تقرير إخباري- “المسقي” ليلة السقوط الكبير
جهة24- آسفي
في ليلة 08 من شتنبر 2021 تاريخ الإنتخابات البرلمانية والجماعية كانت جماعة “سيدي تيجي” ضواحي آسفي التي تتربع على مخزون مهم من مادة الجبص على مستوى إفريقيا، تعج بالزغاريد وأصوات منبهات السيارات الفلاحية والسيارات المملوكة للمجلس القروي، احتفالا بفوز “مريد” المنطقة التهامي المسقي، الذي يبسط سيطرته رفقة إبنه الصغير وإبنته على المعترك السياسي والإنتخابي منذ سنوات مضت، وفيما يرأس إبنه تلك الجماعة القروية، فإن التهامي الأب عينه على ولاية برلمانية جديدة على مستوى الإقليمي.
جاءت نتائج الانتخابات، كما كانت متوقعة تمامًا، فوز التهامي المسقي بمقعد برلماني، وخرجَ الخبر السار من البوابة الواسعة لعمالة إقليم آسفي التي يرأسها الحسين شيانان، الذي كانَ أنذاك منهمكًا بأزمة تلوح في الأفق في منطقة سبت جزولة بعد تمرد قاده المحتجون الرافضون لنتائج الانتخابات متهمين السلطة بالتزوير والعمالة بالتدخل في نتائج الانتخابات.
نكبة “المريد”
فوز التهامي المسقي المتوقع، لم يكن سليمًا هذه المرة، فلعبة استخدام المال القذرة في الإنتخابات التي يبدو أن الداخلية لم تتعامل معها بالحزم المطلوب هذه المرة، لم تكن هي عثرة رجل الأعمال وذو المصالح العقارية المعروف في الأوساط المسفيوية في مدينة كآسفي لها خزان انتخابي متحكم فيه، فظهور لاعب جديد إسمه حزب “التجمع الوطني للأحرار” يضم “التجار” و”رجال المال” سال لعاب التهامي المسقي الذي كان يرثكن في حضن حزب الحركة الديمقراطية الإجتماعية، قبل أن يقفز نحو حزب التجمع الوطني للأحرار واللقاء بعزيز أخنوش زعيم حزب “رجال الأعمال” أنذاك سيحصل التهامي على تزكيتين للترشح في الإنتخابات، كانت هي آخر مسمار يدق نعشه السياسي.
جيشَ التهامي المسقي أسطول كبير من قواعده ومحبيه وزبانيته في المنطقة وخارجها، وعلى ما يبدو فإنَّ ذلك تطلب أموالا طائلة، أكد مراقبون في آسفي، أن التهامي المسقي صرفَ أكثر مما كان يصرفه في الإنتخابات الماضية من أموال، فيما خصومه الوحيدون من أبناء السبت جزولة المعروفون أيضًا بآسفي، ظلوا منهمكون بصراع يدرو في السبت جزولة، تُجيش له جهات سياسية خارجية ما يمكن أن يكسر سطوة أبناء “البام” الملقبون بـ”كاريمات”.
عاصفة المحكمة الدستورية
بالكاد بدأت تجف طقوس عيد الأضحى، دخل قضاة المحكمة الدستورية بالرباط بداية الأسبوع الجاري وهم يستعدونَ لنسخ حكم قطعي حول أوضاع الإنتخابات التي شهدها إقليم آسفي، نتيجة مذكرة رفعها منتخب ترشح بإسم حزب التقدم والإشتراكية، وجد نفسه في دائرة ضيقة وأنه غريب، بعدما حاصره المتحكمون في الخريطة الإنتخابية بالإقليم.
قبل صدور هذا الحكم، بارد الحسين شيانان، عامل إقليم آسفي، إلى محاولة التنبأ وفهم العاصفة القادمة من المحكمة الدستورية، والتي راسلته للاستفسار وإيضاح بعض المعطيات اثناء البحث والتحقيق، لكنه بعث بمراسلة رسمية للمنتخب الذي جمع كل المترشحين للانتخابات الماضية المعروفون بسيطرتهم الدائمة في جرب واحد، وقدم بهم شكاية حول جملة من الخروقات في الانتخابات، تشمل استخدام المال، والتزوير، ثم قيام السلطة بمحاباة أطراف دونها.
وفي يونيو الماضي، وجه عامل اسفي، الحسين شاينان، دعوة رسمية لمنتخب عن حزب التقدم والاشتراكي، سامي المليوي، لحضور اجتماع رسمي بعمالة اسفي. وقال مصدر من داخل عمالة اسفي ل«جهة24» إن المراسلة جاءت تبعا لكتاب الأمين العام للمحكمة الدستورية حول الطعن في العملية الانتخابية التشريعية العامة المباشرة لانتخاب اعضاء مجلس النواب للدائرة الانتخابية لاسفي. وقالت مصادر الجريدة، ان المنتخب المذكور، تجاهل استدعاء عامل اسفي الذي سعى للاجتماع معه في 08 يونيو ، منتظرا قرار المحكمة الدستورية النهائي.
إسقاط المسقي
وألغت المحكمة الدستورية بالرباط، انتخاب “التهامي المسقي” عن الحركة الديمقراطية الاجتماعية عضوا بمجلس النواب. وأمرت بتنظيم انتخابات جزئية في الدائرة الانتخابية المحلية آسفي، بخصوص المقعد الذي كان يشغله. كما قضت برفض طلب إلغاء انتخاب باقي الأعضاء الخمسة بالبرلمان الذين فازوا على إثر الاقتراع الذي أجري في 8 سبتمبر 2021. ورأت من غير الحاجة للبت في المآخذ المثارة في شأن الطعن الموجه ضدهم.
وجاء قرار إلغاء مقعد برلماني بآسفي، الصادر عن المحكمة يوم الخميس 14 يوليوز الجاري والذي ارتكزت عليه المحكمة في قبول الطعن ضد “المسقي”، أنه كان ينتمي إلى حزبين سياسيين في آن واحد، إذ انتخب باسم الأول (الأحرار) في الغرفة الفلاحية لجهة مراكش- آسفي، وانتخب باسم حزب ثان (الحركة الديمقراطية الاجتماعية) في الانتخابات التشريعية، مما يجعل ترشيحه مخالفا للقانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية.
صكوك الاتهامات تحوم حول عامل الإقليم
وإذا كانت بعض الدفعات والتعليلات المدرجة بقرار المحكمة الدستورية لا تكفي لإدانة وعزل باقي المنتخبين محمد كاريم (الأصالة والمعاصرة)، وهشام سعنان (الاستقلال)، وعادل السباعي (الحركة الشعبية)، ومحمد الحيداوي (التجمع الوطني للأحرار)، والتهامي المسقي (الحركة الاجتماعية الديمقراطية)، وفيصل الزرهوني (الاتحاد الدستوري)، نظرا لصياغة النص القانوني وتشبع القضاة بالقناعات الكافية للحكم ووزنها، فإنها على الأقل، تُدين هنا، سياسيا، وأخلاقيا عامل إقليم آسفي الحسين شاينان الذي أشرف على هذه الإنتخابات، ومن بين تلك الخروقات كما جاء في نص القرار، نجد مايلي:
في جماعة سيدي تيجي، التي يبسط التهامي المسقي سيطرته عليها، تبين أن قائد المنطقة والذي يفترض فيه الحياد، فإنه رفض تسليم وثيقة انتداب ممثلي الطاعن بمكاتب التصويت، وخلال الإنتخابات المذكورة، تبين أيضًا أن مجموعة من صناديق الاقتراع لم يتم فرز الأصوات المودعة بها، ولا إحصاؤها داخل مكاتب التصويت المعنية، بل نقلت إلى جهات أخرى حيث تم إنجاز المحاضر المتعلقة بها.
وتُشير الدفعات المسجلة، أن عامل الإقليم قام بإعلان نتائج الاقتراع دون التوصل بباقي محاضر المكاتب المركزية، كل ذلك في مخالفة لأحكام المادتين 80 و84 المشار إليهما؛ فيما كشفت المحكمة الدستورية، أن عامل آسفي، غير مؤهل لإعلان النتائج، بينما الجهة المختصة هي لجنة الإحصاء الإقليمية.