تقرير إخباري- “الواليدية” كنز ذهبي مُهدد بالتلوث يستنفر خبراء لتقديم 4 مداخل لمعالجة الوضع بشكل فوري
الجهة24
ينشر موقع “الجهة24” تفاصيل الطرح العلمي والأكاديمي لخبراء أبرزهم الأستاذ محمد وفقي، نقلا عن صحيفة “أنفاس بريس” التي استخرجت مداخلته التي القاها في اليوم الدراسي الذي نظمته الشبكة الدكالية لجمعيات المجتمع المدني في محور التواصل المؤسساتي تحت شعار: “أدوار المجتمع المدني في تنزيل أهداف التنمية المستدامة”. لتعميم الفائدة.
في تسمية البحيرة وخليج الوليدية:
تذكر الوليدية بهذه الصيغة في الغالب، إلا أنها ترد أحيانا بصيغة (الوالدية) أو (الواليدية) ولعل الصواب هو الصيغة الأولى نسبة إلى “الوليد بن زيدان” السلطان السعدي. غاب الوليد في غياهب التاريخ وبقي اسم الوليدية يطلق على مكان متغلغل في الزمن له تاريخه المرتبط بجغرافيته، يضيق ما صدق المكان، ويتسع من قصبة الوليدية، فلا يشمل إلا القصبة إلى وَلْجَةْ الوليدية فيشمل نواحيها من الجماعة الترابية “أيّير” إلى الجماعة الترابية “أولاد غانم” لكن تبقى البحيرة والشواطئ الجميلة الصخرية والرملية هي المعنية..
وتوحي كلمة “الخليج” إلى فعل الطبيعة الخالص في تشكل المجرى المائي المعني، في حين أن المخيال الشعبي والروايات التاريخية لها رأي آخر، فمن قائل “أن الرحالة الفينيقي حانون هو أول من فتح فتحة تدفق منها ماء البحر من المحيط الاطلسي إلى الساحل الذي كان غابات وبها فيلة”. إلى قائل أن الولي الصالح مولاي عبد السلام الغواص القادم من اليمن “هو من فتح الباب الثاني ورسم بعصاه مجرى البحيرة”، وأن الهولنديين في عهد زيدان والد الوليد “قاموا فقط بتوسيع الباب، وتشييد مرسى الوليدية”، لنترك التاريخ لأصحابه… فالمقام نريده بيئيا.
دراسة بيئي بطعم التنمية المستدامة:
كان الأستاذ محمد وفقي قد شارك سابقا في اليوم الدراسي الذي نظمته الشبكة الدكالية لجمعيات المجتمع المدني في محور التواصل المؤسساتي تحت شعار: “أدوار المجتمع المدني في تنزيل أهداف التنمية المستدامة”. في هذا السياق اختار الأستاذ محمد وفقي أن يغوص في موضوع له أهميته ارتباطا بـ “الإشكالات البيئية بمنطقة دكالة نموذجا”.
ويرى الأستاذ محمد وفقي أن موضوع “التنمية المستدامة” قد أصبح يكتسي أهمية عالمية على اعتبار أن عالمية ذات الموضوع أصبحت تفرض ليس فقط سياسة عالمية، بل أيضا سياسات محلية، ما دام علم البيئة يرتكز أساسا على مفهوم العلاقات القائمة بين عناصر الطبيعة، وما دام أن أكبر عنصر، يتأثر بما يطرأ من تغير على أصغر عنصر والعكس أيضا.
في هذا السياق تنشر جريدة “أنفاس بريس” عصارة مداخلة الأستاذ محمد وفقي، التي يؤكد من خلالها بأن “مقاربة الواقع البيئي بمنطقة دكالة عامة، وبإقليم سيدي بنور خاصة، مبادرة ينبغي النظر إليها كفعل عليه أن يواكب السياسة الوطنية في موضوع البيئة، تلك السياسة التي جعلت من المغرب مملكة خضراء. فاعلة في السياسة البيئية العالمية، من استضافة كوب 21 حول التغيرات المناخية. إلى مشاريع الطاقة النظيفة والسياسة المائية الجديدة ومحليا إدراج الأماكن الرطبة بالوليدية ضمن اتفاقية (رامسار)”.
أربعة مداخل لمقاربة الوضع البيئي بالوليدية تقتضي:
لمقاربة الوضع البيئي بالوليدية يؤكد الأستاذ محمد وفقي يجب استحضار أربعة مداخل أساسية وهي:
ـ أولا، مقتضيات اتفاقية “رامسار” بحكم أن الأماكن الرطبة بالوليدية مدرجة ضمن الاتفاقية منذ 15 يناير2005 وأن الزيارات الملكية وما تم تسطيره خلالها من مشاريع يغلب عليه البعد البيئي.
ـ ثانيا، الدراسات العلمية وعلى رأسها الدراسة العلمية التي انجزتها الدكتورة خديجة قايد راسو بعنوان: “دراسة تفاعلات المياه الجوفية والمياه السطحية في الحوض الساحلي لبحيرة الوليدية” سنة الدراسة كانت 2008.
ـ ثالثا، الندوات المنظمة في موضوع البيئة بالوليدية، وما خرجت به من توصيات، ومن بينها ندوة من تنظيم جمعية 24 أبريل 2010 للحوض الساحلي للوليدية، ثم ندوة نظمتها الشبكة الدكالية لجمعيات المجتمع المدني، وكان ذلك سنة 2019.
ـ رابعا، الإجراءات العملية التي تم القيام بها لتأهيل الوليدية بيئيا.
أهم مظاهر الواقع البيئي بالوليدية… الاختلالات و اقتراحات لمعالجتها:
البحيرة :
“البحيرة، هي “قوام الوليدية”، ومعلمة الشريط الساحلي لإقليم سيدي بنور الذى يبلغ 14 كلم فقط، حيث عرفت وتعرف اختلالات بيئية طالت “الْمَرْجَةْ” و “الْوَلْجَةْ” حددتها الدراسة العلمية المشار إليها سابقا في مظاهر، وعوامل نذكر بعضها بتركيز شديد وهي كالتالي:
ـ نقص في حمولة المياه الجوفية العذبة، وارتفاع نسبة ملوحة وتلوث المياه الجوفية التي تصب في البحيرة بفعل عوامل تعود إلى الأنشطة الفلاحية، والتمدد العمراني، ونضيف من عندنا خاصة العشوائي منه الذي يعتمد الحفر للصرف الصحي والمياه العادمة.
ـ إن التمدد العمراني على شاطئ بحيرة الوليدية سينجم عنه تراجع للشاطئ، وتطمر الرمال رأس البحيرة والمداخل التي تغدي البحيرة بمياه البحر القادمة من المحيط. إن هذا التوقع الكارثي هو ما يجب تفاديه بكل الوسائل والاجراءات الممكنة.
ـ الحفر الدائرية الشكل موجودة على طول الشاطئ الصخري المحاذي للبحيرة بدء من نهاية الشاطئ الرملي إلى الرميلة (أي الشاطئ الرملي الموجود أمام فندق سلطانة) مرورا بالقصر الملكي و “البشكيرة” و “العواين” و “البير” و “سويغات”. حيث يقترب عددها من 20 حفرة، فما هي هذه الحفر؟ وعلى ماذا تدل؟
إن شكل هذه الحفر وقطرها وطريقة حفرها وعمقها المفترض القريب من سطح المياه الجوفية تفيد أنها بقايا لآبار كانت محفورة، وهذا يؤشر على أن ذلك الجانب من البحيرة كان حقولا زراعية تعتبر امتدادا لما تبقي من الحقول الحالية، وانها تعرضت لعملية تآكل وتعرية نتيجة تمدد البحيرة عرضا.
القضية في حاجة إلى دراسة علمية متعددة الأبعاد عن تاريخ البحيرة خاصة، وأن هناك أطروحة للأستاذ مصطفى وفقي وحديث نابع عن المخيال الشعبي يقول بان البحيرة من فعل الإنسان)
ـ تمدد البحيرة عرضا بدل الإبقاء على تمددها طولا (عند عملية المد خاصة في حالة المد الكبير)، مما ترتب عنه نقص في قوة تيار الماء، تلك القوة التي ولاشك ضرورية لجرف الوحل والرمل.
ـ إتلاف لأراضي الولجة الفلاحية
ـ ارتفاع في ملوحة المياه الجوفية المحاذية للشاطئ، بفعل تسلل مياه البحر إلى أراضي الولجة.
ـ ظاهرة الترمل والوحل
ـ التأثير على وضع البحيرة وتنوعها الإحيائي
الحلول والإقتراحات:
الحل الذى يمكن اقتراحه لتجاوز هذه الإكراهات، هو إعادة البحيرة إلى مجراها التاريخي والطبيعي الذي هو 12 كلم بجرف أحواض الملاحات، وإحداث قنطرة تمكن ساكنة أولاد اهلال والفلاحين من الولوج إلى “كاوز” (منطقة الولجة الفاصلة بين البحيرة والشاطئ الصخري على جانب المحيط حيث يتواجد ضريح سيدي داوود أحرير).
الاقتراح مطروح لعقلنته علميا. وللإشارة فإنه اقتراح تم “تجريبه وتحبيده من طرف أحد المزارعين في تربية المحار خلال الندوة التي نظمتها الشبكة الدكالية لجمعيات المجتمع المدني.
السبخة:
السّبخة وهي المعروفة تاريخيا بـ “الضَّايَةْ”، وهي في أصلها تجمعا لمياه الأمطار، وموئلا للطيور المهاجرة. وقد كان مقررا أن تكون مصبّا للمياه العادمة المعالجة، وهي أيضا مشمولة باتفاقية “رامسار”. وبالتالي وجب اتخاذ ما يلزم من احتياطات للحفاظ عليها، وفقا لمقتضيات الاتفاقية، واعتبار أن كل ما يمسّ بها جريمة بيئية. بل كان من الممكن تحويلها إلى سدّ مائي، وأن تكون مصبّا للمياه العادمة المعالجة، ولشبكة مجاري مياه الأمطار، وهذا يقودنا إلى الحديث ولو بإيجاز على مادة الماء.
حل ندرة الماء:
الملاحظ أن الحديث عن البحيرة وعن السبخة، فرض علينا الحديث عن الماء، والواقع أن المياه التي تتزود منها الوليدية هي المياه الجوفية المستخرجة من الآبار وحسب الدراسة العلمية المستحضرة في كلامنا فإن هذه المياه الجوفية مهددة بالملوحة. وإذا كان مشكل ندرة الماء يعتبر مشكلا وطنيا، ولحله لجأت الدولة إلى إحداث محطات لتحلية مياه البحر، وفي هذا السياق أنشأت بالوليدية نواة لمحطة تحلية مياه البحر، نأمل أن تكون كبيرة، تغدي حاجيات إقليم سيدي بنور فلاحيا وحضريا.
إلا أن هناك مفارقة غير مفهومة، هي أنه غير بعيد عن نواة المحطة هناك مصب لشبكة مجاري مياه الأمطار، تصب مياهها في المحيط، أي بصريح العبارة في الوقت الذي نسعي إلى تحلية ماء البحر، نرمي بمياه الأمطار الحلوة في البحر، بدل تخزينه في سد “الضَّايَةْ” أو السَّبْخَةْ.
رحم الله المغفور الحسن الثاني وهو يدافع عن سياسة السدود وقتئذ باستشهاده بقوله تعالى في القرآن الكريم: (وأرسلنا الرياح لواقح وأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين). فلابد من إعادة النظر في كيفية التعامل مع مياه الأمطار والمياه العادمة المعالجة وسبل الاستفادة منها.
الكثبان الرملية:
الحديث هنا يخص تلك الكثبان المحاذية للشاطئ الرملي المحاذي للمحيط الأطلسي المعروف باسم “الَـﯕْصَيْعَةْ”. إن هذه الكثبان في حاجة إلى حمايتها من التدمير الذي تتسبب فيه الدراجات رباعية الدفع، ومن نهب رمالها، فتلك الدراجات بمساراتها العشوائية تتسبب في تلف نباتات وأعشاب طبيعية، وتدمير أعشاش مختلف الطيور، مما يضر بالتنوع النباتي والإحيائي الذي وجب المحافظة عليه.
مطرح النفايات:
قد يكون هذا مشكل مشترك خاصة بين المراكز الحضرية، بما تسببه من روائح كريهة خاصة عند احتراقها، وهذا قد تنجم عنه أضرار صحية. والحل الذي اقترحه في هذا الباب هو إحداث محطة إقليمية لتدوير النفايات، والإستفادة منها خاصة في إنتاج الطاقة، وذلك في إطار اعتماد اقتصاد دائري قد يكون مجالا لاستثمار الخواص.
إنتاج الطاقة الريحية:
وهنا لابد من تثمين إحداث محطات إنتاج الطاقة الريحية بالوليدية، ونتمنى أن تعود بالنفع على إقليم سيدي بنور، وأن يكون لهذا الإقليم الفتي سياسة بيئية إقليمية تواكب السياسة الوطنية في البيئة، ويكون من مقوماتها خلق بيئة ثقافية بنشر وترسيخ ثقافة بيئية في زمن تعيش فيه الكرة الأرضية تغيرات مناخية من تجلياتها تمرد العناصر الكونية الأربعة (الماء والتراب والهواء والنار). فالماء إما أن يفيض فيضانا، أو يغور غورا، والتراب إما أن يتشقق أو يطير نقعا، أو يتصحر، والهواء ازداد حرارة تخنق الأنفاس، أما النار فتحرق مدنا وغابات رئة الأرض.