الجهة 24- آسفيكشفت صحيفة لوموند الفرنسية، في تقرير ميداني من مدينة آسفي، عن حجم المأساة التي خلّفتها الفيضانات العنيفة التي ضربت المدينة منتصف دجنبر الجاري، مستندةً في جزء من توثيقها إلى مقاطع فيديو متداولة، من بينها تسجيلات ومعطيات نشرها موقع “الجهة24”، تُظهر انسداد مخرج وادي الشعبة ووجود كتل إسمنتية تعيق تدفق المياه نحو البحر.ووصفت الصحيفة، في تحقيق أعدّته موفدتها الخاصة إلى آسفي، ما جرى في المدينة العتيقة بأنه كارثة إنسانية كشفت هشاشة البنية التحتية، وعمّقت شعور السكان بالتهميش والإقصاء، في واحدة من أسوأ الفيضانات التي شهدها المغرب خلال العقد الأخير، والتي أودت بحياة ما لا يقل عن 37 شخصًا، وفق حصيلة رسمية.مياه جارفة في أقل من ساعةوبحسب لوموند، فإن أمطارًا رعدية غزيرة هطلت في ظرف زمني وجيز، لم يتجاوز ساعة واحدة، كانت كافية لتحويل أزقة المدينة العتيقة إلى سيول موحلة جارفة، داهمت المنازل والمحلات التجارية، وجرفت السيارات والممتلكات، وحاصرت مئات الأسر دون سابق إنذار. ونقلت الصحيفة شهادات مؤثرة لعدد من السكان، من بينهم حرفيون وتجار، أكدوا أن المياه ارتفعت إلى مستويات خطيرة داخل البيوت، متسببة في انهيارات جزئية للجدران، وخسائر مادية جسيمة، فضلًا عن الصدمة النفسية التي لا تزال آثارها قائمة.اتهامات بالإهمال وغياب الصيانةوسلط التقرير الضوء على وادي الشعبة، الذي يصب في المحيط الأطلسي بمحاذاة المدينة العتيقة، باعتباره أحد المحاور الرئيسية للجدل. إذ عبّر عدد من السكان وفاعلين محليين عن قناعتهم بأن انسداد مجرى الوادي وسوء صيانة قنوات تصريف مياه الأمطار ساهما بشكل مباشر في تضخيم حجم الكارثة.وفي هذا السياق، أشارت لوموند إلى مقطع فيديو، جرى تداوله على نطاق واسع ونشره موقع “الجهة24”، يُظهر كتلة إسمنتية ضخمة تسدّ مخرج الوادي نحو البحر، ما أعاد إلى الواجهة تحذيرات سابقة من مخاطر تجاهل هذا المقطع الحيوي.في المقابل، نقلت الصحيفة توضيحات صادرة عن الشركة الجهوية متعددة الخدمات، التي نفت مسؤوليتها المباشرة عن تدبير الوادي، مؤكدة أن عمليات تنظيف وقائية لشبكة التطهير السائل أُنجزت قبل موسم الأمطار، بينما لم تصدر الجماعة الترابية لآسفي أي رد رسمي، بحسب لوموند.مناخ متطرف… لكن الأسباب ليست طبيعية فقطوأكدت الصحيفة، نقلاً عن باحثين في علوم المناخ والهيدرولوجيا، أن التغيرات المناخية تلعب دورًا متزايدًا في شدة الظواهر الجوية، خصوصًا بعد سنوات من الجفاف التي جعلت التربة أقل قدرة على امتصاص المياه، غير أن هؤلاء شددوا في الوقت نفسه على أن العامل المناخي لا يفسر وحده حجم الخسائر.«نحن مدينة تنتج الثروة ولا تستفيد منها»وسجلت لوموند تصاعد خطاب الغضب في أوساط سكان آسفي، الذين يعتبرون أن مدينتهم، رغم ما تحتضنه من أنشطة صناعية كبرى، خصوصًا في مجال الفوسفاط، لا تحظى باستثمارات كافية في البنية التحتية الأساسية، وعلى رأسها تأهيل المدينة العتيقة وحمايتها من مخاطر الفيضانات.واعتبرت الصحيفة أن ما حدث في آسفي يعيد إلى الواجهة النقاش الواسع حول الفوارق المجالية والاجتماعية، وما يصفه السكان بـ«مغرب بسرعتين»، حيث تحظى بعض المناطق بالحماية والتجهيز، بينما تُترك أخرى لمواجهة الكوارث بإمكانات محدودة.تحقيق قضائي وأسئلة مفتوحةوختمت لوموند تقريرها بالإشارة إلى إعلان النيابة العامة المغربية فتح تحقيق لتحديد أسباب الفيضانات والمسؤوليات المحتملة، في وقت لا يزال فيه سكان المدينة العتيقة يطالبون بإجابات واضحة، وإجراءات ملموسة، تضمن عدم تكرار المأساة. تصفّح المقالاتالسطي: ندعو الحكومة إلى إعلان آسفي “منطقة منكوبة” وتفعيل نظام التعويضات وجبر الضرر آسفي: منع وقفة تضامنية مع ضحايا الفيضانات والأمن يُطوق المدينة العتيقة