فضيحة التعليم الأولي بآسفي: 960 مليون سنتيم تحت تصرف 11 جمعية على طاولة المفتشية العامة بسبب تبديد أموال عمومية وتضارب المصالح

الجهة 24 – آسفي
علم موقع “الجهة 24“ من مصادره أن تقارير وصفت بـ”الخطيرة” و”الغير المسبوقة” وُضعت مؤخراً على مكاتب كل من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والمفتشية العامة للوزارة، إضافة إلى النيابة العامة المختصة بالرباط والمجلس الأعلى للحسابات، تكشف معطيات دقيقة وغير مسبوقة حول اختلالات مالية وتربوية جسيمة تتعلق أساساً بتدبير ملف التعليم الأولي داخل المديرية الإقليمية للتعليم بآسفي من طرف 11 جمعية محلية تحوم حولها شبهات تبديد أموال عمومية، اختلاسات، وتزوير محررات رسمية وتبديد أموال عمومية وشبهات تضارب المصالح وبتواطؤ مفضوح من رئيس مصلحة الشراكة والتواصل بالمديرية الإقليمية لآسفي.
وتُشير المعطيات التي يتوفر عليها موقع “الجهة24” إلى تفاصيل دقيقة حول تواطؤ إداري ممنهج، وتضارب مصالح مكشوف، حيث تحوّل مشروع التعليم الأولي بالإقليم إلى “بوابة ريعية” استفادت منها جمعيات تربوية أو غير مستوفية لشروط الشفافية والمراقبة، في ظل غياب المساءلة، وتواطؤ جهات داخل المديرية ذاتها على رأسها مصلحة الشراكة والتواصل والشؤون القانونية التي يرأسها منير الشرقي المنتمي لحزب الاتحاد الإشتراكي.
960 مليون سنتيم… مال عمومي تحت تصرف 11 جمعية فقط
وفق المعطيات المعززة بالوثائق والتي يتوفر عليها موقع “الجهة 24” وسينفرد بنشر أجزاء منها، فإن 11 جمعية محلية استفادت من شراكة رسمية لتدبير التعليم الأولي داخل النفوذ الترابي للمديرية الإقليمية للتعليم بآسفي، وذلك في إطار مشروع بلغت ميزانيته الإجمالية 960 مليون سنتيم، موزعة على شطرين. وقد تم صرف الشطر الأول من هذه الميزانية بالفعل، في حين جرى تعليق صرف الشطر الثاني، بعد تواتر شكايات وملاحظات تفتيشية كشفت عن شبهات تدبيرية خطيرة، وتجاوزات مالية وتربوية أثارت قلقاً واسعاً في صفوف متتبعي الشأن التربوي بالإقليم.
المثير في الملف، بحسب المعطيات التي حصل عليها الموقع، هو أن المديرية الإقليمية بآسفي لم تحترم المقاربة المعتمدة وطنياً، والتي تقضي بإسناد مهام تدبير التعليم الأولي إلى المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، بل اختارت مساراً استثنائياً بتفويت التدبير إلى جمعيات محلية، بعضها يضم في مكاتبه أعضاء ينتمون لنقابات تعليمية، وآخرون يشتغلون كأساتذة أو موظفين بالمديرية نفسها فيما يشغل إحدى هذه الجمعيات عضو في فيدرالية أباء وأمهات التلاميذ.
شراكات في “غرف مغلقة”… وخرق صارخ لمبدأ تكافؤ الفرص
وتُظهر التحقيقات الأولية التي أجراها موقع “الجهة 24” أن هذه الجمعيات التي تم انتقاؤها، دون احترام المساطر القانونية في اختيار الشركاء، تم تفصيل لأجلها الشراكات على مقاس جهات معروفة، تمثل شبكة نفوذ قوية داخل المديرية.
وقد استفادت هذه الجمعيات من أموال عمومية معتبرة دون تقديم تقارير مالية مفصلة، ودون أن تخضع لعمليات افتحاص دقيق كما تقتضيه القوانين الجاري بها العمل. بل إن بعضها لم يقدم تقارير أنشطته السنوية ولا الموازنات المصادق عليها، في حين تؤكد مصادر مطلعة أن بعضها استعمل وثائق غير صحيحة، وملفات مزورة للحصول على التمويلات. أو لأداء تعويضات، في الحين توصل موقع “الجهة 24” إلى شكايات من أشخاص جرى التعاقد معهم لأداء وظيفة التكوين، وجرى توقيعهم على عقود خارج الضوابط القانونية، وبأجور غير صحيحة فعليًا.
تُظهر التحقيقات الأولية التي أجراها موقع “الجهة 24” أن هذه الجمعيات التي تم انتقاؤها، دون احترام المساطر القانونية في اختيار الشركاء، تم تفصيل لأجلها الشراكات على مقاس جهات معروفة، تمثل شبكة نفوذ قوية داخل المديرية.
منير الشرقي في قلب العاصفة
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن المسؤولية الكبيرة تُحمل لرئيس مصلحة الشؤون القانونية والشراكة والتواصل بالمديرية، منير الشرقي، المنتمي سياسياً لحزب الاتحاد الاشتراكي، والذي يُعدّ من أبرز الأسماء النافذة داخل المديرية والذي يملك مدرسة خصوصية والتي تسببت في تصدعات غير مسبوقة. وتشير المعطيات إلى أن هذه المصلحة ظلت، لسنوات، تتجاهل عشرات الشكايات المرفوعة من داخل القطاع ومن خارجه، تتعلق بتجاوزات بعض الجمعيات المستفيدة، بما في ذلك تهم “الابتزاز، خيانة الأمانة، الاستغلال غير المشروع”، دون أن تُفعّل الآليات الرقابية أو تحيل الملفات على الجهات المختصة.
وتذهب مصادر “الجهة 24“ إلى أن هذه المصلحة لم تُفعّل أي آلية لتتبع أو مراقبة أداء الجمعيات المستفيدة، رغم علمها بوجود حالات تنافي خطيرة، حيث يعمل ويستفيد من هذه الشراكات موظفون وأطر تعليمية تابعون للمديرية، ما يشكل خرقاً واضحاً للقانون وتضارباً للمصالح.
ثروات مفاجئة وامتيازات مزدوجة لأطر تعليمية
من بين المعطيات الأكثر إثارة، ما يتعلق بثروات راكمها بعض المستفيدين من هذه الشراكات، حيث تم توثيق اقتناء عدد منهم لعقارات فاخرة، وسيارات حديثة، وفتح حسابات بنكية إضافية. ووفق الشهادات، فإن بعض الموظفين يتقاضون أجورهم من وزارة التربية الوطنية، ويستفيدون في الوقت نفسه من تعويضات مالية ضخمة تقدمها الجمعيات من الميزانية العمومية، في ظل غياب أي تتبع أو افتحاص مالي.
وتبرز الوثائق التي حصل عليها الموقع كيف تحوّلت هذه الشراكات إلى مصدر ريع مالي حقيقي لفئة محدودة من العاملين في القطاع، ممن استغلوا مواقعهم الإدارية وعلاقاتهم التنظيمية للاستفادة من المشروع العمومي.
من بين المعطيات الأكثر إثارة، ما يتعلق بثروات راكمها بعض المستفيدين من هذه الشراكات، حيث تم توثيق اقتناء عدد منهم لعقارات فاخرة، وسيارات حديثة، وفتح حسابات بنكية إضافية. ووفق الشهادات، فإن بعض الموظفين يتقاضون أجورهم من وزارة التربية الوطنية، ويستفيدون في الوقت نفسه من تعويضات مالية ضخمة تقدمها الجمعيات من الميزانية العمومية، في ظل غياب أي تتبع أو افتحاص مالي.
نحو مساءلة المسؤولين… وتحقيق قضائي وشيك
وبناءً على ما تشير إليه المعطيات المتوفرة والموثقة، يرتقب أن تُفتح تحقيقات قضائية ومالية خلال الأسابيع المقبلة، بتعليمات من النيابة العامة المختصة، لكشف الملابسات الكاملة للملف، وتحديد المسؤوليات الإدارية والجنائية، خصوصاً أن الحديث لا يقتصر فقط على اختلالات تدبيرية، بل يمتد إلى شبهة “الفساد المنظم”، وتبديد أموال الدولة.
كما يُنتظر أن يبادر المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة التربية الوطنية للتعليم إلى إجراء افتحاص شامل لملف التعليم الأولي بالإقليم، وربما توسيع التحقيق ليشمل باقي الشراكات والصفقات التي أبرمتها المديرية خلال السنوات الماضية.
“الجهة 24″: سلسلة تحقيقات تكشف ما خفي من فساد التعليم الأولي بآسفي
يوُعلن موقع “الجهة 24“ أنه بصدد نشر سلسلة من التحقيقات المعمقة، مدعومة بالوثائق والشهادات، حول ملف جمعيات التعليم الأولي بإقليم آسفي، لتسليط الضوء على شبكات المصالح التي تحوّلت إلى عبء على المدرسة العمومية، وتشكل تهديداً حقيقياً لمصداقية مشاريع إصلاح التعليم بالمغرب.
سيتم في الحلقات المقبلة الكشف عن هويات الجمعيات المعنية، مصادر تمويلها، طبيعة علاقاتها ببعض المسؤولين، ومسارات المال العمومي الذي أُنفِق باسم الطفولة المبكرة، وتحول إلى “غنيمة” لأطراف متعددة داخل القطاع.