ربورتاج- مصير منطقة “أولاد سلمان” ضواحي آسفي في كف عفريت جراء مخططات لمحو المنطقة من الخريطة ووهبها للمكتب الشريف للفوسفاط
الجهة24- آسفي
بتنوعها القروي والإيركولوجي وتراثها وجغرافيتها الجذابة المطلة على البحر، ستُصبح منطقة أولاد سلمان الساحلية التي تبعد عن آسفي بحوالي 7 كيلومترات، عبارة عن قرية “أشباح” بعدما سيضع يده المكتب الشريف للفوسفاط على آخر ما تبقى من أراضيها، وما يميزها من السوق الأسبوعي المعروف بسوق “المشرك” إذ سيُصبح من الماضي انطلاقا من شهر فبراير المقبل وستختفي مئات أشجار الأركان التاريخية والتي اشتهرت بها المنطقة إلى امتداد الصحراء المغربية.
وقال رئيس المجلس الجماعي لمنطقة أولاد سلمان ربيع شعود خلال أشغال الدورة الاستثنائية للمجلس في يناير الجاري، إن بداية الأشغال المتعلقة بمشروع المجمع الشريف للفوسفاط بالجماعة باتت قريبة، مبرزا أن هذا المشروع سينجز في مرحلة أولى على 120 هكتار تقريبا.
وأشار رئيس المجلس الجماعي الذي غير انتمائه السياسي مع انطلاقا الحملة الانتخابية لشتنبر 2021 من حزب التقدم والاشتراكية إلى حزب الاستقلال، إلى قرب تغيير مكان السوق الأسبوعي “أحد المشرك” على اعتبار بداية الأشغال قد تكون مع بداية شهر فبراير المقبل، وستكون ارض السوق الأسبوعي مكانا لوضع آليات الشركات التي ستقوم بالإشغال.
ويسعى المكتب الشريف للفوسفاط الذي يتقاسم المنطقة مع شركة متعددة الجنسيات المكلفة بتدبير المحطة الحرارية للفحم الحجري إلى إنجاز مشاريعه على مساحة تقدر ب 1300 هكتار، ستشمل انجاز محطة للتحلية وبناء محطة للشحن و انجاز ستة أرصفة بالميناء الأطلسي بآسفي.
ولا يقدم المكتب الشريف للفوسفاط، للفلاحين الصغار المحيطين بمصانعه في أولاد سلمان أي مساعدة اجتماعية تعويضا على الضرر، فيما لا يبيع أيضًا اسمدته المخصصة للتربة، وقال أحد الفلاحين في المنطقة: إن التلوث أدى إلى عواقب وخيمة على المنطقة، تضررت معها بشكل بالغ ونفقت المواشي والحيوانات.
رفض لمحو الذاكرة وخصوصية المنطقة
وعبر عدد من سكان المنطقة في تصريحات متباينة لموقع “الجهة24” عن رفضهم للمخططات والتي قالوا إنها تُحبَك في الكواليس ضدهم وضد مصير أراضيهم، في محاولة لتشريدهم مقابل اثمنة بخسة، عبرة مسطرة نزع الملكية.
وقال سعيد البداوي من سكان وملاك الأراضي بالمنطقة، إن أثمنة نزع الملكية التي تقدم لملاك الأراضي هي اثمنة لا يقبلها العقل، حيث تتولى الدولة نزع الأراض، وتوهبها للمستثمرين والشركات الخاصة للانتفاع منها، ويتم تهجير السكان القرويين وفي أيدهم مبالغ مالية لا تمكنهم من شراء عشرة أمتار من الأرض لبناء سكن في المدينة، فيما يبقون لاحقًا بدون مورد عيش.
وقال ميلود، أحد الفلاحين وسكان المنقطة لـ”جهة24″ إنه عام 2021، جرى هدم صومعة المسجد بالمنطقة قبالة المحطة الحرارية، وقدمت السلطات المحلية وعودا للمصلين بإعادة بناءها نظرا لأن الصومعة كانت تشكل خطرا على سلامتهم، غير أن ذلك لم يتم حتى الآن، مؤكدا أن الهدف من ذلك هو نزع الهوية الاجتماعية للمنطقة، لتبقى دون حركة ورواج، حتى يسهل الاستيلاء على الأراضي فيها وتهجير الأهالي منها.
وبنسبة لأحمد، الذي التقته “الجهة24” وهو يشتري حاجياته من الخضر والفواكه في السوق الأسبوعي، إن هذا السوق يمثل أحد أبرز الركائز للمنطقة والباعة وسكان، كما أنه سوق يجذب الزوار من مختلف الجهات والأقاليم، فيما تشير المعطيات المتوفرة، أن السوق المذكور شملته مسطرة نزع الملكية هو الأخر.
ولا يبعد، الموقع الذي يضم السوق الأسبوعي وبناية المسجد، وتُحيط به مقرات شركات خاصة، ومنازل سكنية، وغرف تخزين، عن موقع مشروع المحطة الحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية إلا بأمتار قليلة، وتُدير هذه المحطة الحرارية مجموعة متكتلة في شركة “سافييك” تضم شركات متعددة الجنسيات وهي: “شركة “أنترناشيونالباور” من بريطانيا وشركة “ناريفا هولدينغ” التابعة للهولدينغ الملكي المغربي و”أو دي إفأنترناشيونال” من فرنسا ثم “تشاينادتانغكوربورايشن” من دولة الصين”.
وبعدما حظيت هذه الشركات، بامتيازات نزع الملكية بأسعار بخسة، فإنَّ عددًا من الدواوير والأراضي مازالت تجاورها، وهي الأراضي والبنايات التي تسعى المجموعة إلى استئصالها من المنطقة، مقابل الأسعار التي قررت سلفًا، وتُدبر هذه العملية، وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك، ومن ضمن هذه الأراضي توجد البناية التي يوجد فيها المسجد الوحيد للسكان في المنطقة.
وحسب معطيات موثوقة فإنَّ نوايا مسؤولين في عمالة آسفي، ترنو إلى إزاحة ما تبقى من الأراضي وتصفيتها نهائيا، وتواجد مسجد في المنطقة تابع لأملاك الأحباس وتشمله القاعدة الرابعة من قانون نزع الملكية، يُشكل احراجا للسلطات.
ومنذ سنة 2017، ظل سكان هذه المنطقة يقودون احتجاجات من أجل “الأرض” ورفضًا للنزوح الإجباري نحو المدينة مقابل أسعار بخسة، إذ وفقًا للمعطيات التي حصل عليها موقع “لكم” فإنَّ 8000 ألف نسمة من سكان المنطقة مهددون بالنزوح.
و استسلمت العشرات من الأسر لضغط شركات متعددة الجنسيات مكلفة بتوطين مشروع المحطة الحرارية، و أخرى مازالت تصارع في أروقة المحاكم، ومكاتب وزارة التجهيز والنقل، حول مصير أراضيهم لإقامة وحدة صناعية لفائدة المكتب الشريف للفوسفاط، حيث لم يتعدى الثمن الممنوح في كلا المراحل 50 درهمًا على أكبر تقدير، و20 درهمًا في غالب الحالات للمتر المربع.
ورفضَت مئات الأسر عملية النزوح الإجبارية، مقابل اثمنة تتراوح بين 20 و30 و50 درهمًا للمتر المربع، واعتبروها أثمنة مهينة مقياسا مع الأثمنة الأخيرة التي اعتمدتها الدولة قبل سنوات قليلة في نزع أراضيهم والتي وصلت في بعض المناطق إلى 300 درهم للمتر الواحد.