبيب طلب عدم الكشف عن اسمه لوقع “الجهة24”: “نحتاج إلى دراسة علمية جادة تربط ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في المناطق الفوسفاطية، الأمر يتطلب تضافر الجهود بين مؤسسات الدولة والمنشآت الصحافية وقطاع الصحة”.
في منطقة مزيندة، إقليم اليوسفية، يحتج الأهالي نتيجة قرار نزع ملكية أراضيهم لتحويلها إلى منشأة خاصة تابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، إذ يقولون إن مصيرهم ومصير أبنائهم يطل على المجهول، حيث سيجري نزع ملكيتهم بأثمنة بخسة وتركهم عرضة للضياع والهجرة القروية، ووفق مخطط الاستثمار الذي قدمه المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط مصطفى التراب إلى الملك محمد السادس أول أمس الجمعة، فإنَ مصنع مزيندة يُراد منه تحقيق 6 طن متري من الصخور و2 طن متري من السماد في أفق سنة (2025) و4 طن متري من السماد في أفق (2027).

وفقًا للنفس المخطط الذي اطلع موقع “الجهة24″ على نسخة منه، فإن محطة تحلية مياه البحر الذي هي قيد الإنشاء بآسفي، سيجري الاعتماد عليها فيما أصبح يُسمى بـ”الصناعة الخضراء” وسيجري ربط أنبوب إيصال هذه المياه التي يجري تكوينها في آسفي بمدينة بنجرير، مرورا بمنطقة مزيندة بإقليم اليوسفية، وسيجري استغلال مياها في إنتاج الطاقة الكهربائية عبر محطة الطاقة الشمسية التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط في منطقة مزيندة، فيما يجري إحداث منجم ضخم لتكسير الصخور في منطقة مسقالة إقليم عمالة الصويرة.
في مدينة آسفي، أبدى مزارعون صغار تخوفاتهم من الاستيلاء على أراضيهم، إذ في منطقة خط أزكان، بدأ مكتب دراسات مبعوث من المكتب الشريف للفوسفاط في تحديد أراضي فلاحية، بهدف تمرير منها أنبوب نقل الحامض الفوسفوري، الذي لم يجري تقديمه للملك في البرنامج خلال لقاء مصطفى التراب معه.

ويطرح بعض الحقوقيين تساؤلاً حول غياب بدائل لترحيل هذه المجتمعات الصغيرة، إذ يجري صنع قنابل اجتماعية موقوتة عبر دفع الأهالي إلى المدن، دونَ سكن، ولا مستوى اجتماعي يحفظ كرامتهم، باعتبار أن التعويضات التي ستُقدم نتيجة نزع أراضيهم تبقى هزيلة جدًا، وهو ما ينتج هجرة قروية جديدة نحو المدينة مع ارتفاع معدل البطالة والهشاشة.
وقالت الأمانة العامة للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد وحماية المال العام، إنه يجب مراجعة القانون المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة لكي يواكب التطورات التنموية والاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المغرب ودستور 2011 والحقوق التي جاء بها.
وذكرت المنظمة، أنه عادة ما يتبين أن هناك العديد من الإشكاليات المتمثلة في ضمان التوازن ما بين الحقوق والمصلحة الجماعية من جهة، والحقوق والمصلحة الشخصية من جهة أخرى، وكذا مشكل التعويضات التي تعتبر غير كافية بالنسبة للعديد من المواطنات والمواطنين ودائما المستفيد الأول والأخير هو صاحب المشروع.
طاقة خضراء وأمونياك أخضر
يقول المكتب الشريف للفوسفاط، في برنامج مرفوع للملك، إنه ومن خلال الاستثمار في الطاقة الشمسية والطاقة الريحية، يهدف إلى تزويد جميع منشآته الصناعية بالطاقة الخضراء بحلول سنة 2027. وستمكن هذه الطاقة “الخالية من الكربون” من تزويد المنشآت الجديدة لتحلية مياه البحر، من أجل تلبية احتياجات المجموعة، وكذا تزويد المناطق المجاورة لمواقع المجمع الشريف للفوسفاط بالماء الصالح للشرب والري.
في إقليم آسفي، على سبيل المثال، مازال المكتب الشريف للفوسفاط يستفيد من ملايين الأمتار المكعبة من المياه العذبة، تقاسما مع السكان إن لم تكن منشأته تحظى بحصة الأسد، فيما لم يكشف المكتب ما إن كان سيفك ارتباطه باستغلال هذه المياه القادمة من سد المسيرة، في ظل أزمة شح المياه تضرب البلاد.

يسعى مكتب الفوسفاط للاستفادة من مخطط، أقره الاتحاد الأوروبي، وكبار شركات النفط العالمية، وفي أكتوبر من السنة الجارية، وقّعَ المغرب مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية “شراكة خضراء” بشأن الطاقة والمناخ والبيئة؛ في إطار التزامهما بتنفيذ اتفاق “باريس للمناخ”، وترمي هذه الاتفاقية إلى تعزيز إطلاق مشروع “الهيدروجين الأخضر”.
ونشر خبير الطاقة مايكل برنارد بتكليف من مرصد شركات أوروبا والمعهد الدولي دراسة حول “الهيدروجين الأخضر” الذي يُنظر إليه ويقدم من قبل صناع الأسمدة والغاز بصفته حلاً أخضر، إذ تشير الدراسة أن التحول من الغاز الطبيعي/الأحفوري إلى الهيدروجين ليس بالحل المناخي الناجع للاتحاد الأوروبي أو لشمال إفريقيا”.
وتقول الدراسة، إن تكلفة الهيدروجين الأخضر والأمونياك الأخضر تصبح مثيرة للقلق بشكل خاص عندما يكون الهيدروجين المنتج في شمال إفريقيا موجهاً لتلبية احتياجات الاتحاد الأوروبي من الطاقة. إذا كانت أوروبا ستستخدم هيدروجين شمال إفريقيا، فقد تكلف ما يصل إلى 11 مرة أكثر من استخدام الغاز الطبيعي. وهنا من الواجب طرح السؤال: من سيدفع هذه التكاليف؟

وخلال مؤتمر، على علاقة بموضوع تعزيز مشروع “الهيدروجين الأخضر” بالمغرب، صرحت مسؤولة أوروبية بأن “اختيار شمال إفريقيا لتوليد كميات كبيرة من الهيدروجين، يعود إلى سبب مناخها الجاف والمساحات الشاسعة من الأراضي المتوافرة لديها واليد العاملة الرخيصة”.
ويعتمد الهيدروجين والأمونياك الخضراء على إنتاجهما من مصادر الطاقة البديلة، كالرياح والكهرباء، وأن تركيب وحدات للطاقة الشمسية جديدة، وزيادة الاستغلال، يعنيان استنزافاً للمياه أكثر والأراضي، والموارد، مما يرفع التكلفة أكثر.