تقرير إخباري- انتخابات جزئية في آسفي تكشف معدن صناعة الأصوات وسكان القرى يمنحون كرسي البرلمان لبوكطاية

 تقرير إخباري- انتخابات جزئية في آسفي تكشف معدن صناعة الأصوات وسكان القرى يمنحون كرسي البرلمان لبوكطاية

جهة24- هيئة التحرير

أظهرت الانتخابات الجزئية في إقليم آسفي، التي أجريت في 29 من أكتوبر الماضي، كيف تحولت القرى إلى كنز الأصوات لفائدة المرشحين للانتخابات البرلمانية  والدور الكبير الذي لعبه  سكان البوادي في اختيار ممثلي البرلمان بالإقليم. حيث مثل سكان الجماعات القروية 94 بالمائة من مجموع المصوتين ب 76 ألف و974 مصوت في حين لم يتعد سكان المدينة 5الاف و 19 صوتا مما يفسر فتور الحملة الانتخابية بالمدينة واحتدامها بالبوادي والأسواق الأسبوعية.

من بين العوامل التي تجسد بوضوح هذه الظاهرة هو الاهتمام الذي يوليه ساكنة كل مجال على حدة بالانتخابات ويتجلى في نسبة المشاركة بالمجال الحضري التي لم تتجاوز 3.3 بالمائة من عدد المسجلين باللوائح الانتخابية فيما سجل 36.7 بالمائة في المجال القروي.

نسبة المشاركة بين العالم القروي والعالم الحضري- تصميم: جهة24

ووفقا للمعطيات والإحصائيات التي حصلت وأجراها موقع “جهة24” انطلاقا من الأرقام الرسمية أو تلك التي أصدرتها الأحزاب المشاركة، فإنَّ الجماعات القروية المحيطة بالسبت جزولة وجماعة مول البركي رفعوا كفة الأصوات لصالح حزب الأصالة والمعاصرة الذي احتل المركز الاول باستحواذه على أكثر من نصف المصوتين، يليه على التوالي كل من حزب النخلة في المركز الثاني حيث استقر مصوتوه بمعقله بجماعة سيدي التيجي والجماعات المحيطة به، ثم حزب الحمامة بالمركز الثالث جاءت مركزة حول معقله بجماعة البخاتي ومحيطها بحصولهما على خمس المصوتين كل واحد على حدة.

نسبة الأصوات المعبر عنها بكل جماعة – تصميم: جهة24

أما ممثل القطب اليساري، الذي تقدم للانتخابات الجزئية، ممثلا في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، فقد حصل على نسبة تصويت في العالم القروي لم تتعدى 0.18 في المائة، بينما باقي الأحزاب – الأصالة والمعاصرة- التجمع الوطني للأحرار- الحركة الاجتماعية الديمقراطي..” قد ساهم عدد المصوتين في المجال القروي بنسبة كبير في النتائج المحصل عليها تراوحت بشكل متقارب بين 93 و 95بالمائة  لكل مرشح على حدة وهي النسب التي تظهر بوضوح من يختار ممثل السكان بالبرلمان وأن تمثيلية سكان الحواضر ضعيفة في اختيار أفراد الغرفة التشريعية مما يثير إشكالية التمثيلية الديمقراطية ومعايير التقسيم الإداري المعتمدة من طرف وزارة الداخلية.

وعلى ما يبدو فإن عمالة آسفي، التي أشرفت الانتخابات الجزئية، وكبار قيادات الأحزاب الجهوية والإقليمية لجأت إلى فئة الأعيان للهيمنة على الخارطة السياسية للعالم القروي، وخلق التوازنات المختلفة في المشهد الانتخابي وفق مصالح الإستراتيجية الاقتصادية والسياسية، فيما تعيش العديد من القرى والبوادي عزلة وهشاشة اجتماعية تؤشران على مستويات كبيرة من التخلف والتدهور المعيشي.

ونلاحظ أن ثلاث جماعات من أصل خمس وعشرين جماعة بالإقليم تمثل اكثر من خمس المصوتين، فاز بها مرشح البام رشيد بوكطاية في جماعة البدوزة والتهامي المسقي عن حزب الحركة الاجتماعية بجماعة المراسلة فيما تقاسم المشرحين الأصوات في جماعة العمامرة.

وللإشارة لا تمثل إي من هذه الجماعات الثلاث معقلا إنتخابيا للمتنافسين يمكنه تفسير هذا الإقبال على مكاتب التصويت، خصوصا أن أغلب هذه المكاتب، بحسب مراقبين ظلت خاوية على عروشها طيلة يوم التصويت.

سكان القرى.. أصوات دقيقة وصحيحة وبدون أخطاء

ومن الأشياء اللافتة في الانتخابات الجزئية بالعالم القروي لآسفي، أن نسبة الأصوات الملغاة شبه منعدمة مقارنة بمكاتب التصويت الموجودة في العالم الحضري، إذ تُفسر هذه الظاهرة أن الأشخاص الذين صوتوا بالعالم القروي هم على دراية ووعي تام بعملية الاقتراع، رغمَ أن الاحصائيات الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط، تُشير إلى نسبة أمية كبيرة في العالم القروي، إذ أن أكثر من نصف سكان القرى لا يجيدون الكتابة والقراءة.

سكان القرى يجيدون التصويت أفضل من سكان المدينة- تصميم: -جهة24

ورغمَ ذلك، وفقا للإحصائيات التي حصلت عليها “جهة24” فإن نسبة الأصوات الملغاة في العالم القروي هي: 4.28 أي الأصوات التي وضعت في الصندوق وجرى إلغاءها بسبب عيوب أو خروج عن الخط، بينما نسبة الأصوات الملغاة في المدينة، فقد بلغت نسبة 13.5 في المائة، مما يؤشر على أن الأشخاص المصوتين في العالم القروي “هم أكثر دراية”.

لغز جماعة “البدوزة”

وفقا للإحصائيات التي أجراها موقع “الجهة24” فإن جماعة البدوزة الساحلية، سجل بها أكبر عدد من الأصوات مقارنة بكل الجماعات القروية، واعتبرت جماعة البدوزة لغزا انتخابيا، لأنها جماعة لا تمثل أي معقل انتخابي لكل المرشحين المتنافسين عن الانتخابات الجزئية وتبعد عن آسفي بـ30 كيلومترا، ويرأسها فيصل الزرهوني عن حزب الاتحاد الدستوري، وتُعرف بتوفرها على معدل مهم من الكثبان الرملية، وتشهد انشطة ليلية مشبوهة، بخصوص استخراج الرمال أو تجارة الحشيش، – وفقا لمعدل حالات الضبط التي تقوم بها عناصر الدرك الملكي في المنطقة وطفو رزم المخدرات على الساحل-.

جماعة البدوزة تتصدر الجماعات القروية الأكثر مشاركة في الانتخابات الجزئية بآسفي – تصميم: جهة24

وسجلت الجماعة المذكورة 5690 صوت، بنسبة 07 في المائة من مجموع الأصوات المعبر عنها بالإقليم، لتحتل  المرتبة الأولى بالإقليم، واكتسحها حزب الأصالة والمعاصرة عبر مرشحه رشيد بوكطاية بمعدل 61.14 في المائة لصالحه.

البام “ماكينة” انتخابية.. يستولي على العالم القروي

وحصد حزب الأصالة والمعاصرة أكبر نسبة من الأصوات، من العالم القروي، وبلغت هذه النسبة، 52 في المائة من مجموع المصوتين أي أزيد من 40 ألف صوت،تشكل 95بالمائة من مجموع الأصوات التي حصل عليها الحزب بالإقليم.

نسب التصويت بكل جماعة – تصميم: جهة24

وتمثل الاحصائيات التي أصدرها الحزب، وقام بتحليلها موقع “الجهة24” أن حزب “البام” أستولى على16 جماعة من اصل 25 بما فيها مدينة أسفي، يليه كل حزب الحمامة ب 5 جماعات و حزب النخلة ب4 جماعات، و قد تفسر سيطرة البام على جل جماعات الاقليم بسيطرتها على مجلس الاقليم الذي يترأسه عبدالله كريم الذي يتمتع بنفوذ كبير بالجماعة الترابية سبت جزولة و محيطها بالإضافة إلى مجلس الجهة التي يترأسها سمير كودار الذي شكلت هذه الانتخابات الجزئية تحديا جديدا امامه لاستعراض عضلاته الانتخابية و يتمركز كرجل الحزب القوي.

أنين مرشح “الأحرار” ومؤشرات “الغدر”

ومباشرة بعد سقوط مرشح حزب الأحرار، رشيد صابر، خرجَ الأخير في مناسبتين للحديث عن الواقع السياسي في آسفي، وقال في خروجه الأول: “إن الواقع السياسي في آسفي عفن مقيت، تتحكم فيه لوبيات راسخة، خبرت المكر السياسي من أبوابه الواسعة، ولا يمكن بأي حال أن تفرط في موقعها الذهبي، ولا في مناصبها السامية المتعددة”.

وأضاف: ” إن في آسفي عينة سياسية فاسدة ومتجدرة، وهي بمثابة إخطبوط ضخم، يلقي بأذرعه المسمومة في كل الاتجاهات، ليحرم كل سياسي جديد غيور على أهله وبلدته، من الوصول إلى مواقع القرار، حتى لا ينافسهم، أو بالأحرى، حتى لا يبرز حجم فسادهم الطافح، من خلال الخير العميم الذي حتما سيجلبه للناس عبر إصراره وعزمه ونواياه الحسنة”.

وفي خرجته الإعلامية، الثانية، التي خصصها للحديث عن مؤشرات الغدر من مقربيه ومن لوبيات يُفترض أنها اتفقت معه لدعمه في الانتخابات، أبرزها عائلة آل كريم المعروفة بآسفي والتي أصبحت متخصصة في الخريطة الانتخابية والتي تنمني سياسيا لحزب الأصالة والمعاصرة.

وقال صابر بهذا الخصوص: “رجل واحد في أسفي، يحتكر كل المدينة سياسيا، وإداريا، واقتصاديا. انما يشهد له الرعاة بكرمه الزائد. بل ولا احد منهم ينكر انه كريم من اب كريم، من جد كريم. والحمدلله، إن شجرة كرمهم المثمرة، كما تجدرت في الأصول، تفرعت في الحواشي و الفروع. حتى غطت المدينة بثمار كرمها”.

وأردف: ” إذا كان كل هؤلاء الإخوة الاكارم، قد رضعوا السياسة في حليب امهاتهم، حتى برعوا فيها، فواحد من بينهم، ادعى انه عبد الله الكريم، بل الأكرم من كل هؤلاء جميعا. وانه سيد المدينة وخادمها بلا منازع، وانه الأكثر حنكة سياسية من كل هؤلاء”.

وعشية التصويت في الانتخابات، أكدت مصادر متطابقة أن حزب الأحرار طلب من مراقبيه عدم الحضور لمكاتب التصويت، وهو الشيء الذي طرح عدة استفهامات، تزامنًا مع ارتفاع معدل الأصوات بشكل فلكي في الساعات الأخيرة من إغلاق مكاتب التصويت.

القرى.. كنز الانتخابات الذي يُعاني في صمت

وفي معنى التفرع في الحواشي والفروع بالعالم القروي، وبفضل قاعدته الشبابية الهائلة التي توفر نسبة مؤثرة من الأصوات الانتخابية، تعتبر الكثير من الأحزاب القرى كنزا لا ينضب، يمتلك مفاتيح ترجيح كفة لفائدة حزب على حساب حزب آخر، أو مرشح على حساب مرشح ثان، من خلال إقناع سكان هذه البوادي بالبرنامج السياسي لتلك الهيئات حينا، أو عبر تأثير الوجهاء والأعيان وحضورهم الوازن داخل التركيبة السوسيو اقتصادية للعالم القروي أحيانا كثيرة، ويقول عدد من المحللين السياسيين إن لعبة الانتخابات الحقيقية عادة ما تجري في العالم القروي.

وبالرغم من هذا الاهتمام العارم لجميع الهيئات والأحزاب بالعالم القرى خاصة في فترة الانتخابات، فإن جزء كبيرا من القرى والبوادي يعيش وسط معاناة سكانها بسبب حالة كاسحة من التهميش الاقتصادي والاجتماعي، والذي يكبل مسار التنمية المحلية في هذه المناطق المنسية طوال عقود خلت.

جدل رؤساء المكاتب وانسحاب مراقبي حزب “الأحرار”

 واثأر تعيين رؤساء مكاتب التصويت في سبت جزولة إقليم آسفي، للإشراف على اقتراع 29 من شتنبر ، جدلا وتوجسا، وجاء تعيين رؤساء مكاتب التصويت برسم الانتخابات الجزئية للتنافس على مقعد برلماني، بعد إسقاط المحكمة الدستورية لهذا المقعد الذي ظفر به سابقا التهامي المسقي.

وقال مصدر “جهة24” إن باشا سبت جزولة وبتنسيق مع عمالة آسفي، عمدا إلى تعيين نفس الوجوه التي تحوم حولها شبهات قرابة وعلاقات مع لوبي انتخابي معروف بالمنطقة، وأكد المصدر أن هؤلاء رؤساء المكاتب كانوا سببا رئيسيا في اندلاع شرارة الخميس الأسود في انتخابات 8 شتنبر 2021.

وأكد المصدر أن الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع سبت جزولة، قدمت مراسلة تتضمن أسماء رؤساء مكاتب التصويت المذكورين الذين تحوم حولهم الشبهات، إلى عمالة آسفي وباشا سبت جزولة غير أن هذه السلطات، تجاهلت مطلب الجمعية الحقوقية.

أرقام عمالة آسفي اليتيمة

وفي ما يُشبه الارتباك والاستخفاف بالصحافة الإقليمية والهيئات المدنية، عجزت عمالة آسفي عبر قسمها الإعلامي، وأقسام الانتخابات المتبقية، رغمَ توفرها على العشرات من الموظفين الذين يتقاضون أجورهم من المال العام، على إخراج الإحصائيات والأرقام النهائية المتعلقة بالانتخابات لحدود الأن، مكتفية بالتصريح الإعلامي الذي أصدره عامل آسفي ليلة إعلان الفائز في الانتخابات، والذي عرفَ تشوها في الأرقام المعلنة وارتباكا بسبب تأخر وصول ظرف الانتخابات ومعه رئيس قسم الشؤون الداخلية، تقرؤون التفاصيل حوله في التقرير الإخباري الثاني.

هيئة التحرير

أخبار ذات صلة

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة الجهة24 لتصلك آخر الأخبار يوميا